جاء فوز الرئيس باراك أوباما بولاية ثانية، عقب حسمه نتائج الانتخابات لصالحه على حساب منافسه ميت رومني، ليقترن بكثير من الملفات على الصعيدين الداخلي والخارجي، على حد سواء، ومن بين تلك الملفات طريقة تعاطيه المتوقعة مع منطقة الشرق الأوسط، التي باتت تعج بكثير من القضايا والتقلبات الشائكة، على عكس ما كانت عليه الأوضاع حين تم انتخابه رئيساً للبلاد قبل ما يقرب من أربعة أعوام.


قد لا يبدو quot;إرثquot; السياسة الخارجية بمثابة المسار الواضح الذي يمكن لأوباما أن ينتهجه بالنظر لحدود القوة الأميركية التي يعمل بها. وهو إذ يدرك تمام الإدراك حقيقة أن أي استرداد للنفوذ الأميركي العالمي يعتمد أولاً وأخيراً على إصلاح الاقتصاد المحلي.

وبدأت تظهر الآن مؤشرات دالة على أن المسؤولين الإيرانيين ربما يكونون منفتحين لقبول اتفاق يقضي بفرض قيود على مستويات ونطاق تخصيب اليورانيوم، وعمليات تفتيش أكثر تدخلاً لمفاعلاتهم النووية، في مقابل تخفيف حدة الضغوط التي يتعرضون لها نتيجة نظام العقوبات الصارم الذي تشرف عليه إدارة أوباما.

ومن المتوقع أن يتم حسم المحادثات الخاصة بهذا الاتفاق عما قريب، رغم أنه مازال غير معلوم حتى الآن مدى المرونة التي سيبديها المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، وكذلك مدى المرونة التي سيتعامل من خلالها أوباما مع ذلك الموضوع.

وعبر ساسة وإعلاميون إسرائيليون عن اعتقادهم أن اعادة انتخاب أوباما ينظر إليها على نطاق واسع باعتبارها عقبة في طريق نتنياهو، بالنظر إلى أنه كان يفضل بصورة غير معلنة عودة الحزب الجمهوري إلى سدة الحكم في البيت الأبيض.

وبالتأكيد، تمنح شؤون السياسة الداخلية نتنياهو قدراً ضئيلاً مما يمكن أن يفقده باتخاذه وضعية عدائية مع إدارة أوباما بشأن إيران والفلسطينيين. ويعلم نتنياهو أنه أياً كانت علاقته بالبيت الأبيض، فإنه سيحصل على دعم أغلبية الحزبين بالكابيتول هيل.

ولفتت مجلة التايم الأميركية إلى أن تشدد موقف نتنياهو الخاص بالاتساق مع الشرعية المتراجعة لرئيس السلطة الفلسطينية الضعيفة سياسياً، محمود عباس، هي أمور لا تبشر بالخير في ما يتعلق باحتمال التوصل إلى حل إقامة دولتين عن طريق التفاوض للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وذلك في الوقت الذي ربما لا يجد فيه أوباما أن هناك الكثير من الفوائد التي قد تعود عليه من وراء اهتمامه بهذا الموضوع.

وقالت المجلة إن نوايا أوباما تجاه ذلك الصراع ستتضح خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، حيث يخطط عباس بحلول نهاية الشهر الجاري لإثارة قرار الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو القرار المتوقع تمريره، حيث لا توجد صلاحيات النقض، وهو ما تعارضه إسرائيل والولايات المتحدة.

وستتمثل النتيجة المثلى بخصوص هذا الموضوع بالنسبة لواشنطن في إقناع عباس بالتراجع من خلال مجموعة من التهديدات، المباشرة (إحجام الكونغرس عن تقديم المساعدات) وغير المباشرة (دفع أوباما لانتهاج موقف أكثر شدة في حملة إعادة انتخابه) ووعود (في ما يتعلق بتجديد التواصل والتفاوض في مرحلة لاحقة).

وأعقبت المجلة بترجيحها ألا يحظى الملف السوري هو الآخر بأي تغيير كبير على صعيد السياسة الخارجية للولايات المتحدة، في وقت تتجنب فيه أميركا لعب أي دور عسكري مباشر، ومازالت تعترض على تقديم أسلحة ثقيلة إلى الثوار، وهي إذ تمضي مع حلفائها الآن في الجهود الرامية إلى تشكيل جبهة معارضة أكثر اتحاداً وشمولاً.

أما صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية فأكدت من جانبها أن أوباما سيكون له مطلق الحرية خلال الفترة المقبلة في تشكيل السياسة الأميركية من جديد صوب الشرق الأوسط.

وفي كافة أنحاء المنطقة، عبر العرب والفارسيون والأتراك والإسرائيليون عن أملهم ndash; وفي بعض الحالات عن تخوفهم ndash; بخصوص فترة ولاية باراك أوباما الثانية.

ومضت الصحيفة تنقل في هذا الصدد عن جورج صبرا، ناطق باسم المجلس الوطني السوري، معبراً عن مشاعر كثيرين في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإيران، قوله :quot; نأمل أن يعمل هذا الفوز الذي حققه أوباما على جعله أكثر تحرراً في ما يتعلق باتخاذ القرارات الصحيحة لمساعدة الحرية والكرامة في سوريا وفي كافة أنحاء العالمquot;.

وقال سينان أولغن وهو دبلوماسي تركي سابق ويعمل الآن لدى مؤسسة كارنيغي في بروكسل:quot; أنقرة سعيدة بالنتيجة عموماً نظراً لما تحمله بين طياتها من استمرارية .. ومازال يأمل الأتراك أن يتخذ أوباما إجراءات أكثر تركيزاً بخصوص سورياquot;.

وفي إسرائيل، أدلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ببيان قال فيه: quot;يتسم التحالف الاستراتيجي بين إسرائيل وأميركا بقوته كما هي العادة دائماً. وسأواصل العمل مع الرئيس أوباما لضمان المصالح الضرورية لحفظ أمن وأمان المواطنين الإسرائيليينquot;. غير أن إعادة انتخاب أوباما ستحظى على الأرجح بتأثير فوري على حظوظ نتنياهو السياسية، وبخاصة حملة إعادة ترشحه في شباط/ فبراير القادم.

وقال مسؤول عربي من منطقة الخليج لم تسمه الصحيفة quot; لا نبتعد سوى ببضعة أميال عن الشواطئ الإيرانية. وينبغي على صديقنا في واشنطن ألا ينسى مطلقاً أن استقرار أميركا متوقف على استقرارناquot;. فيما عبر الرئيس المصري محمد مرسي عن تمنياته بأن تساعد إعادة انتخاب أوباما على تعزيز quot;الصداقةquot; بين مصر وأميركا.