الحكيم متحدثا خلال الملتقى الثقافي الاسبوعي

دعا رئيس المجلس الاعلى الاسلامي في العراق عمار الحكيم الى عدم التعويل على مؤتمر القمة العربية المقبل في بغداد للخروج بنتائج فعالة على مستوى عال في ظل طبيعة الظروف والتعقيدات القائمة اليوم في الوطن العربي وأكد ان مرجعية السيستاني خط أحمر سيتمّ الدفاع عنها في مواجهة مستهدفيها وحذر من توجّه المزيد من المحافظات نحو تشكيل أقاليم وعبر عن الأسف لظواهر شاذة التي بدأت تنتشر بين الشباب العراقي وتزايد حالات الطلاقبشكل مخيف.


قال عمار الحكيم، رئيس المجلس الاعلى الاسلامي في العراق خلال كلمة في الملتقى الثقافي للمجلس الاعلى في بغداد الليلة الماضية بحضور جمع غفير من مواطني العاصمة،إن العراق يقترب من موعد انعقاد القمة العربية في بغداد في ظل تجاوب ايجابي واسع لأغلب الدول العربية مع حدث يستحق الاهتمام الكبير لأنه يحمل في طياته رسالة كبيرة للعراقيين جميعا.
وقال ان عقد هذه القمة في بغداد له تأثير معنوي كبير يعيد العراق الى دوره التاريخي المحوري في المنظومة العربية وفي الواقع الدولي ويفتح الفرصة ويمدّ الجسور لعودة الاشقاء العرب وعودة التعامل الايجابي مع الواقع العراقي . لكنه اشار الى انه quot;في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها الوطن العربي في هذه المرحلة العصيبة وهذا الحجم من التقاطعات والاختلافات والتعقيدات القائمة فإن ذلك يدفعنا للنظر بواقعية سياسية وان نبني أسقف توقعاتنا من هذه القمة على اساس هذا الواقع المرتبك وهذه التعقيدات الشائكة فلذلك يجب ان لا تكون لنا توقعات عالية من هذه القمة وانما ننظر بواقعية لطبيعة الظروف والتعقيدات القائمة اليوم في الوطن العربيquot;.
لكن الحكيم قال إن ترؤس العراق لجامعة الدول العربية عاما كاملا سيتيح له ان يلعب دورا ايجابيا وبناء في التواصل مع العرب وفي حل الإشكاليات وتذليل العقبات التي يشهدها العالم العربي ونقل التجربة العراقية الى العرب لاسيما الشعوب التي قامت بعمليات التغيير وهي تتطلع لأن تستفيد من التجربة العراقية في بناء تجاربها الجديدة.
وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد اعتبر السبت الماضي ان التركيز في القمة يجب ان يكون على quot;الربيع العربي والى اين تمضي هذه المجموعة العربية في ظل ازدحام الشارع الدوليquot; مضيفا quot;علينا تحديد موقف العرب والى اين يتجهون لان العرب لا يدرون الى اينquot;. وحذر المالكي من ان العرب يتجهون نحو quot;مراحل صعبة جدا وتحديات كبيرة جدا، وبالذات في هذه المنطقة لانها اصبحت منطقة للاستقطابات الطائفيةquot;. واعتبر ان quot;الطموح ليس ان يلتقي الناس ويقولوا مرحبا، بل اننا نحتاح لان نناقش وجهتنا فنحن نسير نحو انظمة جديدة اكثر انفتاحا إلا أنه يخشى الا يستقر الربيع العربي وتبقى أزمات في هذه الدولquot;.

