محتجون عراقيون ضد الاقاليم

مع وصول مشروع قانون للرئيس العراقي جلال طالباني لإلغاء التغييرات التي أجريت على حدود المحافظات العراقية خلال حقبة النظام السابق إلى مجلس النواب والاستعداد لمناقشته برلمانياً بدأت تظهر خلافات وشد طائفي بين مختلف الكتل العراقية بالترافق مع مطالبة بلدات عراقية بالانفصال عن محافظات والإنضمام الى أخرى.


علمت quot;إيلافquot; أن مشروع القانون الذي أعلنته رئاسة الجمهورية العراقية يقضي بإلغاء جميع التغييرات في الحدود الادارية لمحافظات البلاد الثماني عشرة وحمل اسم quot;إلغاء التلاعبات غير العادلة في الحدود الإدارية للمحافظات والأقضية والنواحي كافةquot; وذلك بهدف إلغاء جميع قرارات مجلس قيادة الثورة والمراسيم الجمهورية والإجراءات التي قامت بها السلطات العراقية خلال حقبة الرئيس السابق صدام حسين في تغيير خريطة الحدود الادارية quot;لأهداف سياسية وعنصرية تهدف إلى إحداث تغييرات سكانية في مختلف مناطق البلادquot;.

ومن شأن المصادقة على القانون المثير للجدل إلغاء جميع القرارات السابقة في هذا الشأن وإعادة حدود المحافظات والاقضية والنواحي في جميع أنحاء العراق كما كانت عام 1968 حين استلم حزب البعث السلطة بانقلاب عسكري على حكم الرئيس السابق عبد الرحمن عارف.

وأشار مصدر برلماني سألته quot;إيلافquot; عن مدى قانونية طلب بعض ادارات أقضية او نواحٍ بالانسلاخ عن محافظاتها والانضمام الى اخرى الى ان قانون الاقاليم والمحافظات الساري المفعول حاليا قد شرع عام 2008 من اجل رسم الحدود الادارية لكل محافظة من ضمنها الاقضية والنواحي وبالتالي فلا يوجد اي نص دستوري يسمح بانفصال أي قضاء عن اي محافظة مهما كانت ردود افعال اهالي تلك الاقضية.

وفي آخر التطورات حول القانون فقد طالبت مدينتان شمال العاصمة بالانسلاخ عن محافظتيهما وتشكيل محافظتين مستقلتين كما طالبت مدينتان من محافظة صلاح الدين الغربية الانسلاخ عنها والانضمام الى محافظة بغداد.

فقد أكدت الجبهة التركمانية العراقية في بيان تسلمته quot;إيلافquot; دعوتها لتحويل قضاءي طوز خورماتو وتلعفر الى محافظتين تركمانيتين نظرا لان معظم سكانهما ينتمون الى المكون الثالث في البلاد وهم التركمان.
وشددت على ان تحويل قضاءي تلعفر وطوز خورماتو الى محافظتين يشكل احد اهم الاهداف الاستراتيجية للجبهة التركمانية التي سبق لها وان قدمت مشاريع بهذا الخصوص وستستمر في العمل على تحقيقها. وتتبع طوزخرماتو محافظة صلاح الدين حاليا بعد أن سلخها النظام السابق من محافظة كركوك فيما تتبع تلعفر محافظة نينوى الشمالية.

وبالترافق مع ذلك، فقد أعلنت قائمقاميتا قضاءي الدجيل وبلد اللتين تسكنهما غالبية شيعية عن تقديمهما طلبا رسميا للإنفصال عن محافظة صلاح الدين الغربية السنية والانضمام إلى محافظة بغداد والعودة الى الحدود الادارية للعاصمة بغداد لعام 1958.

صلاح الدين تعتبر طلب الانسلاخ سياسياً وطائفياً

وقد ردّ مجلس صلاح الدين على الفور على هذا الطلب معتبرا أنه خطة لتعطيل مشروع تحويل المحافظة الى إقليم.. وقال ان هذه المطالبة تعبّر عن توجه سياسي وطائفي. ونقلت وكالة السومرية نيوز عن نائب رئيس المجلس سبهان ملا جياد قوله إن quot;طلب قائمقامي بلد والدجيل بالانسلاخ عن صلاح الدين إداريا والالتحاق بمحافظة بغداد يهدف إلى تعطيل خطوات تحويل المحافظة إلى إقليمquot;.

وأضاف أن quot;الطلب غير دستوري ولم يبن على مصالح أهل القضاءينquot; مشيراً إلى أنه quot;جاء بدوافع طائفية وسياسية تحركه كتل معارضة لخطوتنا الرامية إلى تحويل صلاح الدين إلى إقليم إداري واقتصاديquot;. وشدد على أن طلب محافظة صلاح الدين التحول الى إقليم مستقل اداريا واقتصاديا لن يكون على أسس طائفية أو عرقية مطلقا.

