بحثاً عن أي علامةتشير الىانشقاق في الطبقة الحاكمة في سوريا، تتابع الولايات المتحدة ما يشتبه بأنه عملية نقل الملايين من الدولارات في حسابات أجنبية من قبل النخب المرتبطة بالرئيس السوري بشار الأسد، الذي يجابه نظامه ثورة تستهدف اسقاطه.

استخبارات واشنطن رصدت عملية تدفق أموال خارج سوريا

دمشق: على الرغم من الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة، تبقى عملية تدفق الأموال غير واضحة، إذ يقول مسؤولون في الاستخبارات الأميركية إنهم لا يستطيعون تقدير المبلغ الإجمالي للتحويلات، وما زالوا يحاولون فهم ما تعنيه عملية نقل الاموال: هل يشعر المقربون من الاسد بالتخبط، أم أن السوريين الأثرياء يحاولون ببساطة حماية أموالهم؟

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـquot;واشنطن بوستquot; أن الجهود المبذولة بهدف معرفة المعنى الحقيقي للتحويلات المالية تؤكد على أن العديد من جوانب الثورة في سوريا لا يزال مبهماً بالنسبة إلى المراقبين الخارجيين - بما في ذلك وكالات المخابرات الاميركية - بعد عام من الجهود الداخلية للإطاحة بالرئيس الأسد.

ونقلت الصحيفة عن كبار المسؤولين في أجهزة الاستخبارات الاميركية اعتبارهم أن الجهود للكشف عن نوايا نظام الأسد كانت مجزأة أو غير موجهة، مشيرين إلى أن قدرات قوات المعارضة السورية لا تزال غير واضحة.
وعجز العديد من المحللين الأميركيين من التوصل إلى استنتاجات قاطعة بشأن المسائل الرئيسية، بما في ذلك ما إذا كان تنظيم القاعدة مسؤولاً عن سلسلةالتفجيرات التي هزّت سوريا في الأشهر الاخيرة.

من جهته، قال النائب الجمهوري مايك روجرز، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الاميركي، إن المعلومات الاستخبارية الموثوقة في سوريا مختلطة، الأمر الذي أدى إلى تعقيد قضايا السياسة العامة لإدارة الرئيس باراك أوباما، لا سيما في اتخاذ قرار بدعم المعارضة السورية أم لا.

وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية العليا يوم الاربعاء إن الرئيس أوباما قد وافق، على التخطيط الأولي الذي أعدّه البنتاغونلتدخل الولايات المتحدة المحتمل في سوريا، غير أن عدم وجود وحدة وطنية في المعارضة السورية والمجتمع الدولي يجعل تنفيذ هذا التدخل أمراً غير مرجح.

quot;لا توجد أجوبة بسيطةquot;، كما قال وزير الدفاع ليون بانيتا في جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، معتبراً أن نتيجة عدم اتخاذ قرار حاسم quot;هي قدر كبير من الغضب والإحباط اللذين نتقاسمهما جميعاًquot;.

بالإضافة إلى تعقب تحويلات الأموال، راقبت وكالات المخابرات الاميركية صور الأقمار الصناعية وعملت على اعتراض الإشارات للتعويض عن النقص في quot;الاستخبارات البشريةquot; من داخل بلد اعتبر لفترة طويلة quot;مفترق طرق رئيسية في أعمالquot; التجسس.

في ليبيا، على سبيل المثال، كانت وكالة الاستخبارات المركزية قادرة على ادخال فرق سرية في غضون أسابيع منذ بداية النزاع، لإجراء اتصالات مع الجماعات المتمردة وجمع معلومات استخباراتية عن كثب.

أما في سوريا، اضطرت وكالة الاستخبارات المركزية إلى الاعتماد على شبكة من مصادر متمركزة في دمشق وطلبت المساعدة من أجهزة الاستخبارات التابعة لحلفائها العرب.

في هذا السياق، نقلت الصحيفة عن مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية قوله إن quot;هناك العديد من الدول العربية التي تمدنا بالمساعدات الاستخباراتية، ومعظمها دول ذات أغلبية سنية تعارض نظام الأسد العلوي، خصوصاً المملكة العربية السعودية وتركيا والأردنquot;.