تحذير من توجه أكبر للمحافظات نحو تشكيل أقاليم
وحول الانتهاء من تعديل قانون المحافظات وعرضه على مجلس النواب للمصادقة عليه اوضح الحكيم ان هذا يهدف الى توفير فرص اكبر وصلاحيات أوسع لقيام مجالس المحافظات بواجباتها ومسؤولياتها تجاه المواطنين في الاتجاه الصحيح وإن جاءت متأخرة ولكنها خير من ان لا تأتي لتبقى مجالس المحافظات تعاني قصورا في الصلاحيات والمساحات.
واضاف quot;ما يؤسفنا أن التعديلات الاخيرة التي قيل إنها ستوسع من صلاحيات مجالس المحافظات جاءت لتقضم جزءا آخر من هذه الصلاحيات المنقوصة أصلا وتقلل منها ما يجعلنا جميعا أمام مسؤولية كبيرة في الدفاع عن الدستور والصلاحيات الدستورية للحكومات المحلية ومجالس المحافظاتquot;.
واشار الى ان جدلية المركزية واللامركزية التي تثير تعدد الاجتهادات بين القوى السياسية قد حسمت من قبل الدستور الذي اعتبر العراق بلدا اتحاديا يجب ان تمنح فيه الصلاحيات الكاملة الى الاقاليم والمحافظات ما يخفف من العبء على الحكومة الاتحادية ويسهل لها الإيفاء بواجباتها تجاه المواطنين وتقديم الخدمة الأفضل والأسرع لهم .
وأوضح أن الذهاب الى اللامركزية ومنح الصلاحيات للمحافظات سيقلل من ظواهر الفساد الإداري والمالي.. وحذر من ان المركزية الشديدة ستدفع العديد من المحافظات الى اتخاذ قرارات مستعجلة بتشكيل الاقاليم وهي قرارات قد تكون في وقت غير ملائم يدفع ابناء المحافظة مضاعفاتها السلبية ويدفع البلد بشكل عام آثارها السلبية .

الدفاع عن مرجعية السيستاني ضد مستهدفيها
واضاف الحكيم ان الايام القليلة الماضية شهدت أحداثا مؤسفة ومؤلمة في استهداف الوكلاء والمعتمدين ومكاتب المرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني في ظاهرة قال انها quot;غريبة وشاذة على مجتمعنا ولم تحصل من ذي قبل على الرغم من الظروف الصعبة التي مرت بالعراق ما يتطلب وقفة جادة ومراجعة لمثل هذه الافعال والبحث عن الجهات التي تقف وراءهاquot;.
واشار الى ان الملفت ان تتهم المرجعية الدينية متمثلة بالسيستاني وأنصاره بالإساءة الى الآخرين وإحراق مكاتب اخرى وقال إن هذه المرجعية حقنت الدماء ووحدت ابناء الشعب ولطالما دعت الى عدم المباشرة بالاقتصاص من المسيئين بعد سقوط النظام السابق في 2003 وما بعده وبرهنت دائما على أنها الحريصة على الإسلام وعلى العراق والمدافعة عن حقوق العراقيين لكنها تتهم اليوم بانها تقوم بأمور خلاف القانون وتسيء الى مكاتب ومقار لأطراف أخرى في اشارة الى الاستهدافات المتبادلة منذ أيام مع أنصار مرجعية اية الله السيد محمود الحسني الصرخي في عدد من محافظات البلاد الوسطى والجنوبية.
ودعا الى الاحتكام الى المنطق والعقل والالتزام بالقانون والحوار والتواصل مع المسيئينلاستبيان المواقف ووضع حد لمثل هذه الفتن في المحافظات الجنوبية والعاصمة بغداد. وطالب الاجهزة الامنية القيام بواجباتها ومسؤولياتها الوطنية في الحفاظ على الأرواح والممتلكات quot;والتعرف إلى من يقف خلف هذه الفتن ومن يسيء الى الناس ومن يربك السلم الاجتماعيquot;. وشدد بالقول quot;ان هيبة مرجعيتنا ومكانتها الدينية والاجتماعية خط احمر لا نسمح بتجاوزه ولا بد ان نقف وقفة حقيقية في الدفاع عن المرجعية الدينية حينما تتعرض لمثل هذا الاستهداف لمقارها ومكاتبها ولوكلائها ومعتمديها في العديد من المحافظات العراقيةquot;. وأكد قائلا quot;سنقف وندافع عن المرجعية بقوة ولا نسمح بالمساس بها تحت اي ظرف او مسمى او عنوان وهذه مسؤوليتنا الشرعية والوطنيةquot;.

