لاحظ المراقبون اختلافاً في الرأي بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول الموقف من ايران، وتحديداً حول مدى قرب ايران من تصنيع سلاح نووي.
النقاش بين اوباما ونتنياهوحولالنووي الإيراني |
بيروت: في الوقت الذي يصر فيه وزير الجيش الاسرائيلي ايهود باراك على أن اسرائيل لا يمكن ان تبقى دون تحرك عسكري ضد جهود ايران لصناعة قنبلة نووية، يحاول الرئيس الأميركي باراك اوباما اقناع اسرائيل بإعطاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران فرصة لتأخذ مفعولها.
وفي هذا السياق، اشارت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; إلى اختلاف نظرة كل من الولايات المتحدة واسرائيل بشأن سرعة تقدم البرنامج النووي الايراني بحكم موقع كل منهما واختلاف ما يعنيه لكل منهما احتمال حيازة ايران لاسلحة نووية.
وصاغ وزير الدفاع الاسرائيلي أيهود باراك عبارة quot;منطقة المناعةquot; لتحديد الظروف التي يمكن لاسرئيل ان تحكم فيها بأنها لم تعد تستطيع منع إطلاق هجوم، لأن جهود إيران لصنع قنبلة نووية ستكون محصنة ضد أي ضربة عسكرية.
لكن تقدير توقيت تلك اللحظة أثار جدلاً كبيراً مع إدارة اوباما، التي يعتقد مسؤولوها ان هناك وسائل أخرى لوقف ايران.
وقام كبار المسؤولين الاسرائيليين، من بينهم وزير الخارجية ومدير الاستخبارات (الموساد) بزيارات إلى واشنطن خلال الأسابيع الأخيرة لعرض قضيتهم، والتوضيح بأن الوصول إلى نقطة الخطر يقترب بسرعة.
كما زار مسؤولون أميركيون اسرائيل ردا ًعلى زيارات الاسرائيليين، مصرين على أن اسرائيل والغرب لديهم وقت كثير، وعليهم السماح للعقوبات والإجراءات السرية بعرقلة الخطط الإيرانية.
واستغل الأميركيون المناقشات لاختبار اعتقادهم، استناداً إلى سلسلة من التصريحات العلنية الاسرائيلية، إن هجوما اسرائيلياً على إيران يمكن أن يتم في وقت مبكر من الربيع، وفقاً لمسؤول مطلع على المناقشات.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في إدارة اوباما، ان الرئيس الاميركي حاول نزع فتيل العمل العسكري ضد ايران، في مكالمة هاتفية الشهر الماضي مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وفي حين أن العلاقة بين الرجلين شهدت توتراً في كثير من الأحيان بسبب السياسة في الشرق الأوسط، فقد خرج المسؤولون الأميركيون من النقاش مقتنعين بان نتنياهو مستعد لإعطاء العقوبات الاقتصادية والخطوات الاخرى وقتاً للنجاح.
والخلاف في الرأي حول quot;الحصانةquot; النووية لإيران فائق الاهمية، لأنه يلعب دورا ليس فقط في توقيت ndash; أو تضليل- ضربة عسكرية محتملة، لكن أيضاً في التقديرات المتعلقة بعمق وسرعة تأثير العقوبات المؤلم على إيران، وإذا كانت الحجة الاسرائيلية صحيحة، فالسؤال عن السرعة التي يمكن للإيرانيين فيها تجميع مكونات القنبلة يصبح أقل أهمية من مسألة ما إذا كانت هناك وسيلة ما لوقفهم.
وقال مسؤول كبير في إدارة اوباما معرباً عن الإحباط بسبب نظرة الاسرائيليين الضيقة إلى المشكلة: quot;منطقة الحصانة عبارة يساء تعريفهاquot;، مضيفاً انه نظراً لمختلف أنواع الضغط التي مورست على طهران، فإن هناك دلائل على أن العقوبات الأشد بكثير صار لها تأثيراً كبيراً.
وشدد الاسرائيليون على خطورة خطة إيران لنقل الكثير من منشآت تخصيب اليورانيوم قرب قم في منشأة تحت الأرض، فوقها طبقات عديدة من الغرانيت، يعترف البنتاغون أنها ستكون بعيدة عن متناول أقوى قنابله الخارقة للتحصينات.
وبمجرد أن تتم كل عمليات التخصيب في قم، كما يقول الاسرائيليون، تستطيع إيران طرد مفتشي الأمم المتحدة وإنتاج وقود بمستوى القنبلة من دون أن تخشى تدمير المنشأة.
