رغم الزخم الإعلامي، الذي رافق الدعوات إلى الإضراب العام في مصر، بالتزامن مع إحياء الذكرى الأولى للإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، إلا أن تلك الدعوات لم تؤت ثمارها المرجوة من جانب منظمي الإضراب.


مجمع التحرير الحكومي في وسط القاهرة

صبري حسنين من القاهرة: تسير الحياة في أول أيام الإضراب الشامل، الذي دعت إليه القوى السياسية الليبرالية والثورية واليسارية بشكل طبيعي، ولم تشهد المؤسسات الحكومة الرسمية أو الخاصة أي غياب واضح للموظفين. فيما شهدت بعض الجامعات وفقات إحتجاجية محدودة.

إنتظام حركة المترو والقطارات
رغم أن الذكرى الأولى لإسقاط الرئيس المصري السابق حسني مبارك تتوافق مع يوم السبت، الذي يعتبر عطلة رسمية لبعض المصالح والوزارات في مصر، إلا أن الحياة تسير بشكل طبيعي، ولم تظهر أية بوادر واضحة على إستجابة المصريين لدعوات الإضراب الشامل عن العمل، أو البدء في العصيان المدني، الذي هددت به بعض القوى السياسية، وبدت حركة القطارات بين المحافظات منتظمة، ولم تشهد تعطلاً.

ورغم الإعلان عن إنضمام العاملين في المترو إلى الإضراب، إلا أن جولة إيلاف في بعض المحطات ومنطقة وسط القاهرة كشفت عن إنتظام العمل في المترو، وشهدت المحطات الرئيسة، وهي أنور السادات في ميدان التحرير وجمال عبد الناصر في ميدان الإسعاف، والشهداء في ميدان رمسيس زحاماً إعتيادياً، فيما قال بعض العاملين في المترو إنهم ضد الإضراب، لأن الأحوال سيئة، ولا تحتمل المزيد من التدهور.

وذكر يوسف جمال موظف في شباك التذاكر في محطة أم المصريين لـquot;إيلافquot; أنه لم يشارك في الإضراب، لأسباب عدة منها: أن أهدافه غير واضحة، كمغ إن مضارة أكثر من منافعه، فهو سوف يضرّ بالناس، الذين هم في حاجة إلى الوصول إلى أعمالهم، مشيراً إلى أنه هو نفسه سوف يتضرر من الإضراب.

وأضاف أنه إذا كان الهدف من الإضراب أو العصيان المدني هو رحيل المجلس العسكري عن السلطة، فقد أعلن عن إجراء الإنتخابات الرئاسية في 11 آذار/مارس، وسوف يرحل في 30 حزيران/يونيو، معلناً أن هذا الموعد ليس ببعيد، وفي حالة عدم تنفيذ الوعد سوف يشارك في الإضراب والعصيان المدني.

لا بوادر لإضراب في المستشفيات
لم تشهد المستشفيات العامة في مصر أية مظاهر للإضراب، وقالت وزارة الصحة إن العمل منتظم في كل المستشفيات على مستوى الجمهورية منذ الصباح، مشيرة إلى أنها أعدت غرفتي عمليات لمتابعة الإضراب، الأول لمتابعة المستشفيات وسد العجز في الأطباء أو فريق التمريض في حال دخول أي منهم في الإضراب، والثانية لمتابعة المظاهرات في الميدان والشوارع العامة، وتقديم الخدمات الطبية للعاجلة للمتظاهرين، مشيرة إلى أنها لم تتلق أية بلاغات حتى الرابعة عصر السبت 11 شباط/فبراير الجاري.

وفي جولة لـquot;إيلافquot; داخل مستشفى أم المصريين، التي يعد واحدًا من أكبر مستشفيات القاهرة، كان العمل فيه يسير بإنتظام، ولم يشهد المستشفى تغيب أي من العاملين فيه، سواء من الأطباء أو فريق التمريض أو الأمن، لأسباب تتعلق بالمشاركة في الإضراب، وبدت طوابير المرضى واضحة أمام بوابة الإستقبال والطوارئ منذ الصباح، حسبما بدا لـquot;إيلافquot; أثناء الحديث إلى بعض الممرضات وأفراد الأمن المرابطين على البوابات الخاصة بالمستشفى. فيما إستمر العمل أيضاً في مجمع المصالح الحكومية في محافظة الجيزة من دون إستجابة واضحة لدعوات الإضراب.