إحراق الاميركيين في افغانستان للمصاحف سلوك مشين
وعن حرق المصاحف في إحدى القواعد العسكرية الأميركية في افغانستان وصف الحكيم ذلك بأنه استهداف للمقدسات واستهانة بعقيدة الآخرين في سلوك مشين وخاطئ .
وأكد ان الاعتداء على مقدسات المسلمين والتنكر لعقيدة المسلمين وحرماتهم إنما يعبر عن حالة انغلاقية لا تنسجم مع كل الأطروحات التي تتحدث عن إشاعة التسامح والسلام والوئام. وتساءل قائلا quot;أي حقد وأي كراهية هذه التي تدفع جنديا أميركيا ان يحرق هذه المصاحف الشريفة في قاعدة ما في أفغانستان او في قاعدة في مكان اخر من العالم؟ .. وقال ان هذا حقد وضغينة ويجب وضع حد لمثل هذه السلوكيات وهو ما يتطلب عملا كبيرا على المستوى الثقافي لكي تزول هذه الكراهية بين الشعوب والامم .

انتشار السلوكيات الشاذة بين الشباب العراقيين
وأوضح الحكيم ان بعض الظواهر الاجتماعية الغريبة قد بدأت تظهر في المجتمع العراقي بعيدة عن الأعراف والتقاليد والثوابت الدينية والأخلاقية حيث تنتشر هذه الظواهر بين الشباب والمراهقين من الجنسين كظاهرة quot;الايموquot; وغيرها التي تتميز بالملابس وقصات الشعر الغريبة ووضع الاوشمة على الابدان بطريقة غير لائقة وغير مناسبة واستخدام خواتم وقلائد فيها صور او فيها جماجم وبشكل بعيد عن تقاليد وأعراف وقيم المجتمع العراقي . وقال ان هذه الظواهر تعبر عن حجم الغزو الثقافي والاخلاقي الذي يتعرض له المجتمع العراقي وتوفر بيئة ملائمة لتعاطي المخدرات وارتكاب مفاسد أخلاقية لنشر الأفكار الدخيلة على الثقافة العربية والعراقية الأصيلة .. واشار الى ان ذلك يعبر عن غياب للأمن المجتمعي والمناعة الامنية الثقافية.
واضاف ان انتشار هذه الظواهر والسلوكيات بين شباب العراق يعبر عن فهم خاطئ للتكنولوجيا والحرية وللانفتاح والحداثة . وناشد الاسر العراقية ووسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني الى الحذر من مثل هذه الظواهر ووضع المعالجات الكفيلة لها ودراسة اسبابها ومعالجتها بالشكل الصحيح وليس بالقوة وانما بالفكر وبالثقافة .

الطلاق .. ارقام مخيفة
وعن ظاهرة تصاعد عمليات الطلاق في العراق اشار الحكيم الى ان الاحصاءات تشير الى زيادة مخيفة لها وخاصة بين الشباب موضحا ان هذه الظاهرة تسود جميع المحافظات العراقية دون استثناء .
ودعا الى نشر ثقافة التواصل والتراحم داخل الأسرة ومعالجة الواقع المعيشي للمواطنين لانه قد يكون للوضع المادي تأثير مباشر على مثل هذه الظواهر الخطيرة والحساسة. وقال quot;ان هذه الظاهرة تعني اننا أمام عوارض خطيرة في مجتمعنا ومنها ولادة أجيال من الأطفال الذين يفتقدون إلى رعاية احد الأبوين فينشأ جيل من الأطفال غير متوازن او مستقر نفسيا . وطالب جميع المعنيين في اجهزة الدولة والمجتمع بدراسة هذه الظاهرة وأسبابها ومناشئها ووضع الحلول المطلوبة لها .
ودعا الى الالتفات الى الشرائح الفقيرة والمستضعفة والعمل على تقليل الفروقات والتمايز الطبقي بين ابناء الشعب بحيث لا تكون هناك طبقة ثرية وأخرى فقيرة ويحظى الجميع بفرص عادلة في الحياة الكريمة وفرص العمل . كما طالب السياسيين بعدم اغراق البلاد بالازمات فيكون الفقير هو الضحية .. وشدد بالقول quot;لانريد ان يكون الفقراء حطب نار الفرقاء في هذه الصراعات وهذه الاختلافات السياسية القائمةquot;.