لا يثقاحمد الحريري، امين عام تيار المستقبل ،بحزب الله ولا برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي قد ينقلب على نفسه في أي لحظة لتحقيق مصالحه،لكنّه يشدد على أن تيار المستقبلمنفتح على النقاش لإخماد نار طرابلس، ولصياغة قانون انتخابي يراعي هواجس الجميع، ويتمسك بكل الأحوال بإجراء الانتخابات في موعدها.


شن أحمد الحريري، أمين عام تيار المستقبل، هجومًا على نجيب ميقاتي، رئيس الحكومة اللبنانية، وعلى حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، ورأى أن أي حل في طرابلس لا يستقيم برعاية ميقاتي طالما أن كل المشاكل في البلد تحصل برعايته.

ودعا الحريري نصر الله بالمبادرة إلى تلبية دعوة قوى 14 آذار إلى تشكيل حكومة إنقاذية حيادية، بدلًا من الاستمرار في اللف والدوران، والإطلالة دائمًا من موقع المرشد الفاشل لحكومة فاشلة.

كما طالب الحريري ميقاتي، في حواره مع quot;إيلافquot;، بالكف عن اللعب بنار طرابلس، quot;بعدما بات شريكًا في محاولة تصويرها على أنها قندهار بحديثه عن الإمارة الاسلاميةquot;، مستدركًا بالقول إن التجارب quot;علمتنا أننا لا يمكننا الوثوق بميقاتيquot;، لافتًا إلى أنه quot;لو كان موقف ميقاتي جديًا، لكان استدعى سفير النظام السوري وأبلغه رسالة إحتجاج على المذكرات الهزلية التي صدرت بحق الرئيس سعد الحريري والنائب عقاب صقر، ولكان رفض أن يستخدم هذا السفير وزارة الخارجية اللبنانية منصة للهجوم على رئيس حكومة سابق وزعيم أكبر تكتل نيابيquot;.

في الملف الإنتخابي، تساءل الحريري: quot;كيف يقتنع اللبنانيون بأن حزب الله الذي يهدد أمنهم حريص على حصول الإنتخابات، وهو أثبت أنه لم يحترم نتائجها ولن يحترمها في حال لم تكن كما يريد؟quot;، مشددًا على أن تيار المستقبل منفتح على النقاش، للوصول إلى قانون إنتخاب يراعي هواجس الجميع ويحقق صحة التمثيل، لكنه متمسّك أيضًا باحترام المواعيد الدستورية.

وفي ما يأتي نص الحوار:

دعوتم إلى معالجة جذرية للمشاكل في طرابلس، فهل لديكم مبادرة خاصة في هذا الصدد؟

لطالما كان لتيار المستقبل مبادرات من أجل وحدة طرابلس ومستقبلها، منذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري وإلى اليوم. هذا شرف لا ندعيه، كما يدعيه غيرنا، لأن طرابلس وأهلها في قلب تيار المستقبل الذي يريد للمدينة كل خير، ولا سيما أنها مستهدفة باعتدالها. تيار المستقبل يبادر دائمًا عبر نوابه وقياداته في المدينة، لردع شر النظام السوري عن طرابلس. لكن مسؤولية الدولة أن تبادر أولًا. أما الواضح فهو أن ثمة من يحاول يائسًا تطويع طرابلس وكسر شوكتها وزجها في فتنة مشبوهة، خصوصًا في ظل هذه الحكومة المحكومة من قبل النظام السوري المأزوم والمصرّ عبر أدواته المسلحة على أن تبقى عاصمة الشمال على فوهة بركان يريد تفجيره بأي ثمن.

لا نثق بميقاتي

هل أنتم على استعداد للجلوس مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لبحث موضوع طرابلس والوصول إلى حل برعايته؟

نحن على استعداد للجلوس مع جميع أبناء طرابلس، كنا وسنبقى، لكن قبل أن نجلس مع ميقاتي عليه أن يكف عن اللعب بنار طرابلس، بعدما بات شريكًا في محاولة تصويرها على أنها قندهار بحديثه عن الإمارة الاسلامية، وبعدها لكل حادث حديث، علمًا أن التجارب علمتنا أننا لا يمكننا الوثوق بميقاتي، الذي قد ينقلب على نفسه من أجل مصلحة ما، وهو الذي انقلب على ثقة طرابلس وأهلها من أجل كرسي رئاسة الحكومة. وهو اليوم شريك في الهجمة المنظمة على طرابلس، طالما أنه ارتضى أن يكون شريكًا للمحور السوري ndash; الإيراني في هجمته الشرسة على لبنان. أي حل لا يستقيم برعاية ميقاتي، طالما أن كل المشاكل في البلد تحصل برعايته.

