القاعدة تسعى إلى تثبيت قدمها في سوريا

قال مسؤولون أميركيون إن المتطرفين السنة، بمن فيهم المقاتلون المرتبطون بتنظيم القاعدة في العراق المجاور، يقفون وراء التفجيرين الأخيرين في العاصمة السورية، فضلاً عن هجمات يوم الجمعة في حلب، وذلك من أجل تنشيط الطموحات الاقليمية التي يسعى إليها هذا التنظيم.


بيروت:مع تصاعد موجة العنف في سوريا، يعتقد العديد من المحللين ان تنظيم القاعدة يسعى إلى استغلال الاضطرابات من أجل تنشيط طموحاته الاقليمية، بعد ان غاب في الانتفاضات الشعبية الأولى من الربيع العربي في العام الماضي.

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; إلى أن دور الفرع العراقي لتنظيم القاعدة في سوريا ما زال غير واضح. ونقلت عن بعض مسؤولي الاستخبارات والدبلوماسيين في واشنطن وبغداد وبيروت، اعتقادهم ان تنظيم القاعدة مسؤول عن التفجيرات في الأسبوع الماضي التي هزت مدينتي حلب ودمشق، والتي أودت بحياة عشرات الاشخاص، على الرغم من عدم وجود دليل حسي لإثبات ذلك.

وقال مسؤولون آخرون إن بعض المقاتلين السنة التابعين لتنظيم القاعدة، انما لا يتبعون أوامره بشكل مباشر، قد يكونون متورطين أيضاً، وربما عملوا على الهدف ذاته، إنما بشكل مستقل عن القوى المناصرة للديمقراطية التي تسعى إلى إسقاط حكومة الرئيس بشار الأسد.

من جهته، قال سيث جونز، أستاذ العلوم السياسية في مؤسسة راند، ان هناك quot;خليطا معقدا جداً من الشبكات التي تقاتل الحكومة السورية، بما في ذلك الأفراد المرتبطين بتنظيم القاعدة في العراقquot;، هذا الرأي يشاطره فيه العديد من الخبراء، الذين يعتقدون أن المتطرفين السنة، بعضهم عادوا من العراق للقتال في سوريا، لديهم الخبرة في تنفيذ تفجيرات واسعة النطاق.

ونقلت الصحيفة عن أندرو تابلر، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومؤلف كتاب نشر مؤخراً عن العلاقات السورية الأميركية، قوله: quot;هناك الكثير من الناس الذين يملكون هذا النوع من الخبرة في سوريا. فنظام الأسد يستخدم السيارات المفخخة، وقد يستغله ببراعة لتحقيق أهداف في السياسة الخارجيةquot;، مضيفاً: quot;قد يكون تنظيم القاعدة مسؤولاً عن التفجيرات في سوريا، أو ببساطة أولئك الذين يتمتعون بخلفية مشابهة لتنفيذ هكذا عملياتquot;.

أما الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، الذي طرح شهادته أمام مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء، فقال: quot;اولئك الذين يرغبون في إشعال المواجهة بين السنة والشيعة - وأنتم تعرفون من هم ndash; يتمركزون جميعاً في سورياquot;.

تزعم الحكومة السورية منذ بدء الانتفاضة الشعبية ضد الرئيس الأسد، انها تقتل مجموعات ارهابية مسلحة، بما في ذلك تنظيم القاعدة، وهو اتهام تنفيه المعارضة وتعتبره دعاية تهدف إلى تشويه صورة النشطاء السوريين الذين يقودون الانتفاضة.

لكن بعض المسؤولين الأميركيين يقولون إن تنظيم القاعدة في العراق، الذين يشهد انخفاضاً حاداً في شعبيته في السنوات الأخيرة، يحاول الاستفادة من العنف في سوريا، وربما خطف الانتفاضة الشعبية ضد الحكومة السورية.

تم تهميش القاعدة من قبل ربيع الثورات العربية، لأنها كانت حركات علمانية وغير عنيفة إلى حد كبير ، وغذتها وسائل الاعلام الاجتماعية. كما شكلت وفاة اسامة بن لادن في أيار (مايو) الماضي ضربة أخرى كبيرة للقاعدة التي تسعى للحصول على موطئ قدم منذ ذلك الحين.

وقال أحد المسؤولين الأميركيين الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، انه لم يكن مفاجئاً أن quot;تنظيم القاعدة في العراق، من خلال شبكاته في سوريا، قد يحاول أن يحظى بدور في إسقاط نظام الأسدquot;، مشيراً إلى أن القاعدة quot;انتهازية بشكل واضح وبسيطquot;.

الجدل حول دور تنظيم القاعدة في سوريا انعكس في الوقت الذي تدرس فيه حكومة الولايات المتحدة احتمال تقديم المساعدة لحكومة ما بعد إسقاط الأسد، من أجل الحفاظ على موارد الدولة من الأسلحة الكيماوية والصواريخ المضادة للطائرات.

واعترف مسؤولون اميركيون ان الجهود المبذولة لتأمين الأسلحة غير التقليدية في سوريا لا تزال quot;تقديريةquot; وغير موثوقة.

وقال مسؤولون ان اجهزة الاستخبارات الاميركية تراقب مخزونات الأسلحة في سوريا، في الوقت ذاته الذي تدرس فيه محاولة المعارضة الملحة لجمع العتاد وتسليح المقاتلين والميليشيات.

وقال توماس كونتريمان، مساعد وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون الأمنية والسياسية: quot;بالتأكيد نحن على استعداد للعمل مع أي حكومة تخلف بشار الأسد، وسنساعد في التحكم بتلك الأسلحة من أجل أن يصار إلى تدميرهاquot;.

واضاف: quot;الأولوية هي ضمان التحكم بالأسلحة، أما الثانية فهي تدميرها. لكن كيف يمكنك فعل ذلك إذا كانت الحكومة غير قادرة على ترسيخ ذاتها وبسط سلطتها وسيطرتها الأمنية على البلاد؟quot;.

واشار كونتريمان إلى أن مخزون سوريا من الأسلحة المتنوعة كالصواريخ المضادة للطائرات والرشاشات يصل إلى عشرات الآلاف، مضيفاً: quot;لا نريد أن نرى هذه الأسلحة تقع في أيدي الإرهابيينquot;.

وقال إن ايران وروسيا مستمرة بتزويد سوريا بالأسلحة التقليدية التي يمكن استخدامها ضد قوات الميليشيات والمدنيين والمعارضين لحكومة الأسد، لكنه لم يقدم تفاصيل عن أنواع الأسلحة.