من خلال مهرجان في الذكرى الثامنة والأربعين لانطلاقتها، تريد حركة فتح إثبات قوتها في غزة، فسعت إلى إقامته في ساحة الكتيبة المفتوحة، لكن حماس التي تسيطر على القطاع رفضت ذلك لدواع أمنية.


سعت حركة فتح الفلسطينية إلى إقامة مهرجان إنطلاقتها هذا العام في ساحة الكتيبة في غزة، وهو المكان نفسه الذي أقامت فيه حماس مهرجانها، إلا أن quot;فتحquot; لم تحصل على موافقة الحكومة المقالة لذلك تحت مبررات أمنية، وبعد خلافات استمرت طويلاً، تمت الموافقة على إقامة المهرجان في ساحة أخرى تُدعى quot;السراياquot;.
يأتي ذلك بعد خمس سنوات من عمر الخلافات الفلسطينية بين حركتي حماس وفتح، كانت خلالها عجلة المصالحة متعثرة تلتقط أنفاسها الأخيرة من دون تحديد أي الأطراف المسؤولة عن ذلك .
وبعد الحرب الأخيرة على غزة توجهت أنظار الفلسطينيين نحو المصالحة، فأحيت حماس مهرجانها في الضفة الغربية بعدما كانت ممنوعة من إحيائه ووافقت حكومة غزة على إقامة فتح مهرجان انطلاقتها في غزة.
خطوات وتعثرات
يحيى رباح، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح في قطاع غزة، يعتبر أن هذه الخطوة جيدة في سبيل إنجاح المصالحة الفلسطينية المتعثرة منذ سنوات الانقسام الأولى .
وقال:quot;إحياء مهرجان حماس جاء بعد أجواء المصالحة التي سادت الضفة والقطاع عشية الحرب على غزة. وكان من اللازم التشاور حول مهرجان فتح والموعد وكيفية المشاركة في المهرجان، كانت التطمينات بأن المهرجان سيقام، وحدث أن سادت بعض التغييرات والمباحثات مع الحكومة في غزة بشأن المكان .
هذا الاختلاف حول المكان استمر أياماً واحتاج أن تتدخل بعض الوسائط من بعض الفصائل الفلسطينية التي جلست مع إسماعيل هنية وخرجت بالموافقة على إقامة مهرجان الحركةquot;.
ويضيفquot;كان البديل لمهرجان الانطلاقة في حال منعه هو الخروج في مسيرات في الشوارع الفلسطينية الغزيةquot;
وتابع:quot;هذه الأجواء التي تسبق المصالحة يجب أن تتوظف بشكل جيد في الأيام القادمة، بالذات التصريحات الإعلامية وغيرها يجب التخفيف من حدتها، والتوجه بها نحو أجواء المصالحةquot;.
حركة حماس قدمت مبادرات لفتح
quot;محمد حسنينquot; أحد أعضاء الشبيبة الفتحاوية يقول بأن خطوة حماس في عدم منع حركة فتح من إحياء الانطلاقة تصب في صالح المصالحة الفلسطينية التي تحتاج إلى خطوات ايجابية حتى تترجم إلى واقع ملموس على الأرض.
ويتابع:quot;مللنا من أجواء المشاحنات والخلافات الفصائلية ويجب أن تتوحد الأيدي من أجل أن نوجه البوصلة نحو الهدف وهو تحرير فلسطين.
وقال:quot;حركة حماس أحيت مهرجان انطلاقتها في الضفة الغربية بعد أن سمحت لها حكومة رام الله بذلك، لكن بدأنا نسمع منذ أسبوع ونصف عن بعض الخلافات التي دارت بين القيادة في حركة حماس وحركة فتح حول المكان الذي اختارته فتح لإقامة المهرجان،وكنا نخشى أن تؤثر هذه الخطوات على المصالحةquot;.
ويضيف حسنين quot;يجب أن تدرك الأطراف سواء في حركتي فتح أو حماس أن المصلحة العامة هي التي يجب أن تتسامى وأن ينسوا الجراحات فالمحتل واحد وهو يترقبنا بالمرصاد سواء من خلال شنه الحرب على غزة أو الحرب السياسية التي يمارسها على رئيس السلطة بعد خطوته الأخيرة بأخذ عضوية دولة مراقب في الأمم المتحدةquot;.
