لماذا تستقطب مواقف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط من الشأن السوري اهتماماً كبيراً، في حين يخصص الرئيس السوري بشار الأسد ثلاث ساعات من وقته للإجتماع مع وزير لبناني سابق من حجم وئام وهاب؟ في الوقت الذي تشتعل فيه بلاده بالمواجهات.


الأسد مستقبلاً وئام وهاب خلال الاسبوع الماضي

بيروت: تلاحقت الهواجس في ذهن رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي اللبنانيوليد جنبلاط الذي يعتبر quot;بارومترquot; التطورات في سورية، بعدما علم قبل نحو ثلاثة أسابيع أن أركاناً في الجيش السوري قدموا خطة للحسم إلى الرئيس السوري بشارالأسد، فحواها أن قتلى الجيش من ضباط وعسكر تجاوز عددهم الـ 200 خلال مدة وجيزة ما يهدد جدياً تماسك العسكر، مع اقتراح بالسماح بعملية عسكرية - أمنية واسعة في كل سورية تؤدي خلال أسبوع إلى إنهاء كل أشكال المعارضة والإحتجاج.

وذلك شرط أن تتضمن استخدام أسلحة الطيران والمدفعية الثقيلة والدبابات التي لم تستخدم مدافعها التدميرية الهائلة حتى اليوم إلا في شكل محدود، رغم إنزالها في بعض المدن والبلدات، أما الخسائر المقدرة للعملية فتبلغ 20 ألف ضحية.

ويقول المحيطون بجنبلاط إن الرجل طلب لقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعدما علم أن الأسد سأل القيادة الروسية عن إمكان تغطية عملية الحسم في المجتمع الدولي، فكان جوابها أن التغطية متعذرة، خصوصا أن روسيا ستخوض انتخابات شعبية لقيادتها في النصف الأول من آذار/ مارس المقبل وأن أي خطوة غير محسوبة قد تنعكس سلباً بقوة على الطاقم الحاكم في موسكو حالياً.

وفي المعلومات التي تلقاها جنبلاط أيضاً أن موسكو نصحت الأسد بضبط النفس وبألا يتجاوز جيشه وقوى أمنه مستوى إطلاق النار العادي، علماً أنه يوقع يومياً ما بين 20 و40 ضحية.

ويبدو انه في حدود هذا العدد تستطيع القيادة الروسية ومعها الصين الإستمرار في حماية نظام الأسد الحليف في سوريا من خلال وضع quot;فيتوquot; على أي قرار دولي يهدده.

ولكن بدا واضحاً ليل الجمعة ndash; السبت بفعل الهجوم الذي نفذته الوحدات الشديدة الولاء للأسد في الجيش السوري تحت غطاء مدفعي على حي الخالدية في حمص، حيث تحدثت الأنباء عن مجزرة بكل معنى الكلمة تجاوزت ضحاياها الـ260 قتيلاً و700 مصاب، أن الأسد أو القيادة الحاكمة في سورية وضعت النصيحة الروسية جانباً عشية التصويت على قرار في مجلس الأمن يؤيد مقررات جامعة الدول العربية، ولكن من دون عقوبات ولا طلب تدخل عسكري خارجي، فهذا أقصى ما تستطيع روسيا تقديمه إلى حليفها المحاصر عربيا ودوليا في مثل هذه الظروف.

ويقول سياسي ممن يتابعون التطورات السورية وما يحوطها بانتباه شديد لـquot;إيلافquot;: quot;لا يتعب أحد قلبه، بوتين لن يبحث جديا في الشأن السوري قبل الإنتخابات في بلاده وقبل أن يعترف الغرب بحكمهquot;.

ويضيف: quot;يعني ذلك أن البحث في الشأن السوري على المستوى الدولي لن يبدأ جدياً قبل آخر آذار/ مارس المقبل، وسيكون أمام السوريين فترة شديدة الصعوبة، فليكن الله في عونهمquot;.

ويقول بعض من التقوا جنبلاط إثر عودته من موسكو أنه رجع إلى بيروت متشائماً، ويشيع بعض ساسة قوى quot;8 آذارquot; التي يقودها quot;حزب اللهquot; إن الزعيم الدرزي سمع في موسكو كلاماً لم يرض تطلعاته.

