مجموعة من الجنود المنشقين عن الجيش السوري في الخالدية في 26 كانون الثاني (يناير) 2012

في الجزء الثاني من حواره مع quot;إيلافquot; يقول الناشط السوري لؤي حسين إنه يرفض مهاجمة الحواجز الأمنية والقوات النظامية معبراً عن خشيته أن يتحول الحراك الشعبي من ثورة إلى مجرد انقلاب على السلطة.


تيار بناء الدولة السورية، وكما يعرف عن نفسه، تيار سياسي اتفقت على تشكيله مجموعة من السوريين لا يشتركون بالضرورة في خلفية نظرية أو إيديولوجية واحدة، وإنما يتفقون على الوثائق التأسيسية التي صدرت مع إطلاق التيار، والتي تلخص موقفهم من الصراع السياسي الدائر في البلاد، وتوضح رؤية التيار المستقبلية لسوريا كدولة ديمقراطية مدنية محايدة تجاه أي إيديولوجيا أو عقيدة، وتقوم على مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين السوريين جميعاً بغض النظر عن جنسهم أو عرقهم أو دينهم أو طائفتهم أو ثقافتهم، أي دولة مبنية على أساس عقد اجتماعي جديد يصوغه جميع السوريين بإرادتهم الحرة، ولتكون دولة تتفادى بقوانينها إعادة انتاج نظام استبدادي كالذي يحكم سوريا الآن.

فالتيار يرى النظام الإستبدادي الحالي بحكم المنتهي تاريخياً، ويرفض فكرة إصلاحه والتي يعتبرها محاولة لتكريسه وتقويته. ومن هنا تنبع رؤيته بضرورة اتخاذ جميع الخطوات السياسية لتفكيك هذا النظام بهدف إزالته لبناء دولة ديمقراطية مدنية على أنقاضه.

التيار ليس مجرد ائتلاف مرهون بحال الصراع السياسي الدائر الآن على إزالة النظام الاستبدادي والانتقال إلى الدولة الديمقراطية المنشودة، بل يعمل على بناء سوريا المستقبل التي يكون فيها الجميع منتصرين من دون وجود خاسرين. أي أن مهام التيار لا تنتهي بسقوط النظام الحالي. كما أنه ليس تعبيراً عن فئة من السوريين دون أخرى، لتقديره أن سوريا المستقبل هي لجميع السوريين من دون استثناء.

أستاذ لؤي، مع اقتراب الحراك الشعبي في سوريا عامه الأول، كيف تنظرون إلى الحراك الشعبي السوري ومآلاته مع عدم وضوح أي أفق سياسي؟

أعتقد أنه بعد عام تقريباً على انطلاق الحراك الاحتجاجي في البلاد، أنه بدأ يأخذ وجهاً آخر، فقسم كبير من شبابه الأولين الذين كانوا قبل شهر رمضان الفائت ليسوا في الشارع بسبب اعتقالهم أو اغتيالهم أو هروبهم خارج البلاد نتيجة الملاحقات الأمنية، وبالتالي الحراك الشعبي بدأ يتراجع إلى حراك مسلح لا يمكن لأحد أن يعرف إلى أي حد يمكن أن يعكس الإرادة الشعبية، ونحن الآن أمام تغير خطير أمام مسار تحرك هذا الحراك الشعبي باتجاه خطاب عنفي يعتمد التسلح، واختزال كل هذا النضال عبر الأشهر السابقة بمجرد إسقاط النظام، وقادة الشارع الحاليون لم يعودوا يهتمون بحمل شعارات جامعة لكل السوريين، وأغلب الشعارات المطروحة هي شعارات مفرقة كالحظر الجوي والتدخل العسكري والحماية الدولية للمدنيين وإعدام الرئيس.

أنا أخشى أن يفشل هذا الحراك ليس في إسقاط النظام بل في الانتقال إلى مرحلة تتسم باحترام أبناء الوطن بعضهمبعضاوبالحرية للجميع وخاصة حرية الرأي والتعبير والعمل السياسي المدني، وأن يتحول الحراك من ثورة إلى مجرد انقلاب على السلطة.

