عمان: يتحسس ابو زيد بأسى يده المشوهة التي قال ان السلطات السورية فجرتها بعد رفضه السجود لصورة الرئيس بشار الأسد، مستذكرا التعذيب الذي تعرض له اثر مشاركته بتظاهرة مناهضة للنظام نهاية 2011.

ابو زيد هو واحد من بين عدد كبير من اللاجئين الذين يروون صورا مخيفة عن التجاوزات التي تمارس في سوريا. وقد لجأ ألى الاردن الاف السوريين الذين تسلل معظمهم عبر الحدود هربا من العنف في بلدهم منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام والتي اسفر قمعها منذ نحو عام عن سقوط اكثر من 7600 قتيل، كما يقول ناشطون معارضون.

ويقول ابو زيد (34 عاما) وهو اب لأربعة اطفال من درعا (جنوب سوريا)، يفضل عدم ذكر اسمه كاملا خوفا من الملاحقة، quot;اعتقلت خلال تظاهرة في درعا مطلع كانون الاول/ديسمبر الماضي وتعرضت لمختلف انواع التعذيب من الضرب والشبح والصعق بالكهرباء طيلة 15 يوما، حتى فجروا يديquot;.

ويضيف البائع المتجول الذي يعالج في مستوصف لمنطقة quot;اطباء بلا حدودquot; لوكالة فرانس برس quot;اثار غضبي اعتقال طلبة مدارس اعمارهم ما بين 12 الى 15 عاما كانوا محتجزين في القبو نفسه ويبكون من الخوف. بدأت لا اراديا بشتم بشار الأسد ورجال الأمنquot;.

ويتابع quot;عندها، احضر احدهم صورة للرئيس بشار ووضعها امامي وضربني، وقال لي +اسجد لربك بشار+، لكني من فرط الغضب مزقت الصورة، فجن جنونهم وكبلوني وضربوني ضربا مبرحاquot;. ولدى سؤاله عن اصابة يده، قال ابو زيد بأسى quot;عصبوا عيني وفكوا قيدي ثم صلبوني صلبا وشعرت بأنهم وضعوا حاجزا بيني وبينهمquot;.

واضاف quot;شعرت بتثبيت شيئ بكف يدي، ثم سمعت انفجارا ولم اشعر بألم مباشرة لكني ما لبثت ان شعرت بسائل يقطر على قدمي الحافية حتى اكتشفت انه دمي وفقدت الوعيquot;.

واستعاد ابو زيد وعيه في المستشفى ليكتشف انه فقد ثلثي كف يده. وتمكن بعدها من الهرب بمساعدة اصدقائه الى منطقة حدودية بين درعا والرمثا الاردنية وتسلل للمملكة نهاية كانون الاول/ديسمبر، على حد قوله.

وتفيد لجنة تحقيق للامم المتحدة ان اكثر من 500 طفل قتلوا منذ بدء حملة قمع الاحتجاجات، وذكرت منظمات دولية عن تعرض اطفال ويافعين للتعذيب في سوريا.

ولا تختلف معاناة أبو زيد عن تلك التي مر بها سعيد الحراكي (70 عاما) من قرية الحراك (جنوب سوريا) التي حاصرتها السلطات واعتقلت عددا من سكانها. ويقول الحراكي quot;جرونا مكبلي الايدي ومعصوبي العينين الى جهة لا نعلمها حيث تعرضت لتعذيب متنوع مدة 22 يوماquot;.

واضاف quot;سألني المحقق عن مشاركتي بالمظاهرات وعرض علي ان يحقق معي باحترام ويفرج عني ان سجلت اعترافا مع التلفزيون السوري بأني سلمت نفسي بعد ان تظاهرت واحرقت مركزا للأمنquot;.

ويتابع الحراكي quot;عند رفضي بدا الضابط بوضع جمر على قدمي ويسألني ما رأيك الأن؟ لكني لم اشعر بشيء لأني مريض بالسكري. وبعد ان كشف عن عيني فوجئت بأن قدمي احرقتquot;.

