جلال طالباني |
اعتبر الرئيس العراقي جلال طالباني أن أي تدخل أجنبي في سوريا سيكون أمراً مرعبًا، وأكد تخوف بلاده من بديل متطرف يخلف نظام الرئيس بشار الأسد، وأشار إلى أن مبادرة الجامعة العربية يمكن أن تكون حلاً مناسباً للأوضاع هناك.. وقال إن العراق بحاجة إلى وجود أميركي بعد اكتمال الإنسحاب بنهاية الشهر المقبل، سواء كمدربين أو كقوة مساعدة ضد الإرهاب والتدخل الخارجي، وكشف عن اتفاق سابق بين الحكومتين المركزية والكردستانية، يقضي باستثمار الأكراد لنفط إقليمهم، ونفى تقديمه عرضًا لاستضافة عائلتي القذافي والأسد في كردستان.
العراق متخوف من بديل متطرف ومن تدخل أجنبي في سوريا
قال طالباني في مقابلة خاصة مع قناة quot;العراقيةquot; الرسمية، عرضت في وقت متأخر من الليلة الماضية، تعليقًا على التطورات، التي تشهدها المنطقة العربية، والتي أطلق عليها quot;الربيع العربيquot;، إن العراق يرحّب بانتفاضات الربيع العربي بصورة عامة، ويؤيد نضالات الشعوب العربية من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان وانبثاق حكومات برلمانية دستورية.
وأضاف أنه يعتقد بالنسبة إلى الوضع في سوريا أن المبادرة العربية يمكن أن تكون أساسًا صالحًا لحل المسائل في هذا البلد. وقال quot;بذلنا جهودًا من أجل إنجاح المبادرة العربية، ونؤيد العمل السلمي السياسي من أجل الديمقراطية ووجود حكومة مدنية دستورية في سوريا، ونؤيد العمل من أجل الإصلاحات التي يريدها الشعب السوري، ولكن نحن قلقون من البديل، والخشية أن تأتي قوى متطرفة تعادي الديمقراطية، وتعادي العراق الديمقراطي، وتعادي المغزى الحقيقي للربيع العربيquot;. وأشار إلى أن مثل هذا التطور سيؤدي إلى إفراغ الربيع العربي من محتواه الحقيقي.
وعارض طالباني بشدة فكرة التدخل العسكري الأجنبي في سوريا، وقال إنه quot;شيء مخيفquot;. وأضاف قائلاً quot;لا أخفي أننا قلقون من البديل في سوريا.. كما إننا خائفون من الطرف المتطرف إذا حل محل النظام الحالي هناك؟quot;.
وأكد طالباني معارضته التدخل العسكري الأجنبي في سوريا، وقال quot;نحن نعارض التدخل الغربي المسلح، ونعتقد أن المبادرة العربية يمكن أن تكون أساسًا صالحًا للحل في سورياquot;. وأشار إلى أن التهديد التركي بالتدخل في سوريا يمثل أمرًا مخيفًا.
وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد دعا في الشهر الماضي السطات السورية إلى انتهاج أسلوب ديمقراطي، والعمل على إنهاء سياسة الحزب الواحد الحاكم.. كما تحفظت الحكومة العراقية خلال الأسبوع الماضي على قرار الجامعة العربية تعليق مشاركة الوفود السورية في اجتماعات الجامعة.
العراق بحاجة إلى وجود أميركي بعد نهاية هذا العام
حول الانسحاب الأميركي من العراق في نهاية الشهر المقبل وإمكانية القوات العراقية في مسك الأمن بعد الانسحاب، أشار طالباني إلى أن القوات العراقية قادرة على صيانة الأمن، كما هي الحالة الآن، ولكن هناك خللاً في الدفاع الجوي والبحري، وكذلك في استعمال الأسلحة الجديدة.
وأوضح أنه إطلع كرئيس للجمهورية على تقارير من المسؤولين في الجيش العراقي quot;تؤكد على احتياج العراق إلى وجود أميركي أو على الأقل وجود مدربين أميركيين، لأنهم يقولون إننا لسنا قادرين على حماية أجوائنا ومياهنا، ولا على استعمال الأسلحة التي سنشتريها أو التي حصلنا على بعض منها من الأميركيينquot;.