لكن اميركا تملك وجهة نظر مختلفة جداً، وفقاً لمسؤول كبير ناقش هذا المفهوم مع الاسرائيليين، معتبراً ان quot;هناك خيارات عديدة أخرى لإبطاء تقدم إيران نحو صنع السلاح، مثل تجفيف واردات إيران النفطية، واستهداف المنشآت التي توفر قطع الطرد المركزية، أو المنشآت التي يحول فيها الإيرانيون الوقود إلى سلاحquot;.
ويعرض مسؤولو الإدارة هذه الصورة المعقدة للضغط على اسرائيل لإعطاء العقوبات الأخيرة فرصة لإلحاق ألم كاف بالقيادة الايرانية يجبرها على العودة لطاولة التفاوض، أو اتخاذ قرار بأن البرنامج النووي.
وبعد فترة من الشكوك في النوايا الاسرائيلية في نهاية العام الماضي، قال مسؤولون أميركيون إن الجانبين يتواصلان الآن بشكل أفضل.
وأضافوا إن اوباما عبر عن ذلك في مقابلة يوم الأحد مع شبكة quot;إن بي سيquot; الإخبارية قائلا: quot;لا اعتقد أن الاسرائيليين اتخذوا قرارا حول ما يتوجب عليهم القيام بهquot;.
وهذه ليست المرة الأولى التي يخترع فيها الاسرائيليون عبارة تفيد بموعد نهائي قبل هجوم، ففي نهاية إدارة جورج بوش قالوا إنهم لا يستطيعون السماح لإيران بتجاوز quot;نقطة اللاعودةquot;. وكانت تلك العبارة سيئة التعريف أيضاً، لكنها لمحت إلى أنه بمجرد أن تحصل إيران على المعرفة التقنية والمواد الأساسية لصنع القنبلة، فسيكون الهجوم حتمياً.
وبينما يعتقد الخبراء أن إيران تمتلك الوقود الكافي لصنع أربعة قنابل نووية أو أكثر، فإن عليها تخصيبه إلى مستوى درجات صنع القنبلة، الامر الذي يستغرق شهوراً. وفضلا عن ذلك يتوجب على إيران إنتاج رأس حربي فوق صاروخ إيراني- وهي عملية يمكن أن تستغرق عاماً واحداً إلى ثلاثة أعوام، كما يرى معظم الخبراء.
ومع ذلك فان نظرية باراك المتعلقة بـquot;الحصانةquot; اكتسبت قدراً كبيراً من الاهتمام في الاسابيع الاخيرة، وهو ما عقد نقاشاً مشحوناً بلغة حربية، في اسرائيل وايران وفي اوساط الجمهوريين على درب الحملات الانتخابية حيث تعهد ميت رومني والمرشحون الآخرون بدعم كامل لإسرائيل في اي مواجهة عسكرية مع ايران.
ونقلت الصحيفة عن مارتن اس انديك، سفير سابق للولايات المتحدة لدى اسرائيل ومدير برنامج السياسة الخارجية في معهد بروكنغز، قوله: quot;أي مشاورات الى ما لا نهاية لا يمكن أن تزيل عدم التماثل ذاكquot;.
ومن المقرر ان يزور نتنياهو واشنطن الشهر المقبل ليخاطب لجنة الشؤون العامة الاميركية الاسرائيلية (ايباك) التي تحدث اليها هو وقادة اسرائيليون آخرون بصورة منتظمة عن quot;الخطر الوجوديquot; الذي تشكله ايران.
ولم يعلن البيت الابيض بعد ما اذا كان نتنياهو سيجتمع بالرئيس اوباما، مع ان المسؤولين يقولون ان هذا مرجح.
وقال مسؤولون انه بالرغم من كل الاحتكاك بين الولايات المتحدة واسرائيل بشأن قضايا مثل المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، فان الخلاف لم يفض ليدخل الى حيز الحوار بشأن ايران، ويعود هذا جزئياً الى كون الرئيس اوباما قد أمر بعزل هذه المسألة عن الأمور السياسة.
ولاحظ المسؤولون في الادارة أيضاً تمييزاً في اللهجة بين باراك ونتنياهو الذي لا يحبذ علناً عبارة quot;قطاع حصانةquot;.
كما ولاحظ مسؤول اميركي هذا الاسبوع ان نتنياهو اعلن انه في ما يتعلق بموضوع ايران، ينبغي على المسؤولين ان quot;يخرسواquot;.
التعليقات