قال ميقاتي إن المذكرات السورية بحق الرئيس سعد الحريري والنائب عقاب صقر والمتحدث باسم الجيش السوري الحر لؤي المقداد، سياسية ولاغية قانونًا. فكيف قرأتم موقفه؟

موقف ميقاتي للإستهلاك الإعلامي، ليس إلا. فهو يحاول تلميع صورته التي تزداد تشوهًا يومًا بعد يوم. ولو كان موقفًا جديًا لكانت الحكومة تبنته بدلًا من أن تنأى بنفسها عن المسألة وتدفن رأسها في الرمال. فلو كان موقف ميقاتي جديًا، لكان استدعى سفير النظام السوري وأبلغه رسالة إحتجاج على هذه المذكرات الهزلية، ولكان رفض أن يستخدم هذا السفير وزارة الخارجية اللبنانية منصة للهجوم على رئيس حكومة سابق وزعيم أكبر تكتل نيابي. فمواقف الناس في أفعالها وليس في أقوالها، وقد اعتدنا على ميقاتي الذي يقول كثيرًا ويفعل قليلًا جدًا، ويستمر على رأس حكومة الإنتقام التي تأخذ بالبلد نحو الإنهيار، وتغطي القتلة، وتحمي المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

السلاح وليس القانون

ملف الإنتخابات مفتوح على كل الإحتمالات في ظل عدم التوافق على قانون إنتخابي حتى اللحظة، وحزب الله يتهمكم بتضييع الوقت للعودة إلى قانون الستّين. فما موقفكم ؟

حزب الله هو آخر من يحق له أن يتهمنا بتضييع الوقت، فهو المتهم الرئيسي بإضاعة نتائج إنتخابات 2009 بالإنقلاب عليها بقوة السلاح غير الشرعي. فكيف يقتنع اللبنانيون بأن حزب الله الذي يهدد أمنهم حريص على الإنتخابات، بينما أثبت أنه لم يحترم نتائجها ولن يحترمها في حال لم تكن كما يريد؟ كيف يقتنع اللبنانيون أن حزب الله حريص على الإنتخابات وهو الذي وضع عبر الحكومة قانونًا مفصلًا على مقاسه لإلغاء الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط؟ كيف يقتنع اللبنانيون أن حزب الله حريص على الإنتخابات وهو سعى، عبر هذا القانون الإلغائي، إلى تعليب الاستحقاق الانتخابي كي يكون محطة ديموقراطية مزورة لتكريس نتائج إنقلابه المسلح في العام 2010؟

ما هو القانون الإنتخابي الأمثل بالنسبة إليكم؟

سلاح حزب الله الذي استباح الحياة السياسية والديموقراطية هو المشكلة، وليس قانون الإنتخاب. فالقاصي والداني يعلم أن حزب الله يتحضر للإنتخابات على أساس قانون الستين، وإذا وجد أن باستطاعته أن يحقق الأكثرية، فقانون الستين الذي يهاجمونه اليوم سيصبح مقدسًا. وإلا ما معنى هذا الاهتمام منقطع النظير بزحلة، التي حسمت الاكثرية في العام 2009، عبر زيارات مسؤوليه التي تعززت بزيارة السفير الايراني غصنفر ركن أبادي؟ تيار المستقبل منفتح على النقاش للوصول إلى قانون إنتخاب يراعي هواجس الجميع ويحقق صحة التمثيل، لكننا في المقابل متمسكون باحترام المواعيد الدستورية، إن تم التوصل إلى قانون جديد أو تعذر ذلك، لأن الشعب اللبناني ملّ من الأعراف الجديدة التي يحاول حزب الله تكريسها على حساب الدستور والقانون والمؤسسات. وهذا الأمر برسم رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الذي نرى فيه الضمان الوحيد لإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها الدستوري.

