أثار رفع علم الجيش السوري الحر وعلم (صدام حسين) في تظاهرات محافظة الأنبار غضب متظاهرين شيعة وسط وجنوب العراق، فاتحين الباب على تصعيد طائفي جديد.


بغداد: تتواصل حدة التوتر الطائفي في العراق تصاعداً مع تصريحات قادة سياسيين من الداخل والخارج، خاصة في غرب ووسط العراق وجنوبه.

فبعد التظاهرات، التي شهدتها ولما تزل محافظة الأنبار، ذات الغالبية السنية، المنددة باعتقال عدد من أفراد فوج حماية وزير المالية رافع العيساوي بتهم إرهابية، شهد يوم أمس الجمعة تظاهرة في محافظة النجف ذات الغالبية الشيعية، نددت بتصريحات رئيس الوزراء التركي، الذي رفعت صوره في تظاهرات الأنبار، وبرفع علم الجيش السوري الحر أيضاً، وبتصريحات النائب عن القائمة العراقية أحمد العلواني.

وكان العلواني هاجم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال مشاركته في إحدى تظاهرات الأنبار، ووصف الشيعة بالعملاء لإيران، وشبّههم بالخنازير. لكنه نفى ما نسب إليه، وتسبب بمطالبة التحالف الشيعي بشطب عضويته من مجلس النواب.

وكانت قوة أمنية عراقية أوقفت في العشرين من الشهر الجاري تسعة عناصر من فوج حماية وزير المالية بعد التحقيق مع نحو مئة وخمسين من الفوج للتحقق من هويات المطلوبين، فاحتجّ الوزير، وفسّر الاعتقال على أساس طائفي واستهداف للمكوّن السنّي العراقي، خاصة بعد الحكم على نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، وهو سني، وعدد من أفراد حمايته، بالإعدام بتهم إرهابية.
لكن رئيس الوزراء العراقي ينفي تلك التفسيرات، ويصرّ على أن لا دخل له بالقضاء وبالاعتقالات. استمرار تظاهرات الأنبار التي انطلقت، ولما تزل، قبل أسبوع يرى قادة في الائتلاف الشيعي أنها أخذت أبعاداً طائفية بسبب تدخلات سياسية فيها لتجييشها طائفيًا من أجل مكاسب انتخابية.

وقد اعتبر رئيس الحكومة نوري المالكي، أمس الجمعة، أن كل شيء في العراق قد خضع للتسييس، وأن الجميع يرمي المسؤولية على الآخر وعلى رئيس الوزراء، وأنه مستعد لتحمّلها. منتقداً قطع الطريق الدولي بين العراق والأردن وسوريا من قبل متظاهري الأنبار.

وقال المالكي في كلمة له خلال مهرجان السيادة والمصالحة الوطنية بثته وسائل إعلام عراقية إن quot;المواطنين عبّروا عن جزعهم بصدق، حيث قالوا إنكم حين تريدون منا الأصوات تقبّلون أيدينا، ولكن حين تصلون إلى مواقع المسؤولية لا تلتفتون إلا لأنفسكمquot;، مشيرًا إلى أن quot;المواطن يحتاج من يعترف به ويتجه إلى خدمته.

وأكد المالكي أن quot;تحقق الاستقرار السياسي هو شرط لتحقق الاستقرار الأمنيquot;، منتقدًا quot;المماحكات والنزاعات اليومية على شاشات التلفزيون، التي جعلت العراق موضع سخرية العالمquot;. وأضاف أن quot;كل شيء معطل في هذا البلد على خلفية التناحرات السياسيةquot;.

وفي وقت استبشر فيه نائب رئيس الجمهورية المحكوم بالإعدام من تركيا أن العام المقبل سيشهد الربيع العراقي، انتقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان نظيره العراقي، متهمه بالسعي إلى إثارة فتنة طائفية، محذرًا من أن أنقرة لن تبقى صامتة في حال أقدمت بغداد على هذه الخطوة لكونها لن تسلم منها.