وقد أثارت هذه المطالبات ردود فعل القوى السياسية حيث اعتبرت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي أن مطلب قضاءي بلد والدجيل في محافظة صلاح الدين بالانضمام إلى العاصمة بغداد سيفتح الباب أمام مطالبات مماثلة.. بينما أكدت كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري أن طلب قضاءي الدجيل وبلد بالانفصال عن صلاح الدين دليل على أن المواطنين ضد إقامة الإقليم وحريصون على البقاء في مدار الفضاء الوطني ووحدة العراق مشيرا الى ان الامر يمثل أمرا سلبيا ومقلقا يدخل البلاد في إشكالات كبيرة من النواحي الإدارية في المحافظات الأخرى الأمر الذي ستكون له أبعاد سياسية خطيرة.

مخاوف من منزلقات خطيرة

ويشير مراقبون إلى أن ما يشهده العراق على هذا الصعيد أمر خطير وقد يقود البلاد الى منزلقات لا تحمد عقباها موضحين في هذا الاطار ان الاكراد يطالبون بكركوك كلها وبمناطق من محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين وواسط.. وبغداد تنادي باستعادة بلدتي الدجيل وبلد من صلاح الدين.. وكربلاء تطالب بقضاء النخيب من الانبار.. وذي قار بناحية بصية من المثنى.. وأخيرا ولايبدو انها الاخيرة حيث تطالب اليوم محافظة ميسان بناحية شيخ سعد من محافظة واسط.. والجميع يلقي بالمسؤولية على الرئيس السابق صدام حسين الذي اخذ هذه البلدات ومنحها لاخرى بجرة قلم.. ثم ليعود الرئيس الحالي جلال طالباني لينبش الرماد من تحت النار عسى ان تشتعل مرة أخرى.

وتتخوف المصادر العراقية من ان يؤدي مشروع طالباني الى تفجر نزاعات بين المحافظات العراقية المتجاورة حيث يطالب اقليم كردستان بضم مدينة كركوك الشمالية الغنية بالنفط الى محافظاته الثلاث التي يحكمها منذ عام 1991 إضافة الى مناطق اخرى في محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى كما تطالب محافظة كربلاء quot;الشيعيةquot; بمناطق تقول إنها انتزعت منها وضمت الى محافظة الانبار quot;السنيةquot; في زمن النظام السابق إضافة الى مطالبة محافظة بغداد بمدن بلد والدجيل وسامراء التي سلخت منها وألحقت بمحافظة صلاح الدين في زمن ذلك النظام ايضا.

ومن جهتها، تطالب محافظة كربلاء ببادية وقضاء النخيب وناحية الرحالية من محافظة الانبار المجاورة الامر الذي أثار مشاحنات كلامية بين المسؤولين في المحافظتين وخاصة بين محافظ كربلاء والشيخ ابو ريشة احد زعماء العشائر والصحوات السنية في الانبار الذي عارض ذلك.

ويضاف الى كل هذه النزاعات ايضا ما تطالب به محافظة بغداد باستعادة بلدتي الدجيل وبلد اللتين تقول المحافظة إنهما انتزعتا منها وألحقتا بمحافظة صلاح الدين إبان عهد النظام السابق. كما ان هناك مناطق اخرى انتزعت من بغداد وألحقت بمحافظة ديالى شمالها. ورغم ان مطالبة بغداد بهذه المناطق لم تأخذ بعدا تصعيديا بعد الا انه يتوقع انها ستثير مسألتها في حال تم الشروع بتغيير الحدود الادارية لمحافظات اخرى.

وإزاء كل هذه التداعيات يتوقع العراقيون ان يلاقي مشروع قانون طالباني صعوبة وسجالا بين الكتل السياسية بسبب حساسية الموضوع خاصة في الوقت الحالي وسط دعوة العديد من المحافظات لإنشاء الأقاليم. ويخشى العراقيون أن يثير المشروع مشاكل جديدة تهدد وحدة البلاد واستقرارها خاصة مع التفاعلات الحالية حول إعلان بعض المحافظات التحول الى أقاليم مستقلة اداريا واقتصاديا وما تفرزه من تصعيد يومي في الخلافات بين القوى السياسية والحكومات المحلية وحكومة بغداد المركزية.

وإضافة الى هذه التحديات الخطيرة هناك ايضا العامل الخارجي الذي يؤثر في تطورات الاوضاع العراقية ومثال ذلك الموقف التركي الرافض بشدة لإلحاق مدينة كركوك التي تسكنها اغلبية تركمانية بالاقليم الشمالي الكردي. ويدعم تركمان وعرب المدينة جعل محافظتهم إقليمآ فيدراليًا محايدًا يجمع القوميات التركمانية والكردية والعربية إضافة الى المسيحيين ولايخضع لسلطة الأكراد.