لا تزال الاشتباكات أمام مقر وزارة الداخلية المصرية مستمرة على أثر المجزرة، التي وقعت في ملعب كرة قدم بورسعيد قبل أيام عدة، هذا فيما اضطر العديد من السكان المحيطين بمقر الوزارة للهرب من منازلهم بعد انزعاجهم من رائحة الغاز المسيل للدموع.في غضون ذلكأوصت اللجنة الاستشارية، التي شكلها المجلس العسكري، بإجراء انتخابات رئاسية في 23 شبلط (فبراير).


جانب من الاشتباكات

القاهرة: تسيطر أجواء أحداث محمد محمود، التي وقعت في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي على منطقة وسط القاهرة، فبينما تتواصل الإشتباكات بين المحتجّين وقوات الشرطة، تبدو المنطقة المحيطة بوزارة الداخلية أشبه ما تكون بمنطقة حرب شوارع، وتتنشر رائحة الغاز المسيل للدموع على مسافة بعيدة، وإضطر سكان هذه المنطقة إلى هجرها، هرباً من الغازات.

فيما أوصى المجلس الإستشاري المعاون للمجلس العسكري في إدارة شؤون البلاد بـquot;فتح باب الترشح للإنتخابات الرئاسية في 23 فبراير/ شباط الجاريquot;، وإعتقال كل قيادات الحزب الوطني المنحلّ، لاسيما أعضاء أمانة السياسات، التي كان نجل الرئيس السابق يترأسها، وتوزيع رموز النظام المحبوسين في سجن طرة على سجون الجمهورية، ومنع الزيارات عنهم.

موقع الإشتباكات

وفقاً لجولة قامت بها quot;إيلافquot; في المنطقة، التي تشهد الإشتباكات حول وزارة الداخلية، فإن العشرات من الشباب يرشقون قوات الأمن المرابطة لحماية مقر الوزارة من كل الإتجاهات.

ففي شارع المنصور، الذي يقع فيه مقر وزارة الإنتاج الحربي، وعلى مقربة من وزارات الصحة والإسكان والتربية والتعليم، تتواصل الإشتباكات. ويرشق المحتجون القوات بالحجارة والزجاجات الحارقة، بينما ترد القوات بإطلاق كثيف للغازات المسيلة للدموع.

ثأراً للمشجّعين القتلى

قال أحد المحتجّين، بينما كان يرتدي قناعاً واقياً من الغازات، إنه مشجّع للنادي الأهلي، مشيراً إلى أنه يهاجمقوات الأمن، ثأراً لصديق له، مات في أحداث إستاد بورسعيد.

وأضاف لـquot;إيلافquot; أثناء وجوده بالقرب من تقاطع شارعي مجلس الشعب والمنصور عند نهاية وزارة الداخلية أن الشرطة تقاعست عن أداء دورها في حماية المشجّعين، بل تواطأت مع الجناة.

وأشار المحتجّ، الذي قال إن اسمه علي، رافضاً ذكر باقي اسمه، إلى أنه لن يبرح مكانه حتى ينال القتلة عقابهم الرادع، مؤكداً أن العقاب الذي يرضيه هو القصاص من جميع قيادات وزارة الداخلية، الذين قتلوا المتظاهرين أثناء الثورة، وقتلوهم في بورسعيد.

الغاز يجبر السكان على الرحيل

تنتشر رائحة الغاز المسيل للدموع في منطقة وسط القاهرة، وتبدو محطة مترو سعد زغلول، القريبة من موقع الإشتباكات، كأنها معبأة بهذا الغاز، فرواد المحطة لا يكادون يخرجون من القطارات، إلا وتتساقط الدموع من أعينهم بكثافة، لاسيما الأطفال.

وكانت إحدى الأسر المكوّنة من أب وأم وطلفين في سن الرابعة والثانية، تعبر شارع المنصور متجهة إلى المترو. وقال الأب لـquot;إيلافquot; بينما كان ينزل إلى الدرج تحت الأرض إنه من سكان شارع متفرع من ميدان لاظوغلي، الواقع خلف وزارة الداخلية، حيث كان يقع مقر جهاز أمن الدولة.

المتظاهرون يتهمون الفلول بتدبير مجزرة بورسعيد

وأضاف أن رائحة الغاز المسيل للدموع أجبرتهم على النزوح إلى منزل والد زوجته في منطقة فيصل في الجيزة.

وأشار إلى طفله الأكبر quot;4 سنواتquot; بينما كانت الدموع تتساقط من عينيه، رغم ارتدائه كمامة واقية، وقال: الأطفال لا يستطيعون النوم أو التنفس بسبب رائحة الغاز، كان لا بد من الرحيل إلى مكان آخرquot;.

وتنتشر رائحة الغاز على مسافة يصل قطرها إلى نحو كيلو متر. وقال عصام الشرقاوي الصحافي في جريدة المصري، التي تقع في شارع المبتديان، إن رائحة الغاز وصلت إلى مقرهم. وأضاف لـquot;إيلافquot; أن كثيرًا من صحافيي الجريدة يرتدون الكمامات الواقية، ومدّ يده في جيبه، وأخرج واحدة، ثم ارتداها قبل أن ينزل إلى محطة المترو.

المقاهي خاوية والمحال مغلقة

أعداد المارة وحركتهم في تلك المنطقة خفيفة ونادرة تماماً، رغم أن فيها سوقًا للمواد الغذائية، لاسيما الخضر والفاكهة، كما أغلقت محال تجارية كثيرةأبوابها، وبدت المقاهي خاوية من الزبائن، بعدما كانت تعجّ بالرواد.

