صلب النقيب بتهمة التجسس من قبل أنصار الشريعة

منذ وقت مبكر وعقب الاستيلاء على معظم مديريات محافظة أبين، جنوب اليمن، خلال أواخر العام المنصرم سمحت جماعة (أنصار الشريعة) لنفسها ببدء إدارة المحافظة بطريقتها، وكانت أبرز أعمالها تنفيذ أحكام الإعدامات والقصاص.


(أنصار الشريعة) هي جماعة تدين بالولاء لتنظيم (القاعدة) بدأت بإعدام عدد من الناس وبتر يد الطفل خالد عبدالعزيز الذي اعترف بذنبه أنه سرق لأنه اضطر للسرقة .. quot;أنا لست سارقاً ولكن الحال لا يسمح لناquot;، كما قال لبعض الصحف.

الأحد الماضي أعدمت الجماعة ثلاثة رجال بعد أن اتهمتهم بنقل معلومات للولايات المتحدة استخدمت في تنفيذ هجمات بطائرات بلا طيار، وهما سعوديان ويمنيٌّ تمّ إعدامهم بحد السيف فجراً على أيدي عناصر من جماعة (أنصار الشريعة)، وأعفت المتهم الرابع من تنفيذ حكم الإعدام لصغر سنه.

وقال قيادي في الجماعة إن أحد الذين تمّ إعدامهم ينتمي إلى محافظة مأرب، أما الآخران فهما سعوديان وجميعهم تسببوا في استهداف عدد من قيادات القاعدة عن طريق زرع شرائح استهداف في سياراتهم لتلاحقهم الطائرات الأميركية.

وشاهد عدد من الأهالي حكم الإعدام بحق أحد الأشخاص الملقّب بـ quot;النقيبquot;، وتضمن الحكم أيضاً صلبه لمدة ثلاثة أيام على مدخل مدينة جعار محافظة أبين، لتتم مشاهدته من قبل الداخلين والخارجين للمدينة.

للمرة الأولى في اليمن

طارق الذهب القيادي القتيل من تنظيم القاعدة في البيضاء

ويقول الباحث المتخصص في شؤون القاعدة سعيد عبيد لـ إيلاف: إن quot;حوادث الاعدامات هذه لم تحدث مثلها في اليمن من قبل حسب رصدنا لتسلسل الأحداث، انما حدثت في أفغانستان والعراق كون التنظيم هناك يعتبر نفسه الدولة، ففي العراق يرى نفسه أنه دولة العراق الإسلامية، أما في أفغانستان فتحصل إعدامات لمن يسمونهم الخونة أو الجواسيس، لكن في اليمن فهي تحدث لأول مرة، وهو شيء طبيعي الآن في تقديري لأن القاعدة الآن تمارس صلاحيات الدولة، وبالتالي من الطبيعي أن تقوم بإعدامات وغيرهاquot;.

وحول الواقع الحالي وإمكانية عودة أبين إلى كنف الدولة يقول عبيد: quot;كنا في السابق نراقب دولة ضعيفة ليست لديها استراتيجية للتعامل مع الإرهاب، وأحاطت بها شبهات عدة إلى درجة الاستفادة من الإرهاب، لكن في حالة الدولة القادمة لم يتبين حتى الآن ما سيحدث، لكن القاسم المشترك أن القاعدة لن تستسلم وأن الدولة القادمة ستواجه صعوبات، لأن القاعدة أصبحت متمكنة في أبين تحديداً، ولا شك أن من سيواجه القاعدة سيعاني كثيراً، ولكن يستحيل القضاء عليها لأن القضاء عليها يحتاج إلى جهود كبيرة على جميع الأصعدةquot;.

ويضيف: quot;الحكومة الجديدة لن تكون القاعدة همها الأول، لأن لديها قضايا كثيرة وأكثر عمقاً واحتياجاً من هذا الأمر، ومستوى التعامل مع القاعدة يعتمد على جدية الحكومة القادمةquot;.

