يعطي الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إشارات حول قبوله استئناف المباحثات بشأن الملف النووي الإيراني، إلا أنه لم يعلن موافقة صريحة على ذلك، في وقت تشهد فيه إيران اراء متباينة حول تلك المباحثات.

القاهرة: تشهد إيران حالياً نقاشاً محتدماً على الصعيد الداخلي بشأن ما إن كانت ستوقف محادثاتها الثنائية النووية مع الولايات المتحدة أم لا، في الوقت الذي بدأ فيه قادة كبار بالدعوة إلى بدء الحوار مع واشنطن، وبالتزامن مع الضغوط التي بدأ يقوم بها متشددون من أجل المضي قدماً في توسيع نطاق المفاعلات النووية بالبلاد.
وكانت إدارة أوباما، التي هيأت نفسها لما قد يكون أول اختبار سياسي خارجي خلال ولايتها الثانية، قد علقت عرضاً لإجراء محادثات ثنائية على أمل تجاوز المأزق النووي مع إيران والتخفيف من التهديد المتعلق باندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط.
لكن رغم التعليقات الايجابية خلال الأيام الماضية من جانب الرئيس محمود أحمدي نجاد ومسؤولين آخرين كبار، إلا أن إيران لم تظهر أي إشارة دالة على أنها تخطط لقبول العرض، تبعاً لما نقلته صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن دبلوماسيين أوروبيين وأميركيين.
وبدلاً من ذلك، يلاحظ محللون استخباراتيون أن هناك إشارات دالة على استمرار حدوث تقدم بمفاعلات إيران المعنية بتخصيب اليورانيوم وعدم حدوث تخفيف في حدة اللغة التي يتحدث بها آية الله علي خامنئي، صاحب القول الفصل في نهاية المطاف بخصوص المسار النووي الإيراني، وفقاً لما أكده دبلوماسيون في هذا الصدد.
وقال مبعوث أوروبي رفض الكشف عن هويته quot; لا نعتقد أن الإيرانيين مستعدون للتفاوض بهدف التوصل لاتفاقquot;. وأكمل حديثه بالقول :quot; وقد بدأت تتحسن الأمور نوعاً ما لبدء شعور الإيرانيين بوطأة الضغوطات. لكن ليس لدينا معلومات توحي بأنهم يفكرون في التغييرquot;.
ويتوقع أن تصدر الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً بعد أيام قليلة تبين فيه أن إيران انتهت تقريباً من تثبيت أجهزة طرد مركزي في محطة فوردو لتخصيب اليورانيوم الموجودة داخل نفق جبلي لحمايته من خطر التعرض لهجمات جوية، طبقاً لما أكده دبلوماسيون غربيون اطلعوا على النتائج الأولية التي توصلت إليها الوكالة.
ومع أن أجهزة الطرد المركزي لا تعمل جميعها، إلا أن قرب الانتهاء من بناء المحطة قد انتقل بإيران خطوة أقرب إلى امتلاك ملاذ فعلي تحتمي من خلاله بالقنابل وتزيد فيه مخزونها من اليورانيوم المخصب الذي من الممكن أن يستخدم لأغراض مدنية أو ndash; إذا تم تخصيبه أكثر للوصول إلى الشكل الانشطاري ndash; لتطوير أسلحة نووية.
ويعتقد، المبعوث الأوروبي أن الذخيرة الأميركية الخارقة للدروع هي الذخيرة القوية الوحيدة القادرة على تدمير المحطة بصورة تامة. وعبر مسؤولون أميركيون وإسرائيليون عن قلقهم من احتمالية أن تستعين إيران بمحطة فوردو في توفير يورانيوم عالي التخصيب من أجل استخدامها في تطوير قنابل نووية. وذلك في الوقت الذي ترد فيه إيران على ذلك بأنها تسعى لاستخدام الطاقة النووية في أغراض سلمية.
ولفتت الصحيفة إلى أن البحث عن حل دبلوماسي للأزمة القائمة منذ مدة طويلة قد اكتسب زخماً جديداً خلال الأسابيع الأخيرة نظراً لوجود اعتقاد سائد بين الحكومات الغربية بأن الوقت بدأ ينفذ بخصوص تفادي شن هجوم عسكري من جانب إسرائيل على منشآت إيران النووية، وهو ما قد يؤدي إلى نشوب صراع واسع النطاق في المنطقة.
ورغم تلميح المسؤولين الإسرائيليين إلى رغبتهم في إرجاء شن هجوم، إلا أن رئيس الوزراء بنيامين نيتنياهو قد حذر من أن حكومته سوف ترد من جانب واحد، إن تطلب الأمر، لمنع إيران من امتلاك القدرات والإمكانات التي تتيح لها التسلح نووياً.
واعترف مسؤولو الإدارة الأميركية في غضون ذلك بأن إثارة الاحتمالية الخاصة بإجراء محادثات ثنائية هي طريقة لجذب إيران وإعادتها مجدداً إلى مائدة المفاوضات، وذلك في الوقت الذي تم فيه استقبال إشارات متضاربة من جانب إيران.
وأكد كثير من المحللين الغربيين كذلك أن الظروف باتت مواتية الآن من جديد لإبرام اتفاق. وأوضح بعضهم أنه لا يجب التغاضي عن الدبلوماسية، حتى إن لم يوافق القادة الإيرانيون على الفور على إحداث تخفيضات كبرى في برنامج البلاد النووي.