ويختم quot;خمس سنوات مرت على الانقسام تعلم الشارع الفلسطيني خلالها الكثير من الدروس وفهم المعادلة واللعبة التي أوقعنا بها الاحتلال .الأمر لا يقتصر فقط على إحياء مهرجان في غزة وإنما يجب أن يتعدى إلى خطوات كثيرة مدروسة بالسماح لحركة فتح بممارسة أنشطتها السياسية والعسكرية في القطاع ، مع الأخذفي الاعتبار أن فتح في الضفة يجب أن تسمح لحركة حماس بممارسة أنشطتها المتنوعة في الضفة أيضاً. وحركة حماس قدمت قربانًا جيدًا لحركة فتح بأول الخطوات وهي السماح بإقامة مهرجانها في غزة والأيام ستكشف النواياquot;.
استعراض عضلات
إيلاف غادرت دوائر السياسيين وتجولت بين المواطنين في غزة الذين علقوا على المصالحة بنظرات متباينة.
أبو عمر ، الذي يعمل مهندسًا في إحدى الشركات في غزة قالquot;ما يسود الآن ليست أجواء مصالحة فلسطينية إنما هو استعراض للعضلات أمام الشارع الفلسطيني لكسب المزيد من المؤيدين لكلتا الحركتينquot;
ويتابع:quot;مللنا المماطلة والتسويف في الحديث عن المصالحة، وخطة السماح لحركة فتح بإقامة الانطلاقة هي واجب قبل أن تكون خطوة في سبيل إنعاش المصالحة الفلسطينيةquot;.
وعبر ابو عمر عن أمله فيأن تكون خطوات حركة فتح وحماس في الضفة وغزة هي مقدمة لأجواء المصالحة الحقيقية التي تترجم على الواقع عما قريب، وقال:quot;نحن يجب أن نلتفت إلى القضايا المختلفة التي تعد أكثر أهمية في تاريخ الصراع مع الاحتلالquot;.
بينما يوافقه الرأي السائق محمد مصطفى بأن الفلسطينيين قد شبعوا من الحديث عن خطوات المصالحة في القاهرة ويقول مصطفىquot;على الطرفين أن يدركا جيداً أن فلسطين اكبر منهما جميعاً وأنه من الواجب ومن الوطنية أن يعلم كل الأطراف الذين يتنازعون على السلطة بأن حرية التعبير هي الأساس، وأن من حق أي طرف أن يأخذ تصريحاً بسيطاً ليقيم احتفالية أو مهرجاناً حسب القانون المعمول به في غزة .
ويعلق ساخراً quot;فتح وحماس لن تتصالحا بالمطلق، كل ما نراه هو فقط أمام الكاميرات وللتصوير ولا جدوى من حديث طويل ممل عن المصالحة التي ماتت أصلاً كما أرادها الساسة والقادةquot;.
أبعاد استراتيجية مطلوبة
المحلل السياسي رياض العيلة يرى بأن نجاح أي خطوة يجب أن يكون مبنياً على بعد استراتيجي وسياسي واضح.
وقال:quot; منهج المصالحة الذي أشبعنا الحديث عنه أصبح مملاً جداً وغير مجدٍ، فلا خطوات حقيقية على الأرض تصب في مصلحة المصالحةquot;
وأضاف:quot; كل ما يحدث الآن هو السماح بإقامة مهرجانات هنا وهناك من أجل كسب رأي سياسي ،أو إضافة رجل هنا أو هناك كمؤيد لحركتي التناقض الفلسطيني quot;.
وعن سؤال quot;إيلافquot; حول المماطلة والتسويف في الموافقة على إحياء المهرجان يتابع: quot;هذا كان متوقعًا من الحكومتين في غزة ورام الله، هناك توجسات حقيقية قد تحدث لو أرادت بعض الأطراف الخارجة عن الصف الوطني ذلك، وهذا ما تخشاه حركة حماس أن تفقد سيطرتها على العناصر المختلفة، الأمر الذي قد يغذي نار الفتنة والخلافات من جديد لو حدث ذلك.
وقال:quot;هذه المخاوف هي مأخوذة على محمل الجد من قبل الحكومة في غزة وهو طبيعي جداً، فمن يتولى السلطة من أهم شروط الحكم هو تحقيق الأمان وهذا بالضبط ما تحرص الحكومة الغزية على ترسيخه في قطاع غزة منذ العام 2007،
بالنهاية خطوة السماح خطوة ايجابية بلا شك وأي خطوات قادمة سيقيمها الشارع الفلسطيني لا قادته والحكم للشارع فقطquot;.