نحن أهل اليد الممدودة

طرح أمين عام حزب الله فكرة تشكيل فريق عمل وطني لمعالجة الأزمات الداخلية. هل تلبون هذه الدعوة وتنخرطون في مثل هذا الفريق؟

بصراحة، لا يمكن للبلد أن يعيش وفق مزاج نصر الله. ألم تكن حكومة الوحدة الوطنية التي أسقطها بقوة السلاح لتحقق هذا الغرض؟ فما الذي تغيّر؟ طالما أنه يريد تشكيل فريق عمل وطني لمعالجة ما جرّته حكومته من فشل ذريع في الحكم، فلِمَ يبقى متمسكًا ببقائها؟ يهاجم 14 آذار لأنها تطالب برحيلها، فلماذا لا يقدمها قربانًا للولوج إلى حل من ضمن المؤسسات وليس من خارجها، لتأليف حكومة محايدة تضم هذا الفريق الإنقاذي؟ لكن يبدو أن نصر الله لا يسمع جيدًا، ومن واجبي تذكيره بأن 14 آذار لم تنفك تطالب بحكومة إنقاذية حيادية، فهل يعقل أنه لم يكن يسمع طوال أشهر. المطلوب من نصر الله أن يبادر إلى تلبية دعوتنا إلى حكومة إنقاذية حيادية، لا أن يستمر في اللف والدوران والقفز فوق دور المؤسسات وتقويضها، والإطلالة من موقع المرشد الذي أثبت أنه مرشد فاشل لحكومة فاشلة، يريد لفريق عمل أن يعالج الأزمات التي تسببت بها؟

حكي عن مسعى للتقريب بين تيار المستقبل وحزب الله، وبادر التيار إلى وضع شروط مرتفعة السقف للتحاور مع الحزب، فاتهمكم بفرض شروط مسبقة لأنكم لا تريدون الحوار. كيف تردّون؟
لم نكن يومًا ضد الحوار مع أحد، وسياسة اليد المدودة نحن أهلها، لكن لا يمكن أن نستمر بمد اليد لمن يريد قطعها، خصوصًا أن حزب الله مستمر بحربه على تيار المستقبل الذي كان داعمًا له عندما كان مقاومة حقيقية. لا نضع شروطًا، لكن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. من لا يريد الحوار هو من يتهم الآخرين بأنهم لا يريدونه. شروط الحوار هي الشروط التي تمليها الدولة على الجميع، ونحن في تيار المستقبل نلتزم بها، بينما حزب الله يضرب بها عرض الحائط.

شرفٌ ندعيه

يرى البعض أنكم أكثرتم من الانغماس في الأزمة السورية. ألا تخشون من خسارة كل رهاناتكم في حال حصول تسوية سياسية دولية تنقذ بشار الأسد في اللحظات الأخيرة؟

من يقف إلى جانب الحق لا يخشى الخسارة. نحن ندعم الثورة السورية منذ يومها الأول، وهذا شرف ندعيه، لأن دعمنا للشعب السوري المظلوم واجب إنساني وأخلاقي. أصلًا ليس لدينا ما نخسره، لأن دورنا ليس مرتبطًا برحيل نظام الأسد أو ببقائه، كما هي حال آخرين يهلوسون ولا ينامون ليلًا لشعورهم بقرب سقوط نظام بشار الأسد. وليس بخافٍ على أحد أن في سقوط الأسد مصلحة أكيدة من أجل بناء الدولة في لبنان، خصوصًا أن النظام هو المسؤول الأول والأخير عن كل الويلات التي ألمت بلبنان في السنين الماضية، والذي لم يكف حتى اليوم عن التعاطي مع لبنان على أنه خاصرة ضعيفة يتحكم بها، ويرسل لها المتفجرات ساعة يشاء، ويحرك فيها الفتنة ساعة يريد. في المقابل، نجد أن رهان الآخرين على بقائه رهان ضد لبنان، كما هي الحال مع حزب الله الذي ربط مصيره بمصير الأسد عندما تورط في القتال إلى جانبه ضد الشعب السوري المظلوم. أما الإفتراض باحتمال حصول تسوية لإنقاذ الأسد ليس منطقياً أبدًا، لأن المنطق يقول إن أي تسوية أو حسم سيكون لإنقاذ الشعب السوري من قاتله، وليس العكس. فعقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، والخناق يضيق على هذا النظام الآيل إلى سقوط حتمي، بإذن الله.