أثارت القرارات التي اتخذها الرئيس المصري محمد مرسي المخاوف لدى المصريين من العودة إلى الحكم الديكتاتوري الذي ساد البلاد قبل الثورة، إلا أن أميركا اعتبرت أن ما يحدث هناك اختبار لطريقة حكم الاخوان المسلمين في السلطة.


القاهرة: أكد محللون متخصصون في السياسية الخارجية أن استيلاء الرئيس المصري محمد مرسي على السلطة يشكل فرصة فريدة لإدارة أوباما كي تأخذ موقفاً حازماً بشأن ما يمكن للولايات المتحدة أن تتقبله من الحكومات التي تشكلت بعد الربيع العربي.

وفي اجتماعه أمس مع مجلس القضاء الأعلى، قال مرسي إنه لم يقترب من السلطة القضائية حين منح نفسه سلطة شبه مطلقة لتغيير القوانين وإصدار مراسيم قضائية.

ونقلت في هذا السياق صحيفة واشنطن تايمز الأميركية عن روبرت دانين، وهو زميل بارز متخصص في دراسات الشرق الأوسط وإفريقيا لدى مجلس العلاقات الخارجية الذي يوجد مقره في العاصمة الأميركية واشنطن، قوله:quot;ما يحدث في مصر يعد اختباراً حاسماً للطريقة التي تتصرف من خلالها الأحزاب الإسلامية في السلطةquot;.

وقال صفير شحاتة أستاذ علوم السياسة العربية لدى جامعة جورج تاون إنه لا يتعين على الولايات المتحدة أن تلتزم الصمت إزاء التحركات التي تهدد الانتقال الديمقراطي إلى الديمقراطية، مضيفاً أن أميركا مطالبة كذلك بألا تبدو مستأسدة بهذا الصدد.

ومع أن مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين هو أول رئيس منتخب من قبل الشعب، إلا أن الإعلان الدستوري الذي أصدره في وقت متأخر من مساء يوم الخميس الماضي قد تسبب في اندلاع تظاهرات غاضبة أسفرت عن حالات وفاة ومصابين.

وعبّر كثيرون في هذا السياق عن قلقهم من احتمالية أن تعود البلاد إلى استبدادية الرئيس السابق حسني مبارك الذي أطيح به من السلطة بثورة مطلع العام الماضي.

وقد دافع مرسي عن نفسه بلفته إلى أن الخطوة التي قام بها ما هي إلا مؤقتة لتنفيذ الإصلاحات، وضمان انتقال مصر إلى الديمقراطية، وأنه سيتخلى عن سلطاته الجديدة، بعد صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية في وقت لاحق سيتم تحديده العام القادم. لكن المجلس الأعلى للقضاء وصف تلك الخطوة بـ quot;الهجومquot; على القضاء، فيما عبرت المعارضة عن امتعاضها، وطالبت بتظاهرة كبرى الثلاثاء.

ونوهت واشنطن تايمز إلى أن إدارة أوباما تتعامل بحذر في سياق تطرقها للموقف والرئيس المصري، الذي أعلن صلاحياته الجديدة بعد الدور الذي ساعد من خلاله في إجراء وساطة بخصوص وقف إطلاق النار بين إسرائيل ومسلحي حماس في قطاع غزة.

واكتفت فيكتوريا نولاند، متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، بقولها إن الإدارة quot;تشجعتquot; بعد سماعها التقارير التي تحدثت عن دخول مرسي في حوار مع شخصيات المعارضة، لكن المسؤولين الأميركيين لن يفترضوا مقدماً ما سيؤول إليه ذلك.

وبينما سبق لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أن وجهت شكرها للرئيس مرسي خلال تواجدها في القاهرة يوم الأربعاء الماضي على خلفية quot;قيادته الشخصيةquot; لوقف النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، قال مايكل روبن هو باحث مقيم مهتم بالتركيز على منطقة الشرق الأوسط لدى معهد المشروع الأميركي:quot;يبدو أن الرسالة التي تحصل عليها مرسي عن قصد أو غير قصد من كلينتون هي أن الاستقرار يسبق الديمقراطيةquot;.

وتابع روبن حديثه بالقول :quot;ما فعله مرسي هو إظهار الألوان الحقيقية للإخوان المسلمين. ولم يكن كل هذا الحديث عن الديمقراطية سوى غذاء سماوي للبلهاء خارج مصرquot;.

وبينما بدا إعلان مرسي الدستوري أنه مدفوع من جانب الإخوان المسلمين الراغبين في تطبيق الشريعة بكافة أنحاء مصر، فقد أشار آخرون إلى أن الأمر الذي ربما يكون أكثر إثارةً للقلق للمصريين هو احتمالية أن يكون ذلك عودة لحقبة الاستبداد.

وعاود دانين ليقول إن إدارة أوباما تجازف بفقدان الفرصة لإعادة تحديد علاقة واشنطن بالقاهرة، التي تم تشويهها وتضليلها إبان فترة حكم الرئيس السابق مبارك.

وقال شحاتة إن الورطة التي تجابهها إدارة أوباما الآن قد ازدادت تعقيداً نتيجة لأن أغلبية المصريين لا ينظرون إلى أميركا بشكل ايجابي حيث كان ينظر إليها في الماضي باعتبارها جهة دعم لنظام استبدادي يحكمهم، وأنه نتيجة لذلك لا يمكن أن تملي الولايات المتحدة على المصريين ما يتعين عليهم أن ينشؤوه باعتباره نظام ديمقراطي.