وصف مصطفى علوش، عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل، سياسة الحكومة اللبنانية حيال استقبال وزير الداخلية السوري محمد الشعار بالأكذوبة الكبيرة، ولم يستبعد ارتباط مخطط اغتيال مفتي طرابلس والشمال مالك الشعّار بملف سماحة ndash; مملوك.


لم تكن الصدفة هي التي قادت quot;شعّارينquot; إلى بقعة الضوء على مسرح الأحداث في لبنان، بل هي الثورة السورية. الشعّار الأول هو الشيخ مالك الشعّار مفتي طرابلس والشمال، الذي يبدو أن مساندته للثورة وعوامل أخرى ساهمت في تحضير عملية لاغتياله، أشارت معلومات إلى أن النظام السوري متورّط في تركيبها.

الشعّار الثاني، هو محمد الشعّار، وزير الداخلية السوري الذي أدى انغماسه إلى جانب النظام في قمع الثورة، لتعرضه لمحاولة اغتيال فعلية حين تعرض مبنى الوزارة لتفجير قبل نحو اسبوعين ما أدى إلى إصابته بجروح نقل على إثرها إلى بيروت للمعالجة.

في المنفى القسري

على المحور الأول، تكثّفت الإجراءات الأمنية الباحثة عن خيوط حقيقية في قضية محاولة إغتيال المفتي مالك الشعّار. لكن مصادر قضائية متابعة أفادت quot;إيلافquot; بأن المعطيات لم تتبلور بعد، وأن القضاء اللبناني لم يتسلّم أي شيء حتى الآن في هذا الملف، لافتة إلى أن القضية لا تزال في يد الأجهزة الأمنية التي تعمل على تكوين الملف قبل إحالته إلى الجهات المختصة، لافتة إلى أن هذا الأمر قد يأخذ حيّزاً من الوقت وأن أي معطيات جدية قد لا تتكشّف قبل نهاية الشهر المقبل.

وفي ردٍّ على سؤال عن مدى مصداقية المعلومات التي أدلى بها الشيخ عبد الجليل السعيد، أكدت المصادر أن مدّعي عام التمييز حاتم ماضي سيطلب بعد الأعياد شريط الفيديو للحلقة التلفزيونية التي ظهر فيها السعيد ليستمع إلى ما قاله وإذا ما لمس حداً أدنى من الصدقية في الكلام فإنه سيكون بصدد استدعاء السعيد للاستماع إلى إفادته والحصول منه على ما يثبت صحة كلامه.

ولفتت المصادر إلى أن المعلومات المتوافرة لا تتعدى تأكيدات لجدية محاولة اغتيال معطوفة على التحذيرات التي أرسلتها الجهات الأمنية إلى المفتي الشعّار، معتبرة أن الخطوة الأولى تنتظر استكمال تكوين الملف القضائي وفتح الدعوى بحق من تظهره تحقيقات القوى الأمنية متورطاً.

في هذا المجال، رأى مصطفى علوش، عضو المكتب السياسي في quot;تيار المستقبلquot; في حديث مع quot;إيلافquot;، أن هذه القضية يجب أن تحال إلى التحقيق ليحاسب كل من كان متورطاً فيها. ورداً على سؤال عن مدى صحة المعلومات التي رواها الشيخ عبد الجليل السعيد، مدير الاعلام والعلاقات العامة في افتاء سوريا سابقًا، الذي إنشق عن النظام السوري، قال: quot;هناك إتجاه إلى تقديم دعوى بحق كل من ذكره الشيخ عبد الجليل سعيد وعلى التحقيق أن يكشف ما إذا كان الموسوي أو غيره متورطين أم لاquot;. وتابع quot;ذكر الشيخ عبد الجليل أن شيخين من دار الفتوى متورطان أيضاً وبالتالي نحن ندعوه إلى تقديم كل ما بحوزته من معلومات وتسمية الأشياء بأسمائها ليتمكن القضاء اللبناني من القيام بدورهquot;.

وشدد على أن ما ذكر من معلومات في محاولة إغتيال المفتي الشعار ليس مستغرباً لا على النظام السوري ولا على quot;حزب اللهquot;، وقال quot;التاريخ شاهد على أن النظام السوري اغتال المفتي حسن خالد والشيخ الدكتور صبحي الصالح والشيخين عبد الواحد ومرافقه في عكار، وهذا دليل كافٍ على تورّط هذا النظام في اغتيالات رجال الدينquot;.

أضاف quot;أما بالنسبة إلى حزب الله فمن المؤكدوجود أربعة قياديين متهمين في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأن هناك شخصاً هارباً من وجه العدالة في محاولة اغتيال النائب بطرس حرب، وهذا يعني أن الاغتيال موجود أيضاً في قاموس الحزب، ومن هنا نحن لا نستبعد تورّط الجهتين في قضية اغتيال المفتي الشعّارquot;.

ولم يستبعد علّوش أن يكون مخطط اغتيال المفتي الشعّار مرتبطاً بملف quot;سماحة - المملوكquot; وذكّر بأن سماحة لم يُبدِ مانعاً في استهداف الشيخ أسامة الرفاعي من ضمن مخططه لزرع متفجرات في الشمال، وقال: quot;الطرف الذي يرسم المخططات واحد، وهو النظام السوري، والمنفذون مختلفونquot;.