ويضيف quot;اعتقدوا اني اعاندهم وادعي اني لا اشعر بشيء فجلب احدهم ابريق ماء مغلي وصبه على قدمي ثم داس عليها ودفعني الى الخلف حتى خرج اصبع قدمي من موقعهquot;.

ويؤكد الحراكي quot;لم يكن ذلك اكثر ما آلمني، فالتحقيق والتعذيب استمر لساعات طويلة دون ماء او طعام حتى احضر احد عناصر الأمن زجاجة ماء كبيرة حوالى 2 ليتر وطلب مني شربها. شربتها كاملة وبعد فترة طلبت ان اذهب الى الحمامquot;.

ويقول quot;خلعوا ملابسي وربطوا مطاطا على عضوي الذكري وادخلوني للحمام مكبل اليدين خلف ظهري، احسست بألم شديد وكأن احشائي ستنفجر فلم استطع الاحتمال وقلت لهم سأمضي على اي اعتراف تكتبونهquot;.

وافرج عن الحراكي بموجب عفو عام اصدره الرئيس السوري في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قبل ان يهرب الى الاردن في كانون الاول/ديسمبر.

اما ابراهيم (26 عاما) وهو عامل بناء من درعا، الذي يعالج في مستشفى الهلال الأحمر الاردني فتظهر على جسده كدمات ورضوض الى جانب جروح في الرأس. ويشير الرجل الى ساقه المكسورة التي تفتت عظمها وثبت سيخ معدني فيها.

ويقول ابراهيم quot;تعرضت لعدة اصابات برأسي وساقي نتيجة ضرب الأمن لي وكل ما فعلته انني حاولت اسعاف شخص اصيب في مظاهرةquot;. ويضيف quot;حاولت نقله على دراجتي النارية فأوقفني الأمن واجهزوا عليه ثم ضربوني بكعاب البنادق حتى كسروا ساقيquot;.

الا انه يعتبر نفسه quot;محظوظا لاني ضربت فقط، فقد تم اعتقال اصدقاء واقارب لي وتعرض بعضهم للتعذيب، فمنهم من اقتلعت اظافره ومن قص جزء من اذنيه وهناك من قطعوا له عضوهquot;.

ويؤكد ابراهيم انه شاهد عسكريين quot;يجهزون على جرحى المظاهرات. لقد رايت ذلك بعينيquot;. وقالت منظمة quot;اطباء بلا حدودquot; مطلع شباط/فبراير ان النظام السوري يمارس quot;قمعا دون رحمةquot; ضد جرحى يصابون خلال تظاهرات الاحتجاج والعاملين في المجال الطبي الذين يحاولون اسعافهم.

وقالت الطبيبة ماري بيان الييه، رئيسة منظمة اطباء بلا حدود ان quot;الطب يستخدم كاداة للقمع (..) يتعرض الجرحى والاطباء اليوم في سوريا للملاحقة ويواجهون خطر التعذيبquot;.

ويؤكد الحراكي quot;سأعود لأشارك في اسقاط النظام الذي ارتكب مجازر بحق شعبه، لن انسى ما فعلوا بي ولا ما شهدت بأم عيني من تعذيب واطلاق رصاص على جرحى المظاهرات والاجهاز عليهمquot;.

وقال راكان المجالي، وزير الاعلام والاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة الاردنية لفرانس برس ان quot;حوالى 73 الف سوري دخلوا المملكة منذ اندلاع الاحداث في سوريا، بعضهم عاد الى بلده وغادر آخرون الى بلد ثالثquot;.

واعلن الاردن انه على اتصال مع منظمات دولية تحسبا لتدفق اعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، فيما قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ان هناك 4 آلاف لاجئ سوري مسجل في المملكة يتلقون مساعدات من المفوضية.

وتعتزم المملكة فتح اول مخيم لاستقبال اللاجئين السوريين قريبا في منطقة رباع السرحان في محافظة المفرق (70 كلم شمال عمان) بالقرب من الحدود مع سوريا.

واتخذ الاردن مؤخرا اجراءات للتخفيف عن السوريين الفارين اليه بينها قبول حوالى 5 آلاف طالب سوري في مدارس المملكة الحكومية، وتقديم خدمات صحية وعلاج شرط الحصول على وثيقة تسجيل من المفوضية.