الحياة في التحرير متواصلة
وفي ميدان التحرير، الذي يعتبر مركزاً ورمزاً الثورة المصرية، كانت الحياة تسير بهدوء وفي وتيرتها الطبيعية، فالمرور منتظم، وشهد الميدان العشرات من حلقات النقاش بين المعتصمين والمصريين المارين فيه، حول الإضراب والإعتصام، فبينما يؤكد المعتصمون أنه حق مشروع، وأن الهدف منه تحقيق أهداف ومطالب الثورة، وعلى رأسها إنتخاب رئيس مدني ومحاكمة قتلة المتظاهرين أثناء الثورة، وتطهير وزارة الداخلية، رأى المعارضين له أنه يعطّل مصالح في البلاد، ويضرّ بإقتصادها، ويزيد من البطالة.

يقع مجمع التحرير للمصالح الحكومة في قلب ميدان التحرير، ويعتبر أكبر مركز لتقديم الخدمات الرسمية في البلاد، وكشفت جولة لـquot;إيلافquot; في أروقة المجمع أن الحياة فيه تسير بشكل طبيعي، ولم تحصل إضرابات في أي من الخدمات، ومنها خدمات وزارة الداخلية، حيث تقدم من خلالها خدمات إستخراج وثائق السفر، إضافة إلى الخدمات البريدية، لكن تغيب عن العمل اليوم موظفو بعض المصالح، التي تحصل على عطلة رسمية يوم الجمعة والسبت أسبوعياً، ومنها وزارت التربية والتعليم والتضامن الإجتماعي والزراعة، وسوف يبدأ العمل غداً الأحد 12 فبراير/ شباط الجاري في هذه الوزارات، ومن المتوقع إنتظامه، لا سيما أن أي من العاملين فيها لم يعلن إنضمامه إلى الإضراب أو الموافقة على العصيان المدني.

إنتظام قناة السويس والكهرباء
وفي محافظة البحيرة، جاءت الدعوات إلى الإضراب بنتائج عكسية، فقد قام العاملون في شركة كرباء البحيرة بأعمالهم، ولم يكتفوا بذلك، بل تنازلوا عن أجر اليوم السبت 11 شباط/فبراير للدولة، وطالبوا بخصم قيمته من رواتبهم.

وفي السويس، التي تعتبر مركزاً إقتصادياً في مصر، وكان صاحبة السبق في الثورة على نظام حسني مبارك، وإسقاطه، كانت الأحوال طبيعية، لاسيما في هيئة قناة السويس والجامعة، فقد إنتظم العاملون في الهيئة وشركاتها والجامعة في العمل، ولم تشهد أي إضرابات عن العمل، رغم أن القوات المسلحة كانت وضعت خطة بديلة لإنتظام العمل في قناة السويس في حالة دخول العاملين فيه في الإضراب أو العصيان المدني، حيث إستدعت المئات من جنود وضباط القوات البحرية، ووضعتهم على أهبة الإستعداد من أجل تسيير العمل إذا وقع الإضراب.

وفقات إحتجاجية
في المقابل، نظم المئات من الناشطين مسيرات ووفقات إحتجاجية في مدينة الإسكندرية في ميدان القائد إبراهيم، الذي يعتبر نموذجاً لميدان التحرير، ورفعوا لافتات كتبوا عليها quot;إضراب عام حتى يرحل النظامquot;، وquot;لا لحكم العسكرquot;، وquot;الإضراب مشروع مشروع ضد الفقر وضد الجوعquot;، ونظم العشرات من طلاب جامعة عين شمس وفقة بالملابس السوداء أمام الجامعة، حداداً على زميل لهم قتل في مذبحة بورسعيد في 1 فبراير الجاري، طالبوا فيها برحيل العسكر، ورفعوا لافتات كتبوا عليها quot;استمرار المجلس العسكري فى الحكم خطر على الأمن القوميquot;، وquot;إضراب مشروع ضد الفقر وضد الجوعquot;، وquot;عاش رجلاً ومات شهيدًاquot;.