كيف تنظرون إلى المجلس الوطني السوري ومساعيه لتوحيد المعارضة تحت لواء كيان سياسي موحد؟

أرفض الإجابة عن هذا السؤال!

ما موقفكم من حقوق الأقليات العرقية (وبالذات الأكراد) والدينية، وكيف تتعاملون مع حساسية هذا الملف في ظل التركيبة العرقية والدينية المعقدة في سوريا؟

بالنسبة لي سوف أجيب بشكل شخصي؛ كون التيار لم يضع ورقة توضح موقفه من هذه المسألة المعقدة، من وجهة نظري أن المجتمع السوري يتكون من مكونات مجتمعية مختلفة لا يحق لأي مجموعة أو مكون أن يفرض إيديولوجيته أو سيطرته السياسية على الغير، لا بحجة الكثرة أو القوة، فالمجتمع السوري مجموعة من المكونات يجب العمل على أن تحرم بعضها، والأهم من ذلك أن تتعامل الدولة على قدم المساواة، فلا تمييز بين مواطن وآخر، وعلينا الإقرار والاعتراف بهذه المكونات مهما كانت صبغتها العرقية أو الدينية، وبحقوقها الثقافية كاملة والتي لا تتخطى سقف الدستور، ولا يجوز الاعتراف بمجموعة تتوسل العنف.

بالنسبة إلى الأكراد، هم يسمون quot;المسألة الكرديةquot; quot;بالقضية الكرديةquot;، وأنا أعتقد أن هناك مسألة كردية لا بد من معالجتها، وهي الغبن الثقافي والسياسي والإنساني الذي طاول الكرد السوريين طيلة عقود مضت، وأظهرت المسألة الكردية وكأنها quot;قضيةquot;، وهي مجرد انتهاكات سلطوية بتمييزهم عن العرب وتهميشهم السياسي، وهو ما عانى منه السوريون جميعاً، لكن الأكراد عانوا أكثر من غيرهم من الاضطهاد والإقصاء السياسي، ولا بد لنا كسوريين أن نعتذر لبعضنا جميعاً عن هذا الغبن الذي طال الأكراد وغيرهم من المجموعات، وتشكيل عقد اجتماعي جديد يقوم على أرضية الاحترام والمساواة .

ما موقفكم من الجيش السوري الحر وعملياته العسكرية التي تصاعدت في الآونة الأخيرة؟

الجيش السوري الحر مسألة إشكالية سياسية حساسة، نحن لا نشجع نشاطات الجيش السوري الحر العنفية، خاصة تلك العمليات الهجومية التي يقوم بها بعض عناصره أو المنتسبين إليه، كمهاجمة الحواجز الأمنية وسيارات المبيت العسكرية.

لقد ساهم وجود الجيش السوري الحر في تلطي كثير من الجماعات المسلحة تحت لوائه وتشتغل على هواها. واستناداً إلى مسارنا الرافض للعنف لا نرضى عن وجود الجيش السوري الحر كقوة مسلحة تهاجم القوات النظامية.

هل لديكم في تيار بناء الدولة السورية رؤية أو خارطة طريق للخروج بالبلاد من المأزق والأزمة الراهنة؟

نحن في تيار بناء الدولة السورية قدمنا أكثر من مرة بعض الرؤى للخروج بالبلاد من المأزق الراهن، وساهمنا مراراً في نشاط جامعة الدول العربية، إن كان في مبادرتها الأولى أو الثانية، أو في بعثة المراقبين التي أرسلت إلى البلاد، لكن نحن نعتقد أنه هناك الآن قاعدة أساسية يجب أن نعمل عليها جميعاً كخارطة طريق مفصلة، فنحن نرى أنه في لحظة الاستعصاء السياسي الراهنة لا بد من حل يقوم على أساس الخيار التفاوضي بين جميع الأطراف تحت عنوان الاتفاق على مرحلة انتقالية يشارك فيها جميع القوى السياسية الفاعلة في الساحة السورية، تقودها هيئة سياسية مختارة من هذه القوى، ولا تقودها السلطة الحالية، وتكون مهمتها تهيئة البلاد سياسياً وأمنياً لإجراء انتخابات تقبل بها جميع الأطراف، حينها يمكن الاعتراف بشرعية السلطات التي تنجم عن صناديق الاقتراع.