لكن المالكي اعتبر تصريحات إردوغان استفزازاً للعراقيين جميعاً، رافضًا التدخل في شؤون العراق الداخلية. وهاجمت حركة أهل الحق الشيعي أنقرة، معتبرة تصريحات إردوغان الأخيرة بشأن العراق تدخلاً في شؤونه الداخلية، ومحذرة خلال بيان لها من أن quot;خطر اللعب على الطائفية ونشر سموم التفرقة قد يطال تركيا أيضًا، من دون الإشارة إلى تهديد مصالحها في العراقquot;.

وكانت وكالة quot;خبرquot; للأنباء نسبت إلى نائب عن التحالف الوطني امتلاك تحالفه معلومات عن مخطط تركي لإشغال الفتنة الطائفية في العراق، ويشرف عليها نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، وهدفه إثارة الفتنة بين أبناء الشعب العراقي بعدما فشلت دولة خليجية سابقًا في إشعالها، مبينًا أن المخطط هو بدعم النواب الطائفيين وإيجاد ضمانات مالية ومنحهم الجنسية التركية في حال خروجهم من العراق مقابل إثارة الفتنة بين أبناء الشعب العراقيquot;.

مضيفاً بأن شخصيات ورجال دين أتراكًا ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية، الذي يرأسه رجب طيب إردوغان، وصلوا إلى محافظة الأنبار، واجتمعوا بعدد من علماء الدين هناك لإعطاء القضية طابعها الديني والمذهبيrdquo; حسب قول النائب الشيعي.

التيار الصدري من جانبه أعلن أنه لن يشارك في أية تظاهرة يرفع فيها علم الجيش السوري الحر والعلم العراقي السابق، الذي يعود إلى فترة الرئيس السابق صدام حسين، إضافة إلى علم إقليم كردستان، الذي رحّب به متظاهرون كقوة وتأكيد للمكوّن السني العربي الكردي.

وتحدثت وسائل إعلام عراقية عن مشاركات شيعية في تظاهرات الأنبار، وخاصة من قبل أنصار التيار الصدري. لكن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أعرب، الخميس، عن أسفه لتكرار الشعارات quot;الطائفية والاستفزازية غير الوطنيةquot; في تظاهرات الأنبار.
وكانت إحدى تظاهرات الأنبار شهدت رفع علم الجيش السوري الحر وصور إردوغان والعلم العراقي السابق.

واليوم أعلن محافظ الأنبار أن رئيس الوزراء أمر بنقل الملفات القضائية للنساء الموقوفات بتهم إرهابية من سكنة الأنبار إلى المحاكم القضائية في المحافظة. وكان المتظاهرون طالبوا بإطلاق سراح المعتقلات في بغداد من نساء المحافظة.

من جانب آخر، أكد عضو محكمة التميز السابق منير حداد أن قضيتي نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ووزير المالية رافع العيساوي خاليتان من التلفيق، داعيًا الكتل السياسية إلى احترام مبدأ فصل السلطات وعدم التدخل في عمل القضاء.

وقال حداد خلال استضافته في برنامج استوديو الساعة التاسعة، الذي تعرضه قناة البغدادية، ويقدمه الزميل أنور الحمداني، quot;يجب على جميع السياسيين احترام مبدأ فصل السلطات، وعدم التدخل في الأمور القضائية، داعيًا إلى عدم إثارة التصريحات المتشنجة التي تشوّش المشهد، وتؤزّم الوضع أكثر فأكثرquot;.

ويرى متابعون عراقيون أن الساسة السنة والشيعة هم المستفيدون من التوتر الطائفي في البلاد من أجل لجوء أبناء كل طائفة إلى ساستهم من الطائفة نفسها كحماة لهم من الطائفة الأخرى. متوقعين أن تتواصل الأزمات السياسية بلبوس طائفي حتى موعد الانتخابات المحلية في نيسان/إبريل العام المقبل والانتخابات التشريعية عام 2014.