عدن تصعب على القاعدة

وفي حين يدور الحديث عن إمكانية سيطرة القاعدة على مدينة عدن المجاورة لمحافظة أبين، يرى سعيد عبيد أن quot;القاعدة اتّبعت في عدن استراتيجية نشر الفوضى فيها، وإرسال الرسائل بأنها قادرة على القيام بأعمالها بشكل مريح، فعدن لديها مخارج ومنافذ محدودة يمكن السيطرة عليها، وأيضاً من الصعب أن يتجول أي عنصر من أنصار الشريعة داخل مدينة عدن لأن حركتهم مرصودة، مع هذا استطاع التنظيم التخلص من عناصر قيادية أمنية وعسكرية بما فيهم مدير أمن عدن الذي تمّ استهدافه أكثر من مرة، إضافة إلى نائب مدير الأمن السياسي حسين الشبيبي، وصالح ناصر قائد حرس الحدود الأسبق، وهي قيادات يعتبر التوصل إليها أمراً صعباً، لكن القاعدة كانت تصل إليهم بسهولة وتتخلص من كثير من أهدافها، والبعض ما زال مطلوباً لديها، لكن في تقديري من الصعب أن تكون مدينة عدن مدينة قاعديةquot;.

ويتحدث عبيد عن الفارق بين أبين وعدن حيث يرى أنه في أبين quot;جلال بلعيدي، أمير أنصار الشريعة، هو من أبناء أبين وهم يعرفونه ويعرفهم، وهو أحد أبناء القبائل والقاعدة تحاول أن تجعل قياداتها من أبناء القبائل كي تحصل ألفة ويعرفونهم ولا يأتون من الخارج لأن الأمر له جوانب نفسية. أما في عدن لا توجد قياداتquot;.

ويشير إلى أن السعوديين هم أكثر العناصر غير اليمنية، وكثير منهم لديهم خبرات في أفغانستان والعراق، ولديهم خبرات في استخدام شبكة الإنترنتquot;، مشيراً إلى أن هناك تطوراً إعلامياً وميدانياً وتطوراً في صناعة الأسلحة، وهذه الأسلحة تحتاج إلى خبرات عسكرية كبيرة في صناعة العبوات، إضافة إلى اللمسات للعناصر الأجنبية التي تتقن اللغة الانجليزية، وتتقن الفنون الإعلامية. كما أن هناك عناصر أفغانية وجزائرية وباكستانية ومصرية وصومالية وكل هذا يرفع من قدرات القاعدةquot;.

تغيّر الخطاب

يشير سعيد عبيد إلى التغيّر الحاصل في الخطاب للتنظيم، حيث يرى أنه quot;كان هناك ركاكة وجفاف في الخطاب سابقاً، أما الآن ظهر خطاب القاعدة بلغة سياسية لم تجابه الثورات وهذا فيه تفكير لا يتصادم مع أفكار الشعوب، كأنهم يقولون نحن نؤيد هذه الثورات ويدعون أنهم أيضاً متواجدون في الساحات، وأن الشباب محقون في ثوراتهم لإسقاط الطغاة كما يسمونهاquot;.

ويضيف: quot;القاعدة تقول إنها ليست معنية بانتخابات، وهي تؤمن بأن التغيير مهم، وكما تؤمن بالجهاد. هي تقول إذا جاء النظام وتعامل مع (الكفار) فسيكون القادم نسخة من السابق وأن الجميع عملاءquot;.
ويدعو سعيد عبيد quot;إلى الحوار مع القاعدة، فهي موجودة في أماكن ثابتة، وستحدّ من تمددها مسألة الحوارquot;.

ويرى عبيد أن quot;طارق الذهب الذي قتل مؤخراً بعد أسابيع من استيلائه على مدينة رداع حقق وعود سريعة بما يتناسب مع شخصيته، ولم تكن شروطه عميقة، كانت إطلاق سراح بعض المسجونين وغيرها، ولا يمكن أن تنسحب القاعدة من أبين كما حدث مع طارق الذهبquot;.

ويضيف: quot;طارق الذهب لم يعرف كقائد أو كشخصية إسلامية عادية على الأقل.. كثر أعداؤه بشكل سريع، وكان في مكان معروف، ولم يختبئ وعلى الرغم من أن أنور العولقي متزوج أخت طارق الذهب، لكن الموضوع حساس وليس للعلاقة الأسرية ربما علاقة كبيرة بهذا الأمرquot;.

ويرى أنه quot;لأول مرة يحدث تفاوض بين القاعدة والدولة وهو ما يحدث الآن في أبين وكأنه تفاوض بين دولتين، والقاعدة الآن هي صاحبة الشروط، لكن الأهم من كل هذا المصداقية والشفافية وإبلاغ الناس بشكل واضح حول ما دار من اتفاقاتquot;.