أثارت موافقة بنيامين نتنياهو على بناء آلاف المستوطنات في منطقة حساسة بالضفة الغربية الفلسطينية استياء الكثير من الدول الأوروبية، ووردت معلومات ان المملكة المتحدة وفرنسا ستعمدان إلى سحب سفيريهما من تل أبيب، ما سيوسع الفجوة بين أوروبا واسرائيل.

في خطوة غير معهودة، تعتزم بريطانيا وفرنسا خلال الايام القليلة المقبلة اتخاذ قرارات تصعيدية ضد اسرائيل، على خلفية قرار حكومة نتانياهو بناء العديد من الوحدات الاستيطانية الجديدة في المنطقة المصنفة E1، التي تربط بين مستوطنة معالي ادوميم والقدس، ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن ثلاثة مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى في دول اوروبية مختلفة، أن لندن وباريس تنسقان المواقف في ما بينهما لاستدعاء سفيريهما في تل ابيب للتشاور، تعبيراً عن اعتراضهما على التصرفات الاسرائيلية، التي تعتبرها حكومتاهما تجاوزاً للخطوط الحمراء.
هلع اصاب لندن وباريس
واضافت الصحيفة الإسرائيلية على لسان الدبلوماسيين الثلاثة أن قرار نتانياهو، تفعيل خطة بناء استيطانية جديدة، تشمل بناء 3000 وحدة استيطانية في المنطقة المصنفة E1، وتحديداً في التكتلات الاستيطانية وفي القدس الشرقية، اصاب وزاراتي الخارجية في لندن وباريس بحالة من الهلع، اذ ترى فرنسا وبريطانيا أن بناء المستوطنات في تلك المنطقة quot;خط أحمرquot;، وزاد غضب باريس ولندن من إسرائيل لاستشعارهما أن القرارات الاسرائيلية الاخيرة تهدف الى عقاب الفلسطينيين والدول المتضامنة معهم، حينما تقدموا بطلب للحصول على عضوية دولة مراقب لدى الامم المتحدة، وان إسرائيل لم تعر تأييد بريطانيا وفرنسا لها خلال عملية الرصاص المصبوب في قطاع غزة اي اهتمام.
وقال مصدر دبلوماسي رفيع المستوى إن حكومتي بريطانيا وفرنسا، تعتزمان في غضون الايام القليلة المقبلة، اتخاذ خطوات تصعيدية ضد اسرائيل، ليتضح للأخيرة مدى الغضب الذي تسببت فيه اسرائيل بعد اتخاذها قراراً بالبناء الاستيطاني الجديد في مستوطنة معالي ادوميم.
واوضح المصدر بحسب صحيفة هآرتس: quot;أن المباحثات بين لندن وباريس بدأت يوم الجمعة الماضي، وتواصلت تلك المباحثات حتى مساء الاثنين الماضي، واطلع البريطانيون والفرنسيون الولايات المتحدة ودول اوروبية كالمانيا بالخطوات التي يعتزمون اتخاذها ضد اسرائيل، ففي هذه المرة لن تقتصر ردود فعل باريس على بيانات الادانة والاستنكار، وانما ستكون هناك اجراءات على ارض الواقع ضد إسرائيلquot;.
ويرى المراقبون في تل ابيب أن احدى خيارات التصعيد، التي تعتزم بريطانيا وفرنسا اتخاذها ضد تل ابيب، استدعاء سفيري البلدين في اسرائيل للتشاور، وهو اجراء لم يتم التلويح به في السابق حيال اسرائيل، لذلك يستبعد الخبراء الاسرائيليون تفعيل التهديدات البريطانية والفرنسية ضد اسرائيل، وانما ستنتظر الدولتان احتمالات تصعيد حكومة نتانياهو باتخاذ اجراءات اخرى ضد السلطة الفلسطينية.
خطوات اكثر اعتدالاً
والى جانب احتمالات استدعاء سفيري لندن وباريس للتشاور، تدرس العاصمتان الاوروبيتان اتخاذ خطوات اكثر اعتدالاً ضد اسرائيل، مثل ارجاء لقاءات الحوار الاستراتيجي بين اسرائيل وفرنسا وبريطانيا، واتخاذ الدولتين قراراً بمقاطعة منتجات المستوطنات الاسرائيلية في الاسواق، أو فرض عقوبات على الاستيطان من خلال الاتحاد الاوروبي.