دار الفتوى رفضت التعليق بشكل رسمي على ما ذكره الشيخ السعيد عن تورط شيخين منها في محاولة اغتيال الشعار، إلا أن مصادر مقرّبة من الدار ذكرت لـquot;إيلافquot; أن الصورة بمكن اختصارها بأن الدار لا تتعاطى مع أي إتهمات تطال أياً من المشايخ إلا في الإطار القانوني الملموس وليس عبر اتهامات قد تصح أو تبطل. وعليه، فإن دار الفتوى ستنتظر ما يتبيّن في التحقيق لتبني على الشيء مقتضاه. وشددت على أن الشيخ عبد الجليل السعيد لو كانت لديه معلومات ملموسة وصحيحة كان يجب أن يقدمها إلى الجهات المختصة من دون التجريح بالدار وبصورتها.

شعّار في quot;الأميركيةquot;

على المقلب الآخر، وفي مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، يرقد وزير الداخلية السوري، محمد الشعار. التكتم هناك شديد، لكن المعلومات الخاصة التي حصلت عليها quot;إيلافquot; تفيد بأن الشعّار نقل بعد ظهر السبت إلى أحد الأجنحة في الطبقة العاشرة بعدما أمضى في غرفة العناية الفائقة ثلاثة أيام.

وفي حين رفضت المستشفى التعليق بشكل رسمي، علمت quot;إيلافquot; أن وضع الشعّار مستقر وأن لا خطر على حياته. وشرحت مصادر مطلعة أن الشعّار، عند وصوله إلى المستشفى، كان مصاباً بجروح وحروق في أنحاء كثيرة من جسمه، وأن بعض حروقه كانت من الدرجة الثالثة (وهي الدرجة الأخطر) كما أن التشخيص الطبي لحالته لحظة وصوله كان ما يعرف بالـ quot;Polytraumaquot; وهو التعبير الطبي المستخدم للدلالة على شخص مصاب بحروق وجروح على درجة عالية من الخطورة.

وتؤكد المصادر أن الشعّار يخضع لحماية أمنية يوفرها جهاز الأمن العام اللبناني، الذي يقال إن ولاء قيادته لـquot;حزب اللهquot;. وتلفت المصادر إلى أن عناصر الأمن العام يتواجدون على مداخل المستشفى وفي الطبقة العاشرة حيث ينزل الشعّار في القسم الجنوبي منها، وأن أربعة عناصر على الأقل يتولون حراسة الجناح الذي ينزل فيه.

المصادر ذاتها، أوضحت أن ملف الشعّار، الذي يشرف على علاجه الطبيب ج. أبي سعد مع فريق من الجرّاحين وأطباء الترميم، صنّف بالـquot;سريquot; ولا يستطيع موظفو المستشفى الوصول إليه على عكس ما هو معمول به بالنسبة لسائر المرضى.

ومع أنه نقل إلى الجناح الخاص، إلا أن الشعّار ووفق المصادر الطبية ذاتها، يخضع لمراقبة دقيقة وهو يستطيع التواصل مع الاطباء إنما بصعوبة لأن إصابته تتركّز في الجزء العلوي من جسمه وأنه مصاب بما لا يقل عن عشر شظايا استقرت في الرأس والرقبة، وأن كسراً أصاب كتفه، ونفت المصادر الطبية ما ذكر عن إصابة بالغة في الظهر، لافتة إلى أن العمود الفقري والنخاع الشوكي بحال جيدة.

لكن المصادر تحدثت عن تلف بسيط في الرئتين ومشكلة في تدفق الدم إلى الرجلين يجري العمل على معالجتها.

على صعيد آخر، أفادت معلومات بأن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أعطى تعليماته بالسماح للطائرة التي نقلت الشعّار بالهبوط لأسباب إنسانية وطارئة، وهو ما أكده علّوش بقوله quot;علمنا أن الشعّار نقل إلى المستشفى بسيارات الصليب الأحمر اللبناني وبمواكبة أمنية من الأمن العام، أما أن تكون عناصر حزب الله قد تنكّرت بملابس الأمن العام فهذا ليس مستغرباًquot;.

وتابع علّوش، وهو طبيب جرّاح منذ فترة بعيدة quot;بما أن الحال الصحية سمحت بنقل الوزير السوري جوّاً فكان من الممكن نقله إلى مكان آخر كطهران أو موسكو مثلاًquot;.

quot;سياسة النأي بالنفس أكذوبة كبيرة إخترعها نجيب ميقاتي،quot; بهذه العبارة وصف عضو المكتب السياسي في quot;تيار المستقبلquot; سياسة الحكومة حيال استقبال وزير الداخلية السوري، محمد الشعّار، للعلاج في بيروت.

وقال quot;من الناحية الشكليّة والقانونية الحكومة لم ترتكب خطأً لأن الوزير السوري ليس مطلوباً، حتى الآن على أقل تقدير، بأي مذكرات توقيف وليس هناك أي إجراء قانوني ضدهquot;. واستدرك بأن استقبال الشعّار للعلاج quot;قد يعمّق الشرخ بين الشعب السوري والدولة اللبنانية في المرحلة التي تلي سقوط نظام بشّار الأسد، لا سيما أن الثورة السورية تسير نحو الإنتصار بخطى ثابتة،quot; وتابع quot;كان على الدولة أن تنأى بنفسها فعلاً في هذا الملفquot;.

وأشار علّوش إلى أن quot;ميقاتي إخترع أكذوبة النأي بالنفس ليداري ضعفه من جهة، وليثبت ولاءه للمعسكر الذي أوصله إلى رئاسة الحكومة بعد إنقلابه السياسي على حلفائه في الانتخابات النيابية (تيار المستقبل) لأن ميقاتي يدرك أنه ساقط سياسياً وإنسانياًquot;.