وقفة احتجاجية للصحافيين التونسيين أمام مقر الحكومة

يثير الاعتداء المتكرر والمتنوع بين جسدي ومعنوي على الصحافيين في تونس غضب الأوساط الاعلامية، ما دفع بالنقابة الوطنية للصحافيين بالتلويح بتنفيذ إضراب عام احتجاجاً على ما تتعرض له حرية الصحافة والتعبير في البلاد، مشيرة إلى quot;يوم بلا إعلام في تونسquot;.


تونس: لوحت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بتنفيذ إضراب عام احتجاجاً على تواصل الاعتداءات الجسدية والمعنوية على الإعلاميين، والتضييق على حرية التعبير، إضافة إلى ممارسة أطراف في الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية ضغوطات سياسية على الصحافيين والاعلام ومحاولتها وضع يدها عليه وتحويله إلى إعلام البروباغندا.

وتعرّض السبت الماضي عددٌ من الصحافيين إلى الاعتداء بالعنف المادي واللفظي من طرف أعوان الأمن خلال مسيرة احتجاجية للاتحاد العام التونسي للشغل، رفع المشاركون فيها شعارات مناهضة للحكومة وحركة النهضة بصفة خاصة مما دفع بالنقابة إلى تقرير جلسة عامة استثنائية لمناقشة quot;يوم بلا إعلام في تونسquot; .

وقال منجي الخضراوي، الكاتب العام لنقابة الصحافيين في تونس، لـquot;إيلافquot;: quot;نعتقد أن الأشكال الاحتجاجية النقابية متدرجة، فقد بدأنا بالبيانات وصولاً إلى الوقفات الاحتجاجية وتعليق الشارات السوداء للتنديد بالاعتداء على الصحافيين، وسنناقش الإضراب العام، وأن تعيش تونس يوماً بلا إعلام يعتبر مؤشراً خطيراً على انتهاك حرية الصحافة والتعبير في البلاد، والإضراب العام شكل من الأشكال الاحتجاجية النضالية، الغاية منه ليس تعطيل سير مرفق معين، بل لفت الأنظار لحالة الاحتقان التي يعيشها الصحافيون في تونسquot;.

وتساءل الكاتب العام لنقابة الصحافيين التونسيين قائلاً: quot;إذا كنا نعيش حالة من القمع ورغبة واضحة في وضع اليد على الإعلام وتوجيهه وممارسة ضغوطات سياسية على الإعلاميين كمنعهم من أداء عملهم، وأن نتهم بضرب السياحة والاستثمار عندما ننقل بعض الأحداث، فماذا تغيّر بعد 14 يناير وما الفرق بين الدكتاتورية النوفمبرية (في إشارة لنظام بن علي) وبين نظام اليوم الذي يقول بأنه يمثل الثورةquot;.

وتابع الخضراوي لـquot;إيلافquot;: quot;نحن نقر بوجود أخطاء في الإعلام إلا أن ردة الفعل مبالغ فيها وهي أكبر بكثير من حجم الخطأ، والفارق بين الخطأ وردة الفعل هو هامش التسييس، ومن هنا نستشف رغبة أطراف في الحكومة بوضع يدها على الإعلام وتحويله إلى إعلام دعائي (البروباغندا)، والاعتداء المادي على الصحافيين هو سعي لحجب المعلومة عن الرأي العام وسعي لخلق مناخ من الرعب. وقد اتصل بي بعض أصحاب المؤسسات الإعلامية وأكدوا لي أنهم سيضطرون لعدم التطرق لبعض المواضيع تجنباً لردود فعل بعض الأطراف، بالإضافة إلى الصحافيين الذين أصبحوا يتحاشون تناول بعض الإشكاليات وتغطية بعض الأحداث خوفاً من اعتداء مادي أو معنوي وحتى خوفاً من السجن quot;.

وأكدت نقابة الصحافيين أنها حصلت على صور وتسجيلات لأعوان الشرطة المعتدين الذين ارتكبوا أعمال عنف، وأنها سترفع الأمر إلى القضاء مطالبة النيابة العامة quot;بفتح تتبّع فوري ضدّ وزير الداخلية وكلّ من ستكشف عنه الأبحاث من المعتدينquot;.

