بسبب الموقف الروسي الرسمي الداعم لنطام بشار الأسد، يتعرض المواطنون الروس، ومواطنو دول الاتحاد السوفياتي السابق، لخطر الوقوع في قبضة الثوار، فيخطفونهم ويقتلونهم انتقامًا من مواقف فلاديمير بوتين وسيرغي لافروف.


أشرف أبو جلالة من القاهرة: أخطار حقيقية باتت تتهدّد أفراد الجالية الروسية في سوريا، مع احتدام القتال بين الثوار والقوات النظامية، وهو ما تجلّى بوضوح في عمليات الخطف التي تكررت خلال الآونة الأخيرة، كان أبرزها واقعة اختطاف مدونة وصحافية أوكرانية تدعى أنهار كوشنيفا، تحفظت عليها إحدى الجماعات الثورية السورية، واعترفت في تسجيل مصور التقطه لها أحد المختطفين بأنها تعمل لصالح أجهزة المخابرات الروسية.
يبدو واضحًا أن كوشنيفا اعترفت مكرهة، إلا أنها حددت في حديثها أحد العسكريين الروس، ويدعى بيوتر بيتروف، على أنه ضابط الاتصال معها. ورأت صحيفة نيويورك تايمز أن مثل هذا النوع من التسجيلات هو الذي يستخدم لتبرير تصفيتها.
وأشارت الصحيفة إلى أن المفاوضات سرعان ما بدأت من أجل تخليص كوشنيفا، في وقت يمر فيه الصراع السوري بمنعطف خطِر، إذ بدأت الجماعات المسلحة ذات المصالح السياسية والتجارية تُحَوِّل اهتمامها نحو المدنيين.
خطط روسية

ثمة عشرات الآلاف من المواطنين الروس، وغيرهم من الذين يتحدثون الروسية منذ أيام الاتحاد السوفياتي السابق، يعيشون في سوريا، وينتشرون في أماكن متفرقة، لدرجة أن تحديد مقرات إقامتهم تعد مهمة شبه مستحيلة.
وتنبه الجميع لحقيقة الخطر الذي يتعرض له الروس في سوريا يوم الاثنين الماضي، حين قام مسلحون بخطف عاملين روسيين يعملان في مصنع للصلب وزميل ايطالي لهما على مقربة من المكان الذي تم فيه اختطاف الصحافية كوشنيفا.
وذكرت صحيفة كوميرسانت الروسية اليومية أن المختطفين طلبوا فديةً تزيد عن 700 ألف دولار.
في اليوم التالي، قال أحد مسؤولي أجهزة الطوارئ الروسية بتصريحات لصحيفة ازفستيا إنهم يعدون في الوقت الحالي quot;مجموعة خطط طوارئ لإجلاء ما قد يصل إلى 30 ألف مواطن روسي أو 60 ألفا إذا تم إدراج مواطنين من كافة دول الاتحاد السوفيتي سابقًا، كما تم إرسال سفن حربية روسية لهذا الأمرquot;.
معارض أو قاطع طريق؟

قالت نيويورك تايمز إن الروس ليسوا وحدهم المستهدفين، منوهةً في هذا الإطار بالتصريح الصحافي الذي أدلى به هيثم المالح، وقال فيه إن المدنيين الروس والإيرانيين يشكلون أهدافًا عسكريةً شرعيةً للمسلحين في سوريا بسبب دعم حكوماتهم للرئيس الأسد.
وجاء تهديد مماثل من قبل ملثمين يزعمون أنهم اختطفوا كوشنيفا، ظهروا على التلفزيون الأوكراني وقالوا: quot; لن نسمح لمواطن روسي أو أوكراني أو إيراني أن يخرج حيًا من سورياquot;.
وفي مقابلة أجريت معه، قال أشوت دزهازويان، أمين عام الاتحاد الدولي لنقابات الصحافيين: quot;حين تبدأ في اختطاف الصحافيين، لا تكون معارضًا، إنما قاطع الطريق. وإن أطلقوا سراح كوشنيفا فسنفهم أن هناك إمكانية للتفاوض معهمquot;.
وضعها معقد

أشار أصدقاء مقربون من كوشنيفا إلى أنها كانت معارضة للغاية لفكرة التدخل الغربي في سوريا. وأضافوا: quot; كان تتمتع بقدر كبير من الطاقة والحيوية، وكانت تعتقد أن السلطات السورية بدأت تفقد دورها في حرب المعلوماتquot;.
وأوضح أندرو تابلر، وهو خبير مختص في الشأن السوري لدى معهد سياسات الشرق الأدنى في واشنطن، أن موقف كوشنيفا الداعم للحكومة السورية كان كافيًا لتعقيد وضعها، ولتعرضها لمثل هذا الاختطاف.
وامتدت الجهود المبذولة لتحرير كوشنيفا إلى منظمات الدعم والمناصرة الدولية، التي بدأت تقول إن هذه القضية تشكل مفترق طرق بالنسبة إلى المعارضة السياسية.
وقالت سيلينا ناصر، وهي باحثة في منظمة العفو الدولية في العاصمة اللبنانية بيروت، إن كوشنيفا معرضة لخطر القتل عما قريب، وإن الجميع قلق للغاية بشأنها.