انقسم العراقيون في تقييم أزمة كركوك الحالية بين مصدق خائف وبين مكذب هازئ، وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ساحةً للتعبير الحر عن أفكار مختلفة تخالجهم إزاء هذه الأزمة.


ورود صالح من السليمانية: أطلق التوتر العسكري بين الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة اقليم كردستان العراق العنان لعامة الشعب للتعبير عن موالاتهم لطرف على حساب الآخر، وطرح آرائهم السياسية بعيدًا عن الخوف من سلطة أو من جهة ما.

فقد أصبح موضوع القوات العسكرية التي يرسلها اقليم كردستان العراق وحكومة العاصمة الاتحادية في بغداد إلى المناطق المختلف عليها مثار جدل وسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا على موقع فايسبوك، إذ عرض العراقيون فيه، عربًا وأكرادًا، صورًا ساخرة تعظم حينًا قوة البيشمركة الكردية مقابل الجيش العراقي وأحيانًا قوة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، فيما تروي صور أخرى قدوم الربيع العربي إلى العراق.

يقول الناشط الكردي سردار محمد لـquot;ايلاف quot; إن تطور مجالات استخدام الشبكة العنكبوتية في العراق بعد سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين مكّن المواطن من توسعة آفاق التعبير لديه، لا سيما بعد استخدام الشعوب الأخرى لمواقع التواصل الاجتماعي في دعواتها للثورة مثلًا، أو لرفضها قرارًا أو قانونًا ما.

يضيف: quot;شاع استخدام موقع فايسبوك ساحة لطرح آراء سياسية بشكل بناء ومنطقي، ولتوسعة النقاش من دون المساس بالعرق او الطائفة، وهذا يدلّ على وعي الشعب الذي يجب أن تعمل الحكومة الاتحادية على توظيفه بالشكل الصحيحquot;.

حرب أو لعبة؟

قال الكاتب العراقي جلال حسن لـquot;ايلافquot;: quot;طرحت على موقع فايسبوك موضوعًا حول العلاقة الحالية بين بغداد واربيل واحتمال نشوب حرب بينهما في كركوك، وتضمن الموضوع الدعوة لاتخاذ موقف محدد من اقليم كردستان والحكومة الاتحادية من دون المساواة بين الجيش العراقي الذي يمثل الشعب والوطن كله وبين قوة تمثل حزبينquot;، فتلقى موضوعه ردودًا متنوعة بين من رأى أن الاقليم يسير وفق نهج الغاية تبرر الوسيلة، وأن رغبته في الانفصال دمرت جنوب ووسط العراق، نظرًا لتعاون الإقليم مع جهات خارجية من أجل تحقيق حلمهم بالدولة المستقلة.

وأشار حسن إلى أن هناك من يعتقد أن الموضوع برمته quot;مجرد تغطية سياسية على ملفات الفساد، ترغب حكومة بغداد في صرف نظر الشارع العراقي عنها، وعن شبهات تحوم حول صفقات التسلح، بينما رأى آخرون أنه فقاعة هوائية ودعاية انتخابية ستنتهي مع تزايد شعبية المالكي في المناطق المتنازع عليها، وحصول الاقليم على ما يريد مكافأة له على السير مع بغداد وفق هذه اللعبةquot;.

بارزاني الافتراضي

كتب مسعود بارزاني، رئيس اقليم كردستان العراق، على حسابه في موقع فايسبوك: quot;كان موقف الكرد دائمًا موقفًا دفاعيًا ضد الاقتتال وهدر الدماء، والآن لديه الموقف نفسه، مع أن شعب كردستان تعرض لظلم ومآسٍ كبيرة، سواء كان في ثورة أيلول (سبتمبر) او في عمليات الانفال أو في القصف الكيميائي، الا انه عند اندلاع انتفاضة العام 1991 تعاملوا بتسامح وأخلاقية عاليةquot;.

أضاف: quot;مع كل هذه الجرائم التي ارتكبت ضده، لم يقدم شعب كردستان على الانتقام، ولم يصدر منه اي رد فعل ضد العرب. وكانت توجيهات البارزاني الخالد عدم السماح باندلاع القتال بين الكرد والعرب، وكانت كردستان دومًا ملاذًا آمنًا للمناضلين العرب وكافة العراقيينquot;.

وتابع: quot;أسوأ شيء هو وقوع اقتتال بين قوميتين، ولكن للأسف الشديد نرى أن البعض ينادون إلى اقتتال كردي ndash; عربي. في الوقت الذي ادعو شعب كردستان إلى عدم الوقوع في مثل هذا الفخ، وأدعو عموم الشعب العراقي للوقوف ضد هذا النهج الخطرquot;.

