طوكيو: بعدما تعاقب على الحكومة ستة رؤساء خلال ست سنوات، يدلي اليابانيون الاحد باصواتهم لاختيار شخصية صارمة قادرة على اخراج البلاد من الازمة بعد تناوب تاريخي على السلطة لكنه مخيب للآمال في 2009.

ودعي اكثر من مئة مليون ياباني لانتخاب نوابهم البالغ عددهم 480 والذين سيختارون بدورهم رئيس وزراء لهذا البلد الذي يرتفع متوسط عمر سكانه والقادر اقتصاديا لكنه يشهد انكماشا. وتعاني اليابان من عجز دبلوماسي في مواجهة العملاق الصيني المجاور الذي تجري محاولات لاستمالته لكنه يثير خشية على الساحة الدولية. ولم يحتاج الحزب الديموقراطي الياباني (يسار الوسط) لاكثر من دورة تشريعية لينهار في نظر الذين انتخبوه قبل ثلاثة اعوام وحصل على 308 مقاعد في مجلس النواب.

وقد يكون اليسار الوسط ركبوا الموجة الانتخابية وهم في نشوة انتصارهم على محافظي الحزب الليبرالي الديموقراطي الحاكم منذ خمسين عاما بدون انقطاع تقريبا، بدون ان يتنبهوا للمخاطر التي تتربص بهم، اي المشاكل الاقتصادية الاجتماعية والوعود التي لا تنفذ وكانت كثيرة، حتى التسونامي الرهيب الذي ضرب البلاد في آذار/مارس 2011 الكارثة التي اعتبرت ادارتها من قبل الفريق الحاكم سيئة جدا.

وبمعزل عن الدين الهائل البالغ اكثر من 200 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي، انتخب الحزب الديموقراطي على اساس وعود سخية من مجانية التعليم لتلاميذ المدارس وتعويضات عائلية وخفض الضرائب للشركات الصغيرة والمتوسطة وعدم زيادة الضريبة على المواد الاستهلاكية والغاء رسوم الطرق.

وسقط معظم هذه الوعود ليواجه الحزب الذي مني بهزيمة كبيرة في انتخابات مجلس الشيوخ في 2010، الواقع المرير للاقتصاد الدولي الذي يواجه انكماشا. وبدلا من quot;الخبز والالعابquot; لم يعد لليابانيين الحق سوى في quot;عرق الجبين والدموعquot;، وهذا ما اضطر رئيس الوزراء المنتهية ولايته يوشيهيكو نودا الى quot;تقديم اعتذاراته للشعبquot; مؤخرا على امل الحصول على فرصة ثانية.

وقد اختار الحزب رئيسا جديدا هو رئيس الوزراء الاسبق شينزو ابي احد صقوره، وخصوصا في السياسة الخارجية ليحل محل نودا. ومع ان معظم استطلاعات الرأي تتوقع فوزه، سيرث الحزب الليبرالي الديموقراطي بلدا لا يثق بنفسه وحتى في حالة تراجع، وساحة سياسية في اوج تقلباتها.

فاليابانيون وخصوصا الشباب منهم، ملوا على ما يبدو من الاحزاب التقليدية وخصوصا بسبب المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهونها وادت كارثة فوكوشيما الى تفاقمها، معتبرين ان هذه الاحزاب لم تعد قادرة على وقف التقهقر البطىء للبلاد التي يقول ما بين 35 واربعين بالمئة من اهلمها انهم لم يعودوا قادرين على العيش فيها.

وفي بلد ما زال مصدوما بكارثة فوكوشيما، اصبحت المسألة النووية موضوعا انتخابيا يثير الانقسام. فقد وعد الحزب الديموقراطي بوقف استخدام الطاقة النووية نهائيا خلال ثلاثين عاما لكنه ابقى على الغموض بشأن وسائل تحقيق ذلك.

اما الحزب الليبرالي القريب من اوساط الاعمال فيقول انه يجب تحديد مهلة ثلاث سنوات للتفكير في هذه المسألة. وقد ظهرت عدة تشكيلات سياسية جديدة مناهضة للطاقة النووية ولديها مطالب تتعلق بخلفيتها القومية.

فمند اسبوعين اسس حاكم منطقة شيغا (وسط الغرب) يوكيكو كادا الحزب المناهض للطاقة النووية quot;مستقبل اليابانquot; لينضم اليه على الفور منشق عن الحزب الديموقراطي ايشيرو اوزاوا في فكرة بناء quot;قوة ثالثةquot; في مواجهة الحزبين التقليديين. يتعلق الامر ايضا بمواجهة حزب الاصلاح الذي يقوده الحاكم السابق القومي جدا لطوكيو شينتورو ايشيهارا ورئيس بلدية اوساكا الطموح تورو هاشيموتو.

وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة هيتوتسوباشي في طوكيو كوجي ناكاكيتا لفرانس برس ان ترجيح فوز الحزب الليبرالي quot;لا يعني ان الناس يعلقون آمالا كبيرة عليه خصوصا بسبب خيبة الامل الكبيرة التي سببها الحزب الديموقراطيquot;.

وعلى كل حال وايا يكن الفائز في الانتخابات سيجد امامه تحديثات دبلوماسية كبيرة تتعلق خصوصا بالعلاقات مع الدولتين الجارتين كوريا الجنوبية والصين وquot;ادارةquot; التصرفات المفاجئة لكوريا الشمالية التي اطلقت الاربعاء صاروخا اثار شبهات، حلق فوق اراضي اليابان، ثم اعادة التوازن الى العلاقة مع الحليف الاميركي الذي لا غنى عنه. فمع بكين وسيول العلاقات في اسوأ حالاتها ومع واشنطن سيكون على طوكيو التمييز بشكل واضح بين تحسين العلاقات المتعثرة منذ ثلاث سنوات مع محاولة تعزيز استقلالية اليابان.