وبدا الغضب واضحاً على ملامح صاحب كشك للسجائر، وقال لـquot;إيلافquot;: حرام اللي بيحصل للبلد ده، هيّ العيال دي ملهاش أهل، ـ ويقصد المحتجّين أمام وزارة الداخلية ـ كل شوية ييجوا هنا، وهات يا ضرب، طوب وحجارة ومولوتوف، ويوقفوا حال البلد، هما عاوزين إيه؟، عاوزين يخربوها يعني ولا إيه؟. وأضاف بلكنة صعيدية: quot;الناس طقت وزهقت من وقف الحال، ولو فضل على ما هو عليه، ستكون الثورة الجاية ثورة جياعquot;.

وأستطرد متهماً الشرطة والمجلس العسكري بالتقصير في حماية الأمن، وقال: quot;كلنا عارفين أن الشرطة والحكومة كلها متورطون في الذي يحصل، وأن الفلول هما اللي وراء العنف، وعلشان نخلص من الموضوع ده، لازم اللي في طرة يتعدموا ـ ويقصد رموز النظام السابق المتهمين في قضايا تتعلق بالفساد وقتل المتظاهرين ـ واللي في المركز الطبي العالمي يتعدم هو كمان، أو ياخد مؤبد ـ ويقصد الرئيس السابق حسني مبارك ـ وساعتها كل التعابين بتاعتهم هتتلم، والبلد تنضفquot;.

الترشح للرئاسة 23 فبراير

في سياق ذي صلة، أوصى المجلس الإستشاري المعاون للمجلس العسكري في إدارة شؤون البلاد بضررورة فتح باب الترشح لإنتخابات رئاسة الجمهورية في 23 شباط (فبراير) الجاري، لمدة شهر، حتى يتم إستيعاب نتائج إنتخابات مجلس الشورى، التي تجري حالياً، والمقرر الإنتهاء منها في 22 فبراير، على أن يعقد أولى جلساته في 28 من الشهر نفسه.

إعتقال رموز النظام السابق

ودعاquot;الإستشاريquot; إلى إعتقالكل رموز النظام السابق ممن تورّطوا في قضايا عنف، لاسيما أعضاء لجنة السياسات في الحزب الوطني المنحل، التي كان يترأسها جمال نجل الرئيس السابق، والتحقيق مع كبار قيادات الشرطة المعروفين بولائهم للنظام السابق.

وقال المجلس الإستشاري في توصية رفعها مساء أمس السبت 4 فبراير/شباط الجاري إلى المجلس العسكري: يجب إعمال الاستثناء المنصوص عليه فى قانون رفع حالة الطوارئ، وهو مقاومة ومكافحة أعمال البلطجة والإجرام، وذلك بإصدار قرار باعتقال عدد من المسؤولين المتورّطين في الأحداث الدامية والفوضى، الذين قد تكون يد لهم فيها، وعلى رأسهم مسؤولو لجنة السياسات في الحزب الوطني المنحلّ، واعتقال الشخصيات التي ذكرت أسماؤها في التحقيقات والمحاكمات، كمحرّضين على تلك الأحداث منذ موقعة الجمل وصولاً إلى أحداث بور سعيد، وإحالة كبار ضباط وزارة الداخلية، ممن اختارهم النظام السابق في مواقعهم، ومعروفون بولائهم له إلى التحقيق، وإيقاف الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين عن العمل فوراً.

كما طالب بأهمية نقل توزيع رموز النظام السابق المحبوسين في سجن طرّة على باقي سجون الجمهورية، ومنع الزيارات عنهم نهائياً إلى حين صدور أحكام نهائية بحقهم، لاسيما بعد ثبوت أنه في أعقاب الزيارات، التي تتم إليهم، تقع حوادث فاجعة.

ودعا quot;الإستشاريquot; إلى تشكيل لجنة قومية عليا لوضع خطة لإعادة هيكلة وبناء وزارة الداخلية، وتغيير عقيدة الشرطة، بحيث تصبح منحازة إلى الشعب، وتقوم بمهامها ومسؤوليتها الكاملة فى حفظ الأمن من دون تهاون. وهدد بعض أعضاء المجلس الإستشاري بالإستقالة أو تجميد أعمال المجلس في حالة عدم إستجابة المجلس العسكري لهذه التوصيات.

إضراب مفتوح

ودعت 14 حركة ثورية المصريين إلى إضراب عام بدءًا من 11 شباط(فبراير) موعد الذكرى الأولى لإسقاط الرئيس السابق حسني مبارك وحتى تسليم السلطة إلى رئيس مدني.

وقالت في بيان لها تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه: ندعو كل جموع المواطنين إلى إضراب عام وعصيان مدني بداية من 11 فبراير حتى يتم تسليم السلطة إلى حكومة توافق وطني، يشكلها البرلمان المنتخب، لتسيير الأعمال، والدعوة فوراً إلى انتخاب رئيس مدني للبلاد.

وتبنت حركات: الجبهة الحرة للتغيير السلمي، وحركة 6 أبريل، وحركة كفاية، وإتحاد شباب ماسبيرو البيان، ودعت من وصفتهم بـquot;شرفاء المؤسسة العسكريةquot; إلى quot;الانحياز إلى الشعب الثائر، عبر الخروج عن صمتهم تجاه المذابح التى يتحمل مسؤوليتها المجلس العسكري، عبر إصدار قرارات حاسمة، من شأنها عودة الاستقرار إلى الوطن والحفاظ على أمنه القومي وتماسك وهيبة جيشه الوطنيquot;.