لفتت هيلاري كلينتون أنظار المراقبين والمحللين بغيابها التام عن المرحلة الأخيرة الحاسمة في حملة باراك اوباما الرئاسية. وكما هو متوقع فقد فتح هذا الأمر الباب أمام سيل من التكهنات حول مغزاه الحقيقي.

لم يعرف عن هيلاري كلينتون عزوفها عن الأضواء... ومع ذلك فقد كانت laquo;ملحوظة الغيابraquo; عن أعين العالم التي تابعت انتخابات الرئاسة في بلادها لحظة بلحظة.
وكانت آخر صورة التقطت لهذه السياسية الأميركية يوم الخميس قبل الماضي... في معية الرئيس الألباني بوجار فايق نيشاني. ويذكر أنها كانت قد قالت في تصريحات سابقة إنها لا تنوي الاستمرار في منصبها هذا بعد حلول السنة الجديدة. وقاد هذا الأمر الى تكهنات، لا مناص منها، تفيد أنها تنوي الاستعداد لمعركة حزبها الديمقراطي من أجل خوض انتخابات الرئاسة المقبلة في 2016.
وكانت كلينتون قد خصصت وقتها الأسبوع قبل الماضي لجولة على دول البلقان فزارت المسؤولين في صربيا والبانيا وكوسوفو وكرواتيا. وهكذا سجلت غيابا ملحوظا عن المنابر الأميركية العامة استمر حتى عندما كان باراك أوباما ينازل مرشح الجمهوريين، ميت رومني، في يوم المعركة الحاسمة نفسه.
وفي ما يتعلق بممارستها حقها الانتخابي، فقد تعمدت أن تناله بعيدا عن أي من أشكال الأضواء الإعلامية. وقال أصدقاؤها لصحف أميركية إنها أدلت بصوتها امسية الثلاثاء مع زوجها الرئيس السابق في مركز اقتراع قرب دارهما في تشاباكوا، نيويورك. ولم تظهر وزيرة الخارجية حتى عصر يوم الخميس عندما ترأست احتفال منح الجنسية لأطفال أجانب تبنّتهم أسر اميركية.
وفي ما يخص التكهنات بنواياها لانتخابات 2016، أصرت كلينتون مرارا على أنها لا تنوي خوضها (بعد فشلها في الحصول على ترشيح الديمقراطيين لها بدلا من اوباما قبيل انتخابات 2008). ثم أضافت في الآونة الأخيرة إنها تنوي اعتزال الحياة السياسية العامة وإن هذا يعني إغلاقها الباب أمام تعيينها في حكومة اوباما الجديدة، سواء في وزارة الخارجية أو غيرها.
لكن هذا النوع من التصريحات معتاد من الساسة الذين يظهرون عكس ما ينوون في أغلب الأحوال. ولهذا سارع المحللون الى القول إن غيابها عن المرحلة الأخيرة والحاسمة في حملة اوباما الرئاسية الأخيرة لا يمكن تفسيره الا بأنها تنأى بنفسها عنه خاصة في حال خسارته.
ويأتي هذا التحليل من كتّاب على منبر محترم حقا هو laquo;بوليتيكوraquo;، الهيئة الصحافية الأميركية المعنية بالتحليلات والدراسات السياسية. ولم تفت على أكثر من كاتب الإشارة الى مفارقة مفادها أن هيلاري - رغم دورها المحوري في الإدارة - صارت أقل أهمية لحملة اوباما من زوجها بيل. وتبعا للعارفين بدواخل الأمور فقد كان هذا الأخير هو اول شخص تحدث اليه اوباما هاتفيا بعيد اعتراف منافسه رومني بالهزيمة.
وتخلص التحاليل الى أن هيلاري كلينتون ظلت - وتظل حتى الآن - متنازعة بين خيارين يتصلان مباشرة بانتخابات 2016: الأول، أن تتمسك بالمنصب العام خلال الولاية الديمقراطية الثانية فتبدو منتمية إلى فريق ناجح وأهلا للبيت الأبيض في نهاية عهد اوباما. والثاني أن تبتعد عنه بافتراض ان الناخب سيكون قد سئم منه بنهاية ولايته ولا يريد الركون لأولئك الذين ظلوا من حوله.