وأضاف quot;قلت هذه الحقيقة في اجتماع قادة الكتل السياسية، لكنني لا أعتقد أن انسحاب الأميركيين سيكون كارثة على العراق، وباعتقادي أن بلدنا يستطيع أن يحفظ أمنه الداخلي.. ليست الحكومة فقط، بل القوى السياسية المساهمة في العملية السياسية، التي شاركت في النضال ضد الدكتاتورية (للنظام العراقي السابق) وقوات البيشمركه (الكردية) مستعدة للدفاع وللعمل في أي منطقة، تقررها الحكومة لفرض الأمن والاستقرارquot;.
وأكد أن ضباط الجيش العراقي قاطبة، وبدون تمييز، يريدون بقاء معينًا للأميركيين، سواء كمدربين أو كقوة مساعدة للعراق ضد الإرهاب وضد التدخل الخارجي. وأشار إلى أن المواقف السياسية هي التي دفعت بالآخرين إلى اتخاذ مواقف أدت بالنتيجة إلى عدم اعطاء الأميركيين الحصانة التي اشترطوها للبقاء في العراق. وقال quot;أعتقد أنه كان هناك عدم تقدير صحيح لضرورة وجود المدربين الأميركيين في العراقquot;.
وأضاف أن المالكي، الذي سيزور واشنطن قريبًا، سيحاول إيجاد حل لمشكلة المدربين، مشيرًا إلى أن التعاقد مع شركات خاصة قد يكون أحد هذه الحلول.. وقال quot;قد نتفق مع بعض الدول الأوروبية على تدريب العراقيين على استعمال الأسلحة الأميركية التي اشتريناهاquot;.
وأمس، قال مسؤولون عراقيون وأميركيون إن حوالى 700 مدرب أميركي، معظمهم مدنيون، سيساعدون قوات الأمن العراقية، عندما تغادر القوات الأميركية العراق بحلول نهاية العام.
وهذا العدد منخفض كثيرًا عن الرقم الذي ناقشته واشنطن وبغداد في إحدى المراحل، والبالغ بضع آلاف من الجنود والمتعاقدين. فعدد الجنود والمدربين الأميركيين، الذين سيبقون في العراق، كان موضوعًا لأشهر من المحادثات غير الرسمية قبل القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي باراك أوباما في الشهر الماضي بإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق. وستغادر بقية القوات الأميركية، والتي يقل عددها الآن عن 20 ألفًا، البلاد قبل نهاية العام.
وقال مسؤول عسكري أميركي إن حوالى 700 مدرب مدني من المتوقع أن يبقواإلى جانب 157 عسكريًا، سيكونون ملحقين على مكتب التعاون الأمني في السفارة الأميركية، وقوة حراسة تتألف من 20 إلى 25 من مشاة البحرية.
من جانبه، قال مسؤول أمني عراقي بارز quot;لم تعد هناك محادثات بشأن هذه المسألة والعدد الإجمالي النهائي للمدربين الأميركيين هو 740، معظهم متعاقدون مدنيون، للتدريب على الأسلحة، وعدد قليل فقط ضباط عسكريونquot;.
وأضاف أن المدربين سيعملون في قواعد عراقية في بغداد وتكريت وكركوك والبصرة والناصرية وبسمايا والتاجي وإربيل. وأوضح أنه سيجري إلحاق ما يزيد قليلاً عن 100 مدرب على وزارة الداخلية لتدريب الشرطة، وسيعمل الباقون مع وزارة الدفاع. وأضاف قائلاً quot;هم ليس لديهم أي حصانة، لكنهم سيكونون جزءًا من وفد السفارة الأميركية في العراقquot;.
ويحتاج العراق خبراء أميركيين لتدريب قواته الأمنية على دبابات وطائرات مقاتلة ومعدات أميركية أخرى مع قيامه بإعادة بناء جيشه بعد حوالى تسع سنوات من الإطاحة بالنظام العراقي السابق عام 2003.