واعرب المراقبون في تل ابيب عن تقديراتهم بأن المانيا لن تنضم في الوقت الراهن الى بريطانيا وفرنسا لاستدعاء سفيرها من تل ابيب، لكنها قد تلجأ الى اجراءات اكثر اعتدالاً، خاصة أن من المقرر أن يزور رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو برلين الخميس المقبل، لحضور القمة المعتادة للدولتين.
وقال دبلوماسي الماني رفيع المستوى، إنه من المتوقع أن يستمع نتانياهو الى معارضة المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الشديدة على بناء وحدات استيطانية جديدة في المنطقة E1، وعلى اتخاذ قرارات عقابية جديدة ضد السلطة الفلسطينية.
وتمارس دول اوروبية ضغوطات كبيرة على حكومة تل ابيب، للتراجع عن قرار بناء وحدات استيطانية جديدة في المنطقة المصنفة E1، ومنذ الجمعة الماضي قدم خمسة سفراء اوروبيين اعتراضاً شديداً لوزارة الخارجية الاسرائيلية وديوان رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مصدر دبلوماسي اوروبي رفيع المستوى قوله: quot;إنه في اعقاب اتخاذ الحكومة الاسرائيلية قرار بناء وحدات استيطانية جديدة في المنطقة المصنفة E1 الجمعة الماضي، اتصل السفير البريطاني لدى اسرائيل quot;ميتاو غولدquot;، ونظيره الفرنسي quot;كريستوف بيغوquot; بمدير عام الخارجية الاسرائيلية quot;رافي براكquot;، وادارا معه حديثاً مطولاً، وصف بالأعنف من نوعه، كما اتصل السفير الهولندي لدى اسرائيل quot;كاسبر ولدكامبquot;، وسفير الاتحاد الاوروبي quot;انرو ستاندليquot; ونائب سفير المانيا امس الاثنين بالخارجية الاسرائيلية وديوان بنيامين نتانياهو لتسجيل ادانتهم البالغة للقرار الذي يدور الحديث عنهquot;.
التراجع عن بناء المستوطنات
وخلال الاتصال دعا سفيرا فرنسا وبريطانيا مدير عام الخارجية الاسرائيلية الى ضرورة التراجع عن بناء وحدات الاستيطان الجديدة في المنطقة E1، بينما اوضح السفير الهولندي الذي عارضت بلاده حصول الفلسطينيين على مقعد دولة مراقب لدى الامم المتحدة، أنه اذا خرجت خطة البناء الاستيطانية الجديدة الى ارض الواقع، فإن بلاده لن تستطيع مساعدة اسرائيل وتأييدها لدى أي تصويت مستقبلي في الامم المتحدة. اما نائب السفير الالماني لدى اسرائيل، فنقل بدوره رسالة مماثلة للخارجية الاسرائيلية، بينما طلب سفير الاتحاد الاوروبي من ديوان رئاسة الوزراء الاسرائيلي تقديم ايضاحات حيال قرارها الحث على البناء في المستوطنات.
رغم الاعتراضات غير المسبوقة من الدول الاوروبية، الا أن مصدراً في ديوان رئاسة الوزراء الاسرائيلية، اكد أن حكومة نتانياهو تعتزم القيام بخطوات أخرى ضد السلطة الفلسطينية، واضاف: quot;يجب أن يتفهم الفلسطينيون قريباً، أنهم اخطأوا عندما اتخذوا موقفاً احادي الجانب بما يخالف الاتفاقات مع اسرائيلquot;.
وبحسب صحيفة هآرتس فقد كان رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ووزير ماليته يوفال شتاينتس اتخذا قراراً امس الاثنين بمصادرة اموال الضرائب التي حصلت عليها اسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية عن شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، ويبلغ حجم هذه الضرائب بحسب الصحيفة العبرية 460 مليون شيكل، وهي الاموال المخصصة لتسديد رواتب موظفي السلطة الفلسطينية، وكوادر اجهزتها الامنية، وسوف تظل تلك الاموال بحوزة الحكومة الاسرائيلية على أن تخصم منها ديون السلطة الفلسطينية لشركة الكهرباء الاسرائيلية.