يجمع المحللون السياسيون على أن مرحلة ما بعد الاستفتاء على الدستور لن تكون مستقرة، وأول ضحاياها الاقتصاد المصري الذي يترنح على حافة الكارثة.
القاهرة: يرى المحللون أن الرئيس المصري محمد مرسي سينجح بلا شك في تمرير الدستور المصري الجديد في الاستفتاء لكن المعركة مع المعارضة ستستمر لمدة طويلة.
وحذر مراقبون من حالة من عدم استقرار طويلة المدى ستقوض من قدرة مرسي على الحكم وستصيب بعنف الاقتصاد المصري الذي يترنح على حافة الكارثة.
وادت اسابيع من الاحتجاجات وزلات مرسي الى اضعاف سلطة الرئيس وشطرت البلاد الى معسكرين: الاول يساند حكم الاسلاميين وآخر يؤيد ائتلاف المعارضة المكون من قوى متباينة توحدت اساسًا بفعل رفضها الشديد لحكم مرسي.
نتائج الاستفتاء ستشعل المواجهات
وقال هاني صابرا، المحلل في مجموعة يوروآسيا، في بيان اعلامي quot;بالطبع الدستور سيتم تبنيهquot; في المرحلة الثانية من الاستفتاء quot;لكن نتائج الاستفتاء ستشعل المواجهة بين الاخوان والمعارضة غير الاسلاميةquot;.
واضاف أن quot;هذه المواجهة التي تجري من خلال الاحتجاجات والاضرابات والمواجهات بين متظاهري الجانبين ومع الشرطة ستجعل حكم البلاد أصعبquot;.
وتراجعت قوة المسيرات المعارضة لمرسي ومشروع الدستور هذا الاسبوع مع تحول الانظار والانتباه الى الاستفتاء.
وكانت المعارضة المصرية وعلى رأسها جبهة الانقاذ الوطني ترددت في البداية بشأن مقاطعة الاستفتاء لكنها في النهاية حثت الناخبين على التصويت بلا على مشروع الدستور الذي صاغه بشكل اساسي التيار الاسلامي والذي اعتبرت انه يفتح الطريق لتطبيق متشدد للشريعة الإسلامية.
وتشير احصائيات غير رسمية الى أن 57% من الناخبين في المرحلة الاولى للاستفتاء صوتوا بنعم لمشروع الدستور.
الا ان المعارضة تؤكد حدوث العديد من المخالفات وعمليات التزوير.
ومن المتوقع أن يزيد الفارق في المرحلة الثانية بقدر كافٍ لتبني مشروع الدستور، لكن بفارق اقل مما كانت تتوقعه جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي.
كما يتوقع أن يكون هناك رد فعل قوي من المعارضة حيث أن رفض مشروع الدستور هو اكثر ما يوحد اليسار والليبراليين والعلمانيين والمسيحيين.
ما يحصل في مصر هو صدام حضارات
ويقول حسن نافعة، المعارض المصري واستاذ العلوم السياسية لوكالة فرانس برس quot;السؤال هو: اذا ما فاز الاخوان هل ستستسلم المعارضة وتقول إنها تفعل ما تستطيع فعله؟ أم أنها ستنزل الى الشارع لحشد اكبر في المستقبلquot;.
ويؤدي اعتماد مشروع الدستور لاجراء انتخابات تشريعية جديدة في مصر، الى ما ينذر بمزيد من التظاهرات المتعارضة وتجدد الجدال الايديولوجي حول اسلمة البلاد.
ويقول بول سوليفان، الاستاذ المتخصص في مصر والشرق الاوسط في جامعة جورج تاون بالولايات المتحدة quot;ما يحدث في مصر هو معركة العقد الايديولوجيةquot;.
واضاف في تحليل نشر على موقع quot;الخبراء الدوليونquot;: quot;بينما يرى معظم المصريين انفسهم كمسلمين ملتزمين يريد الاخوان والسلفيون أن تصبح مصر بلدًا اسلاميًا متشددًاquot;.
وتابع quot;ربما ما يحدث هو صدام بين التفسيرات المختلفة للاسلام أو حتى صدام للحضارات داخل مصر نفسهاquot;.
واختتم قائلاً quot;النتائج لن تتحدد بالاستفتاء الجاري أو حتى بالانتخابات القادمة. إنه مجرد جدل ظاهري سيتبين أنه جزء صغير من قضايا اكبرquot;.
الاقتصاد هو الضحية الأكبر
واول ضحايا الاضطرابات المستمرة هو الاقتصاد المصري الذي تباطأ أداؤه بشكل مأساوي في اعقاب الانتفاضة الشعبية التي اسقطت الرئيس المصري السابق حسني مبارك في شباط (فبراير) 2011 ولم يتعافَ بعد.
ويتوقع أن يكون معدل نمو اجمالي الناتج المحلي نحو 2% في 2012 و3% في 2013 وفقًا لصندوق النقد الدولي، لكنه نصف الاداء المسجل قبل الثورة.
وتبلغ نسبة البطالة في مصر اكثر من 12%، ويعيش نحو 40% من سكانها على ما يوازي دولارين اميركيين او اقل يوميًا.
وتراجع احتياطي البنك المركزي المصري باكثر من النصف منذ بداية 2011 ليهبط الى اقل من 15 مليار دولار اميركي.
كما علق صندوق النقد الدولي الاسبوع الماضي قرضًا مقترحًا لمصر بقيمة 4,8 مليارات دولار تحتاجه القاهرة لمنع تعويم الجنيه المصري.
وقال سفير الاتحاد الاوروبي في مصر لفرانس برس إن تآكل الاحتياطي النقدي المصري quot;أمر مقلق بوضوح للحكومة ولناquot;.
واوضح أن هذا الوضع quot;قد يدفع البنك الاوروبي للتنمية واعادة البناء الى اعادة النظر في مشروعه الهادف الى استثمار 2,7 مليار دولار اميركي في القطاع الخاص في مصر في السنتين المقبلتينquot;.
التعليقات