التصعيد هو سيد الموقف في مصر، المعارضة تصر على مواصلة التظاهر لإسقاط مشروع الدستور، والقضاة يقاطعون المرحلة الثانية من التصويت، والنائب العام قدم استقالته.

القاهرة: بدأت المعارضة المصرية الثلاثاء تظاهرات جديدة على أمل تعبئة المزيد من الناخبين ضد مشروع الدستور قبل المرحلة الثانية من الاستفتاء عليه السبت، فيما يبدو المشروع في طريقه للفوز بـ quot;نعمquot; وسط اجواء من الانقسام الحاد.
وتأتي هذه التظاهرات متزامنة مع تصاعد الازمة بين القضاة والسلطة حيث اعلن نادي قضاة مجلس الدولة الاثنين مقاطعته الاشراف على الاستفتاء، كما اعلن النائب العام، الذي عيّنه الرئيس محمد مرسي قبل اقل من شهر، استقالته.
وبدأ مئات من المتظاهرين بعد الظهر بالتجمع في عدد من النقاط في القاهرة للتوجه الى ميدان التحرير والقصر الرئاسي.
وقال ايوب احد المتظاهرين: quot;لسنا موافقين على هذا الدستور ولا نعترف بصحة الاستفتاء عليه. لا يوجد اشراف قضائي حقيقي وشاهدنا الكثير من التزويرquot; في المرحلة الاولى من الاستفتاء السبت الماضي.
ودعت جبهة الانقاذ الوطني التي تضم ابرز قوى المعارضة اليسارية والليبرالية شعب مصر الى التظاهر quot;للدفاع عن ارادته الحرة ومنع تزييفها واسقاط مشروع الدستور الباطلquot;.
واكدت في بيان لها الاثنين على quot;مواصلة الاحتشاد والاستعداد للتصويت بـ +لا+ واسقاط مشروع الدستورquot;.
وتقول المعارضة ومنظمات غير حكومية إن الاقتراع في الجولة الاولى شابه الكثير من quot;التزييفquot; وquot;التزويرquot; لمصلحة quot;نعمquot;.
وكانت المرحلة الاولى من الاستفتاء السبت الماضي شملت عشر محافظات تضم نحو نصف الناخبين المسجلين. واظهرت نتائج غير رسمية موافقة اكثر من 56 في المئة من الذين ادلوا بصوتهم على مشروع دستور يدعمه مرسي وجماعة الاخوان المسلمين التي قدم منها.
واعلنت وزارة العدل الثلاثاء أنها انتدبت قضاة للتحقيق في دعاوى بوجود انتهاكات مؤكدة أنها quot;لا تتدخلquot; مع ذلك في شؤون اللجنة الانتخابية.
ومن المقرر أن تجري المرحلة الثانية من الاستفتاء السبت القادم في 17 محافظة تضم نحو النصف الآخر من الناخبين المسجلين. ويزيد العدد الاجمالي للناخبين المسجلين في مصر عن 51 مليون ناخب.
ولن تعلن النتائج الرسمية النهائية للاستفتاء الا بعد المرحلة الثانية.
وترجح المعطيات الحالية أن يتم تبني مشروع الدستور رغم الرفض القوي من المعارضة التي تعتبر أنه يفتح المجال امام اسلمة مفرطة للتشريع ولا يوفر ضمانات كافية للحريات.
ورغم تقدم quot;نعمquot; فإن الاستفتاء لم يأتِ في مرحلته الاولى في صورة دعم جارف للرئيس محمد مرسي كما كان يأمل الاخوان المسلمون.
ويؤكد انصار الرئيس مرسي أن تبني الدستور سيؤدي الى استقرار المؤسسات في مصر وينهي فترة انتقالية مضطربة وصعبة تلت الاطاحة بالرئيس حسني مبارك بداية 2011.
في المقابل يرى معارضوه أن مشروع الدستور quot;غير توافقي ويقسم البلادquot;.
وتحت عنوان quot;تكريس الانقسامquot;، قال المحلل حسن نافعة في صحيفة المصري اليوم quot;اذا كان الاصرار على طرح مشروع الدستور الحالي نجح في شيء ففي تكريس وتعميق الانقسام بين المصريين الى درجة باتت خطيرة ومثيرة للقلق، فالانقسام الحاصل بين المصريين الآن لم يعد مقصوراً على مستوى النخبة لكنه اصبح يضرب في العمقquot;.
واضاف quot;لا تنتظروا نتيجة الجولة الثانية من الاستفتاء لأنها لن تغيّر من الانقسام شيئًا ولنبدأ بالتفكير منذ الآن في كيفية الخروج من المأزقquot;.
وحذّر وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة الفريق اول عبد الفتاح السيسي من الانقسامات واستمرار الازمة.
وقال السيسي بحسب تصريحات نقلتها الصحف الثلاثاء quot;إن ما تواجهه مصر من انقسامات يؤثر على الاقتصاد ويهدد السلام الاجتماعي للمواطنين وذلك يستلزم وحدة الصف ونبذ الخلافات وتغليب المصلحة العليا للوطنquot;.
واعلن صندوق النقد الدولي الاسبوع الماضي عن تجميد قرض بقيمة 4,8 مليارات دولار، بطلب من القاهرة. واعلنت المانيا الاثنين تعليق شطب الديون المترتبة على مصر، لأن برلين قلقة من اتجاه هذا البلد نحو الديكتاتورية.
من جهة أخرى اتسعت مقاطعة القضاة للاشراف على الاستفتاء دون أن يتضح على الفور اثر ذلك على سير الاقتراع السبت.
وقرر نادي قضاة مجلس الدولة الاثنين عدم الاشراف على المرحلة الثانية للاستفتاء احتجاجًا على عدم تلبية مطالبه وخصوصًا رفع حصار اسلاميين للمحكمة الدستورية وعدم ابرام عقود تأمين للقضاة.
ووسع هذا القرار من جبهة الرفض داخل القضاة الذين تسببت مقاطعتهم للاستفتاء في تنظيمه على مرحلتين.
من جهة أخرى قدم طلعت ابراهيم عبد الله النائب العام المعين من الرئيس المصري محمد مرسي في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، مساء الاثنين استقالته الى المجلس الاعلى للقضاء لينظرها الاحد، وذلك على خلفية احتجاج مئات من اعضاء النيابة ضده واعتصامهم الاثنين امام مكتبه.
وترجم ذلك تزايد التوتر بين الرئاسة والسلطة القضائية.
وعلق مصطفى كامل السيد استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة لوكالة فرانس برس quot;أنها ازمة جديدة للدكتور محمد مرسي تثبت أن قراراته لا تلقى قبولاً في قطاعات مهمة من اجهزة الدولة (..) ما يؤدي الى اهتزاز صورة الرئيس امام الرأي العامquot;.
وكان مرسي عين عبد الله في هذا المنصب بدلاً من عبد المجيد محمود الذي اتهمته السلطة بالتسامح مع رموز نظام مبارك. وكانت اقالته من قبل مرسي موضع تنديد العديد من القضاة باعتبارها اعتداء على استقلال السلطة القضائية.