الوضع السياسي العراقي تسوده ثقافة الخلاف والاتهامات
في ما يخص الأوضاع السياسية في العراق حاليًا، قال طالباني إن هناك أسبابًا عديدة للجمود في الموقف السياسي أو عدم تحريك الموقف نحو ما هو مطلوب، ومن هذه الأسباب عدم وجود ثقة كافية بين السياسيين، وحتى العاملين في الحكومة الواحدة أو في البرلمان، وعدم الالتزام بالاتفاقات السابقة واللاحقة وعدم الالتزام بالتضامن الوزاري. وأضاف أن التجاوب مع المحاولات لحل خلافات الكتل التي بذلت لم يكن بالمستوى المطلوب.. وقال إن quot;ثقافة الخلاف وثقافة الاتهامات هي السائدة مع الأسف الشديد، رغم أننا نعرف بعضنا جيدًاquot;.
وحول رأيه بتهديدات قوى سياسية بسحب الثقة عن حكومة المالكي، قال الرئيس العراقي quot;أنا ضد سحب الثقة من المالكي، ورأيي كان ومازال حتى هذه اللحظة أن بديل المالكي هو المالكي نفسه، ولا توجد هناك حالة حقيقية لتغيير المالكي، وهذا رأيي كرئيس للجمهورية، ورأي القيادات الكرديةquot;.
وعن مبادرته الجديدة لجمع قادة القوى السياسية قريبًا، قال quot;سأسعى إلى لقاء موسع معكل القوى السياسية، بما فيها المشاركة وغير المشاركة في الحكومة، وأدعو قبل ذلك إلى اجتماعات ثنائية وثلاثية، وأسعى مثلاً إلى اجتماع بين أقطاب الكتل، وبعدد محدود، لتكون الصراحة هي السائدة، ثم أدعو إلى اجتماع لكل الكتل السياسية، بما فيها غير المساهمة في الحكومةquot;.
وأكد أن الملامح الأساسية لهذه المبادرة هي الاتفاق على برنامج عملي مشترك وزاري ونيابي، والاتفاق على موقف من القضايا الملتهبة، مثل الموقف من الربيع العربي والمواقف من البعث الصدامي والموقف من الإرهابquot;.
يذكر أن الدعوة إلى القمة السياسية الجديدة، التي ستكون الرابعة، في حال عقدها منذ بداية الصيف الماضي، تأتي في وقت تشهد الساحة السياسية خلافات واسعة بين الكتل السياسية، لا سيما بين دولة القانون بزعامة المالكي والقائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، والتي تشهد علاقاتهما تأزماً بسبب الخلاف على تنفيذ بنود اتفاقية أربيل، التي وقعت بين الكتل السياسية في أواخر العام الماضي، وتشكلت بموجبها الحكومة العراقية، لكن بنودًا أخرى فيها لم تنفذ بعد.
وتتهم العراقية ائتلاف دولة القانون، بزعامة المالكي، بالالتفاف على اتفاقيات إربيل، التي تشكلت بموجبها الحكومة الحالية في أواخر العام الماضي. فبعد مفاوضات شاقة استمرت أشهرًا، بعد الانتخابات النيابية العامة، التي جرت في مطلع العام الماضي، توصلت الكتل السياسية إلى اتفاق لتشكيل حكومة شراكة وطنية، لكن الخلافات لا تزال قائمة بين كتلتي علاوي والمالكي، ولاسيما المتعلق منها بالوزارات الأمنية، وتشكيل المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية.
وكثيرًا ما اتهمت القائمة العراقية ائتلاف المالكي بالتنصّل من الاتفاقات المبرمة، وانضم إليها ائتلاف الكتل الكردستانية أخيرًا عندما مررت الحكومة مسودة لقانون النفط والغاز اعترض عليها الأكراد.