ويروي أحدهم في مجالسه quot;أن جنبلاط راهن على صداقته مع لافروف لإقناع القيادة الروسية بتغيير موقفها مما يجري في سورية، وحين قال للافروف ان لا مصلحة لروسيا بالوقوف الى جانب نظام الأسد واكتساب عداء الشارع العربي العريض الذي يريد لهذا النظام ان يرحل، فوجئ بصديقه الروسي يرد عليه قائلا إن quot;الأسد باق في سوريا ما بقي رئيس الحكومة فلاديمير بوتين في روسياquot;.

لكن جنبلاط كذب هذه المقولة، ويقول لسائله quot;ليس صحيحاً ان لافروف قال لي quot;ما دام بوتين في السلطة فالأسد باقٍ في السلطةquot; .

وقال quot;في زيارتي ما قبل الأخيرة لموسكو ذكّرت لافروف بكلامي له في أيار/ مايو بأن سورية قد تذهب الى المجهول وآنذاك تحدثت عن احتمال اندلاع حرب اهلية، قلت له ما اخبرتك به ربما وصلنا اليه، هل تستطيعون ان تقوموا بمبادرة ما لانقاذ سوريا؟

وتابع quot;انظار الشعب السوري كله تتجه اليكم انتم اصدقاء سوريا التاريخيون، وهو سجل هذا لديهquot;.

وعبّر عن اعتقاده بأنه quot;يبدو في مجلس الأمن أن هناك تلاقياً معيناً من اجل حل سياسي، وتبقى الآلية ولكن يجب الإسراع، فالوقت ليس لمصلحتنا، ولا أحد ينتصر عسكريا على شعبه، انا أخالف هذه النظريةquot;.

ويكتفي المحيطون بجنبلاط بالإبتسام عندما يسألون عن لقاء الأسد الطويل مع الوزير السابق وهّاب رغم كثرة انشغالاته المفترضة بالأوضاع في البلاد التي يحكمها.

ويلاحظ أحدهم أن الرئيس السوري يلتقي دوماً النائب السابق طلال إرسلان أو الوزير السابق وهّاب كلما أطلق جنبلاط دعوة إلى دروز سورية إلى الإبتعاد عن النظام وعدم التورط في أعمال القمع التي يمارسها ضد السوريين المعارضين.

لكن لدى وهاب ما يؤاخذ به الزعيم الدرزي من غير أن يكون راغباً في العودة إلى سجال معه عبر الإعلام، فصحيح أن عودة جنبلاط من روسيا مطالباً بالحل السياسي في سوريا من دون الدعوة إلى مقاتلة النظام وإسقاطه ترضي الرجل الشديد الإلتصاق بنظام الأسد، لكن حديث جنبلاط عن مقتل مئات الضباط والجنود الدروز السوريين في المواجهات تحت لواء الأسد يلقى استنكارا لدى وهاب الذي يتساءل في مجالسه من أين جاء رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي بهذه الأعداد؟ quot;فليس في الجيش السوري كله 100 ضابط درزيquot;.

وإيران أيضاً لم تشجع حليفها الأسد على محاولة الحسم العسكري تطبيقاً لخطة أركان الجيش، بحسب المعلومات التي وردت عن هذا الموضوع إلى بيروت.

وكان من المفترض بعد جولة الإستطلاع الخارجية هذه، أن يطوي الأسد الورقة، لكنه لم يفعل سوى قراءتها بصوت عالٍ في جامعة دمشق وبعدها في شارع الأمويين في دمشق، ثم من خلال الهجوم الضخم على حي الخالدية في حمص بالأمس.

وتعليقاً على هذا المنحى يقول قيادي من عتاة التنظير لحركة quot;14 آذارquot; اللبنانية المناهضة للنظام السوري ولـquot;حزب اللهquot; إن الأسد quot;يخسر كل يوم لا يحسم فيه، ولن يستطيع الحسم. مستحيلquot;.

أما مصطفى علوش، النائب السابق والقيادي في quot;تيار المستقبلquot; يلفت إلى تغيّر العالم كثيراً عما كان في ظل نظام الأسد الأب الذي قمع حمص وحماه بالطريقة المعروفة مطلع الثمانينات.

ويعود بالذاكرة إلى عام 1995 ldquo;مجزرة سربرنيتشا في البوسنة كلفت سلوبودان ميلوسوفيتش نظامه ورأسه، وضحاياها كانت أعدادهم أقل بكثير من تلك المقدرة لأي جريمة حسم دموي في سورياquot;.