وأوضحت وزارة الداخلية التونسية في بيان اطلعت عليه quot;إيلافquot;: quot;بخصوص ما ورد من أخبار عن تعرّض عدد من الصحافيين إلى الاعتداء من قبل أعوان أمن تتعهد بفتح تحقيق في الاعتداءات المدّعى بها لتحديد مصدرها والمتسبّب فيها حتى يتحمّل كل طرف مسؤوليته طبق القانون.quot;

ومن جانبه، أكد ناجي البغوري نقيب الصحافيين السابق لـquot;إيلافquot;: quot; أعتقد أن مسألة الاعتداء على الصحافيين خلال مسيرة الاتحاد العام التونسي للشغل بعثت برسالة سلبية جداً تتمثل في تعطل عملية إصلاح الاعلام، ثم أن عملية الانتقال من الاستبداد إلى الديموقراطية هي عقلية بالأساس، وفي هذه العقلية هناك التزام من السلطة التنفيذية أو غيرها باحترام استقلالية وسائل الاعلام وعدم انتهاك السلامة الجسدية للصحافيين والاعتداء عليهم في الشارع، وما حصلهو دليل على عدم الالتزام بعملية الانتقال الديموقراطيquot;.

وأضاف عضو الهيئة المستقلة لإصلاح الاعلام لـquot;إيلافquot;: 'الدعوة إلى إضراب عام هو الإجراء الأقصى لأنه تمّ استنفاذ كل أشكال الاحتجاج الأخرى من بيانات ووقفات احتجاجية، لكن رغم ذلك ما زالت دار لقمان على حالها وما زال التضييق والاعتداء على الصحافيين أثناء أداء عملهم متواصلين، إضافة إلى عدم تفعيل القوانين لذلكquot;.

ويرى البغوري أن التلويح بإضراب عام سيكون من ناحية بمثابة مؤشر سلبي، وطنياً ودولياً، على أن حرية الصحافة لا تزال تعاني من التكميم، ومن جهة أخرى رسالة قوية إلى أصحاب القرار بأن حرية الصحافة لا تعني الإعلاميين فحسب بل المجتمع بأسره.

خالد السرغاني رئيس القسم السياسي في صحيفة الأهرام المصرية، أكد في تصريح خص به quot;إيلافquot;، quot; أيّ سلطة تسعى إلى قمع الإعلام ولكن هذا القمع يكون بدرجات حسب مستوى الوعي في المجتمع وحسب الثقافة السياسية السائدة فيه، وحسب التزام السلطة نفسها بآليات العملية الديموقراطية وثقافتنا السياسية متدنية وما زال وعي المجتمع غير مكتمل وفي طور النهوض والسلطة لا تلتزم بآليات الديموقراطية، وبالتالي القمع المادي لحرية الصحافة والإعلاميين والحريات بصفة عامة سيظل قائماً حتى ندخل باب التحول الديموقراطي الفعلي وليس الشكليquot;.

وقال الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان اطلعت عليه quot;إيلافquot;، إنه quot;يستنكر أسلوب التشفي والقسوة التي تعامل بها بعض أعوان الأمن خاصة ضد الصحافيين وما وجهوه لنقابة الصحافيين من شتائم وتهديد تنم عن رغبة مدبرة في قمع الاعلام وحجب الحقائقquot;.

ومن جهتها، طالبت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بفتح تحقيق لمحاسبة المعتدين على الصحافيين وكل من يقف وراءهم.

وفي سياق متصل تجمع قرابة الـ4000 شخص أغلبهم من أنصار حركة النهضة الإسلامية أمام مقر التلفزيون التونسي الرسمي لـquot;تطهيرهquot; كما قال منظمو التجمع الاحتجاجي.

واعتبر رئيس الحكومة التونسي حمادي الجبالي في وقت سابق أن الإعلام يخضع في تغطيته وبرامجه الحوارية لتوجهات ما وصفها بـquot;أقلية في المجتمع التونسيquot; وانتقد أداء الإعلام، مشيراً إلى أن المؤسسات الإعلامية الآن لا تعبر عن الإرادة الشعبية الممثلة لنتائج الانتخاباتquot;.

وتجدر الإشارة إلى أن الصحافيين التونسيين نفذوا وقفات احتجاجية في عدد من المحافظات بصفة متزامنة احتجاجاً على محاولة السيطرة على الاعلام وتحويله من إعلام عام إلى إعلام يخدم مصالح الحكومة.