اتفاق جنتلمان بين الحكومتين المركزية والكردستانية لاستثمار نفط الإقليم
أما في ما يتعلق بالعلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بشأن العقود النفطية، فقد أشار طالباني إلى أن quot;الدستور العراقي حدد في مادته 111 أن النفط ثروة وطنية أينما كانت.. وأينما وجد النفط، فالنفط للعراقيين جميعًا، وهناك اتفاق جنتلمان بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم يجيز لحكومة الإقليم عقد اتفاقات، حتى يتم إقرار قانون النفط والغاز في مجلس النواب، وحيث إن القانون لم يقر بعد، يجوز لحكومة الإقليم عقد الاتفاقيات، وبعد إقرار القانون، لا يجوز لحكومة الإقليم أن تعقد أية اتفاقيات نفطية من دون موافقة المركزquot;.
وعن القصف التركي والإيراني لأراضي العراق الشمالية في إقليم كردستان، قال طالباني إن quot;قصف المناطق الحدودية من قبل الدولتين يخالف القانون الدولي، ويخرق استقلال العراق وسيادته، وحاولنا إقناع القوى المسلحة الكردية الإيرانية والتركية بأن العصر ليس عصر الكفاح المسلح، بل هو عصر النضال البرلماني نضال جماهيري وإعلامي ودبلوماسيquot;.
وتعارض الحكومة العراقية بشدة حاليًا عقدًا أبرمتهأخيرًا شركة إكسون موبيل مع حكومة كردستان للتنقيب عن النفط في ست مناطق امتياز في الإقليم، مما أدخلها في الخلاف مع بغداد بشأن حقوق النفط والأراضي. وأدى دخول إكسون كردستان إلى مواجهة سياسية بين واحدة من أكبر شركات النفط في العالم وبين الحكومة العراقية العازمة على فرض سيادتها مع انسحاب القوات الأميركية بعد نحو ثمان سنوات من سقوط حكم الرئيس السابق صدام حسين.
وقال حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء لشؤون النفط ومنسق العديد من صفقات العراق مع شركات أجنبية والمتشدد تجاه استقلال كردستان في إدارة موارد النفط الثلاثاء إن الحكومة تدرس فرض عقوبات على إكسون. وكانت بغداد قد حذرت بالفعل من أن أي اتفاق تبرمه شركة أجنبية مع كردستان سيعتبر غير قانوني، قائلة إن خطوة إكسون يمكن أن تهدد عقدها لتطوير المرحلة الأولى من حقل غرب القرنة في جنوب العراق، الذي تبلغ احتياطياته 8.7 مليار برميل.
ورغم أن الخلاف يؤدي إلى عدم حصول الشركات في كرستان على كامل إيرادات التصدير حتى الآن، تعرض حكومة كردستان اتفاقات جذابة بنظام المشاركة في الإنتاج، تمكن الشركات من تحقيق أرباح من مبيعات النفط، بالمقارنة مع عقود الخدمات في الجنوب.
ولم تعلق إكسون نفسها على الصفقة، لكن آخرين ينتظرون بالفعل، منهم رويال داتش شل. وقالت الإدارة الأميركية أمس إنها حذرت إكسون من المخاطر السياسية والقانونية لتوقيع العقود من دون موافقة الدولة. ويرى بعض المراقبين في خطوة إكسون محاولة لإجبار بغداد والسلطة في أربيل على حل خلافاتهما، بدلاً من ترك التوترات تؤثر على الاستثمارات. لكن الحل قد يكون معقدًا، إذا كان أي من المناطق الست، التي وقعت إكسون عقودًا بشأنها، تقع في الأراضي المتنازع عليها.
استضافة عائلتي القذافي والأسد
حول ما أشارت إليه تقارير عن عرضه لاستضافة عائلتي العقيد الليبي معمّر القذافي والرئيس السوري بشار الأسد في إقليم كردستان، فقد نفى طالباني بشدة ذلك، وقال quot;لم يتم إجراء أي اتصال معي في هذا الموضوعquot;.
وكانت التقارير أشارت إلى أن العرض المزعوم لطالباني جاء تقديرًا لمواقف القذافي المؤيدة للقضايا الكردية، فيما يأتي العرض المقدم للأسد نظرًا إلى العلاقات المتينة التي تربط العراق وسوريا حاليًا.
التعليقات