تحول زفاف شاب يمني إلى حدث بارز في اليمن، إذ إنه أعلن أن هذا الحفل لن يتضمن طقوس مضغ نبتة القات، التي تعمل منظمات على ايقافها، نظرا لسلبياتها الاجتماعية والاقتصادية وكذلك البيئية.


بيروت: تمكن الشاب اليمني براء شيبان من تحويل حفل زفافه إلى حدث بارز نال اهتمام الصحافة والدبلوماسيين بعد أن أعلن أن صالة الأفراح في العاصمة صنعاء ستكون خالية تماماً من طقوس مضغ نبتة القات.
ولقي هذا الإعلان ترحيباً في أوساط الشباب الذين ينظمون الحملات لوضع حد لهذه الظاهرة المتفشية في المجتمع اليمني، وعبّروا عن بهجتهم لحضور زفاف تظهر فيه الابتسامة على وجوه الحاضرين، بدلاً من الأفواه المنفوخة بأوراق القات.

واشترط شيبان على الحضور عدم تناول القات، فتحول الزفاف إلى ظاهرة فريدة من نوعها في صنعاء، اجتذب عددًا من الشخصيات الاجتماعية السياسية وأعضاء في مجلس النواب وصحافيين ودبلوماسيين أجانب.
ويأمل العديد من اليمنيين أن تكون هذه هي الخطوة الأولى في سبيل القضاء على القات، تمهيدًا للحد من تناول هذه النبتة، فيما أعلن بعض رجال الأعمال البارزين عن استعدادهم للتكفل بنفقات الأعراس المماثلة شريطة عدم تناول القات.

لقيت فكرة quot;عرس بلا قاتquot; استحسان الحاضرين الذين قالوا انهم سينظمون هذا النوع من الحفلات في أكثر من مكان.
وتناضل العديد من المنظمات المدنية للتوعية بمخاطر القات، لكنها تعمل في بيئة قد تكلفهم أعواماً طويلة حتى يستطيعوا توعية اليمنيين بمخاطر هذه النبتة المتوارثة عبر أجيال، ما لم تتخذ السلطات الحكومية إجراءات قانونية تحد من زيادة تداول القات.

ولا تقتصر مخاطر القات على الآثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية بل تتعداها إلى المستوى البيئي، إذ يقول نشطاء ضد القات في اليمن إن هذه النبتة يمكن أن تجعل صنعاء قريباً العاصمة الأولى التي تعاني الجفاف ونقص الماء في العالم.
على النقيض من الكحول أو المخدرات القوية، يعتبر مضغ القات في اليمن إلى حد كبير، ممارسة مقبولة دينياً في هذا المجتمع المسلم المحافظ. ويجادل العديد من اليمنيين بأن هذه النبتة لا تؤدي إلى آثار اجتماعية سلبية مثل الويسكي أو الماريجوانا. لكن بغض النظر عن تسامح المجتمع اليمني مع هذه العادة الجماعية في البلاد، إلا أنها تتحول تدريجياً إلى لعنة تحتاج إلى معالجة.
التحذيرات بمخاطر القات تعود لسنوات - إن لم يكن عقودًا ndash; إلى الوراء، عندما حذّر العديد من الأكاديميين من آثارها البيئية، الاجتماعية والاقتصادية، حتى أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح (الذي يمضغ القات باستمرار هو نفسه) أطلق مبادرة تهدف الى وقف استخدامه في العام 1999.

في الأشهر الأخيرة، لقيت حملة شعبية اهتماماً غير مسبوق في جهودها لمحاربة آثار القات السلبية في اليمن. ويقول عبد العزيز السقاف، وهو ناشط في حملة quot;يمن بلا قاتquot; إن هذه النبتة هي جزء من النسيج الاجتماعي في اليمن. وفي حين أنه يحافظ على درجة من التماسك الاجتماعي، إلا انه يتسم بالعديد من العيوب، مضيفاً: quot;في غضون عشر سنوات سوف تكون صنعاء العاصمة الأولى في العالم التي تفتقر للماء وهذا بسبب القاتquot;.
بين العام 1970 والعام 2000 ازدادت مساحة الأراضي المخصصة لزراعة القات بما يقرب من 1200 في المئة. وبالإضافة إلى قضم الأراضي الصالحة للزراعة، تستهلك زراعة القات ما يقرب من 40 في المئة من موارد المياه في اليمن، وبالتالي تساهم في أزمة المياه المتفاقمة التي تهدد البلاد بالجفاف.
يتحول العديد من المزارعين عن الفواكه والخضروات إلى زراعة القات بسبب الأرباح العالية والطلب القوي على هذا المحصول. وفي حين أن منظمة الصحة العالمية لا تعتبر القات نباتاً يسبب الادمان، إلا أن الضغوط الاجتماعية والاعتماد النفسي على القات، يجعل معظم اليمنيين الفقراء ينفقون أموالهم القليلة على هذه الأوراق المخدرة، وهو أمر قريب للإدمان.

quot;لا للقاتquot; عبر موقع تويتر

بدأت أحدث حملة لمكافحة القات على موقع التويتر للتواصل الاجتماعي من قبل هند الإرياني، وهي مدونة يمنية في بيروت. وسرعان ما انتقل هذا الجهد من الانترنت إلى مبادرة على أرض الواقع بعد ان التقط الحملة عدد من النشطاء، معظمهم من المتعلمين من الطبقة المتوسطة في اليمن.
ألقت مجموعة متنوعة من السياسيين اليمنيين دعمها وراء هذه الحملة، في حين أن عدداً من رجال الأعمال البارزين عرضوا تقديم الدعم المالي للمساعدة في محاربة انتشار القات.


وعلى الرغم من أن المبادرة حصلت على قدر كبير من الاهتمام بين النخبة الحضرية في اليمن، إلا أن الأغلبية الريفية هي المفتاح الرئيس لأي محاولة حقيقية quot;لفطام البلاد من الإدمانquot;.
لكن النشطاء يقولون انهم مستعدون للتحدي، فيقول العريس براء شيبان: quot;مجرد الوصول إلى هذه النقطة كان تحدياًquot;، مشيراً إلى أن العديد من أهله وأصدقائه هددوا في البداية بمقاطعة الزفاف بسبب الحظر المفروض على القات.