يحذر الخبراء الإيرانيون من تغيرات جوهرية في أنماط تعاطي المخدرات في البلاد التي أنهكتها العقوبات، إذ يبتعد المدمنون عن الأفيون ويلجأون إلى حقن من المخدرات الاصطناعية أكثر خطورة.


شددت مصارف الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي العقوبات على النفط الايراني هذا العام، ما تسبب بتدهور الاقتصاد ترافق مع ارتفاع قياسي في أسعار الاستهلاك، فأدى ذلك إلى تسريع التحول في أنماط الإدمان، كما يقول الخبراء.

يقول سعيد، وهو مدير مركز إعادة التأهيل من المخدرات المملوك جزئيًا للدولة رفض ذكر اسم عائلته، لصحيفة فاينانشال تايمز: quot;النتائج التي توصلت اليها حتى الآن تظهر أن المشاكل الاقتصادية، تحديدًا في الأشهر الأخيرة، أدت إلى انخفاض في عدد المدمنين الخارجين من مراكز إعادة التأهيل لدينا، ما يعني أن متعاطي المخدرات انتقلوا إلى أساليب أرخص وأكثر خطورة مثل الحقن التي يكلف علاجها شهريًا نحو 147 دولارًا، اي ما يساوي نحو نصف دخل أسر العائلات ذات الدخل المحدود في البلادquot;.

أثر العقوبات

تراجعت قيمة الريال الايراني أكثر من 50 بالمائة خلال العام الجاري، فيما ارتفع التضخم أكثر من 26 بالمائة، وفقًا للبنك المركزي الايراني، على الرغم من أن خبراء الاقتصاد والناس العاديين يعتقدون أن التضخم أعلى بكثير من هذه النسبة.

ويقول خبراء المخدرات إن هذا التضخم أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار العقاقير، وخصوصًا المواد الاصطناعية مثل الشيشه (من مشتقات الميثامفيتامين البلوري عالية النقاء)، وهي جرعة يمكن شراؤها بنحو 30 ألف ريال أي بنحو دولارين ونصف بسعر الصرف الرسمي، مقابل غرام واحد من الأفيون الذي يتم تسعيره بنحو 50 ألف ريال أي أكثر من أربعة دولارات.

عباس ديلاميزاد، مدير جمعية إحياء غير الحكومية التي تقدم الإجراءات الداعمة والوقائية لأكثر من 140 ألف مدمن سنويًا، يشير إلى أن ارتفاع استخدام المنشطات من مجموعة الأمفيتامين بدأت قبل زهاء أربع سنوات.

يقول: quot;همنا هو تأثير العقوبات وتدهور الاقتصاد المستمر على تغيير أنماط استهلاك المدمنين، الذين يتحولون من تدخين الأفيون إلى سلوكيات شديدة الخطورة، مثل حقن الهيروين أو استخدام الشيشهquot;.

إدمان كثيف

تعاني ايران نسبة عالية من إدمان المخدرات ومن الاتجار بها منذ قرون عدة، على الرغم من الجهود الحثيثة المبذولة للقضاء على هذه التجارة. وتشهد البلاد أحد أعلى معدلات استخدام الأفيون والهيروين، وفقًا لتقرير المخدرات العالمي الذي صدر هذا العام.

وقدرت تقارير رسمية وصول عدد المدمنين إلى نحو مليونين منذ العام 2007، لكن الخبراء يقولون إن الرقم يصبح 16 مليونا، إذا شمل أسر المدمنين الإيرانيين الذين يعانون مباشرة تأثير تعاطي المخدرات، وهو رقم ضخم نسبة إلى عدد السكان البالغ 75 مليون نسمة.

وعلى الرغم من أن العقاقير التقليدية، مثل الأفيون والهيروين، لا تزال الأكثر انتشارًا، يحذر العديد من الخبراء من تغيير أنماط التعاطي نحو استخدام المواد الاصطناعية، وخصوصًا بين النساء.

تحول وجريمة

يعود هذا التحول إلى أن المواد المخدرة المصنعة أكثر توفرًا في البلاد، وهي متاحة بشكل أوسع وبأسعار معقولة، كما أن هذه المواد عديمة الرائحة ويمكن ابتلاعها، شمها أو حتى حقنها.

يشعر الخبراء أيضًا بالقلق إزاء ارتفاع الجرائم التي يرتكبها مدمنو المخدرات، لا سيما وأن مستخدمي هذه المواد يمكن أن يعانوا على المدى الطويل ثقوبًا في الذاكرة وصعوبة في اتخاذ القرارات وتباطؤا في التفكير اللفظي، مع أعراض تشبه الفصام أو جنون العظمة.

ويقول مصطفى اغليما، مدير الجمعية العلمية لنشطاء المجتمع الايرانيين:quot;عندما يفتقر المدمن للمال يتجه نحو شراء المواد الأرخص إنما الأكثر خطورة، كما يلجأ إلى ارتكاب الجرائم مثل التهريب أو السرقة من أجل تأمين ثمن المخدراتquot;.