وختم بارزاني حديثه بالقول: quot;لا نريد الاقتتال ولكننا على استعداد للدفاع عن شعبنا وبلدناquot;.

أين الدستور منا؟

قال الاعلامي الكردي عباس عزيز لـquot;ايلافquot; إن موقف الاقليم المتشدد رد فعل طبيعي على سياسات المالكي الاقصائية، خصوصًا أن الاقليم يعتقد أن التعامل مع المالكي أصبح صعبًا جدًا أو شبه مستحيل، quot;وحتى التأييد الذي كان المالكي يحظى به من رئيس الجمهورية جلال طالباني بات في مهب الريح، إلى جانب استياء الاطراف الاخرى في التحالف الوطني من تفرد المالكي في اتخاذ القراراتquot;. أضاف: quot;أعتقد أن الطرفين تجاوزا الدستور بعد أن فقد أهميته وقدسيته، نظرًا لعدم التزام الجميع به، وبرأيي أي اتفاق لن يكون مجديًا اذا لم يتم العودة إلى الدستور والتمسك بهquot;.

أضاف: quot;الاتفاقات والتفاهمات كثيرة ولكن الالتزام ببنودها غائب، فغياب العامل الشعبي الضاغط على السياسيين جعلهم يتمادون في غيهم ويتجاوزون كل المقدسات، لذا ينبغي على الشعب أن يقف ويطالب بحقوقه كما في مصر، حيث تقوم تظاهرات مليونية لالغاء فقرة في الدستور، فأين نحن والدستور العراقي أصبح لعبة بيد كل من هب ودبquot;.

وحين سؤاله فيما اذا كان سيحمل السلاح دفاعا عن الاقليم اذا ما تحول الامر إلى صدام عسكري، قال عزيز : quot;انا اعتبر نفسي عراقيًا ولا توجد لدي اية فوارق قومية او مذهبية، لكن اذا ما شعرت بان هناك ظلمًا يقع على اخواني البيشمركة او الجيش العراقي سوف احاول بشتى السبل أن امنع ذلك نصرة للمظلوم وليس لانه كردي او عربيquot;.

كركوك على خط النار

احمد ناصر مواطن عربي يسكن مع عائلته في كركوك، قال لـquot;ايلافquot;: quot;افكر حقيقة في الخروج من المحافظة إلى الاقليم، خوفًا من تعرضي او أحد اطفالي لإطلاق نار، كالذي حدث في طوزخورماتو عندما اندلعت الازمة وراح ضحيتها مواطن قتل خطأquot;.

أما أحمد عسكري، رئيس اللجنة الامنية في محافظة كركوك، فقد قال لـquot;ايلافquot;: quot;بإمكان مجلس محافظة كركوك اختيار انضمام كركوك إلى إقليم كردستان إذا ما اخذ رئيس الوزراء نوري المالكي الامور إلى منحى خطرquot;.

أضاف: quot;المكونات في المحافظة مستمرة في رفضها قيادة عمليات دجلة، وعلى رئيس الوزراء الاستماع إلى مطالب المواطنين واعادة القوات إلى أماكنها، لأن الوضع في المحافظة دخل مرحلة الخطرquot;.

سلاح مرمم

التوتر متصاعد في المناطق المتنازع عليها، وسباق التسلح محموم في المنطقة. قال الامين العام لوزير البيشمركة الفريق جبار ياور لـquot;ايلافquot; إن إقليم كردستان العراق لم يتعاقد على صفقات تسلح من الخارج، أو حتى سعى للتعاقد عليها، مشيرا إلى أن هذه الصفقات لا يمكن أن تتم الا بموافقة الحكومة الاتحادية وتوقيعها عليها، quot;فتركيا وايران لن تسمحا بدخول أية أسلحة للاقليم من دون موافقة بغداد ووفق السياقات الإدارية المتفق عليهاquot;.

أضاف: quot;الاسلحة التي بحوزة قوات البيشمركة تابعة للنظام السابق، قام الاقليم بإصلاحها وإدخالها إلى الخدمة بعد أن كانت غير صالحة للعمل، كما أن الاقليم لا يملك اية طائرات حربية، إنما سلاحه مدرعات وآليات ثقيلة فقطquot;.

وحول مطالبات ائتلاف العراقية اقليم كردستان العراق باعادة هذه الاسلحة، قال ياور إن على هذه الاطراف مطالبة القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي بتسليح قوات البيشمركة والشرطة داخل الاقليم أولًا، لأنها جزء من المنظومة الدفاعية العراقية، قبل مطالبة الاقليم تسليم اسلحته.