ازدادت التحديات التي تواجهها وكالة المخابرات المركزية عندما قررت الولايات المتحدة أن تغلق سفارتها في دمشق الشهر الماضي. وكان هذا المرفق يوفّر غطاءً ديبلوماسياً لضباط وكالة الاستخبارات، ويشكّل قاعدة عمليات لجمع المعلومات الاستخبارية داخل العاصمة السورية.

حتى في مهمتها الأساسية المتمثلة في جمع المعلومات، كانت وكالة الاستخبارات الأميركية حذرة في جمع معلوماتها، وفقاً لمسؤولين وصفوا سوريا بأنها quot;عدو ذو خبرة في مكافحة التجسسquot;، مع مساعدة كبيرة من إيران.

وأشارت الـquot;واشنطن بوستquot; إلى أن الوكالة لم ترسل عناصرها لمقابلة المجموعات المعارضة في مدينة حمص قبل أن تصبح المدينة هدفاً لحملة قمع عنيفة من قبل قوات الأسد. وقال مسؤولون إنه لم يتم نشر أي طائرات استطلاع من دون طيار فوق سوريا، التي تمتلك دفاعات جوية تعتبر أكثر من قادرة على إسقاط طائرات من دون طيار.

بدلاً من ذلك، اضطرت وكالات الولايات المتحدة إلى مراقبة الأحداث - وكذلك مخزونات الأسلحة الكيميائية في سوريا ndash; من مسافات بعيدة.

ونشر سفير الولايات المتحدة لدى سوريا، روبرت فورد، من مقره في وزارة الخارجية في واشنطن، هذا الاسبوع ما وصفه بـ quot;صور سريةquot; التقطتها الأقمار الصناعية الأميركية على صفحة الفيسبوك التابعة للسفارة، للفت الانتباه إلى الطبيعة quot;غير المتناسبة للعنف الذي يمارسه نظام الأسد ضد الشعب واستعداده لمهاجمة أهداف مدنيةquot;.

وتظهر الصور وحدات المدفعية في ضواحي حمص والأضرار البالغة التي سببتها للمرافق، بما في ذلك المسجد والعيادة الطبية في حي بابا عمرو.

يوم الاربعاء، كانت مسؤولة الاغاثة في الامم المتحدة فاليري اموس، الشخصية الرسمية الأولى في الأمم المتحدة التي تدخل الحي المدمر من جراء حصار امتد لمدة أربعة أسابيع، وانتهى الاسبوع الماضي.

انضمت فاليري اموس إلى فريقالهلال الأحمر العربي السوري لدخول المنطقة، بعد أن منعت السلطات السورية دخول اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى بابا عمرو.

ووجد فريق الهلال الأحمر أن quot;الغالبية العظمى من السكان غادرت منازلها في الأيام الأخيرة للبحث عن ملجأ في المناطق المجاورةquot;، وفقاً لبيان له.
وعلى الرغم من استمرار العنف ndash; والإحباط المتنامي من تراخي الولايات المتحدة ndash; قال مسؤولون في البنتاغون إن أي تدخل عسكري يعتبر مسألة معقدة للغاية.

وقال الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، يوم الاربعاء: quot;سيستغرق الامر فترة طويلة من الوقت، إضافة الى عدد كبير من الطائراتquot;، مشيراً إلى أن الدفاعات الجوية موجودة في الجزء الغربي من سوريا المكتظ بالسكان، حيث تدور معظم أعمال العنف ضد معاقل المعارضة، الأمر الذي سوف يؤدي إلى خسائر كبيرة في صفوف المدنيين وغيرها من الأضرار الجانبية.

بهدف حماية حكمه، اعتمد الأسد على حملة قمع وحشية ضد خصومه، فضلاً عن السياسات الاقتصادية التي أثرت الأقارب وأفراد من الطائفة العلوية في صلب النظام.

ونقلت الصحيفة عن أندرو تابلر، وهو خبير في الشؤون السورية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى قوله: quot;ما يجمع هذا النظام هو المال والعلاقات الأسرية، فهؤلاء الناس يجنون الملايين من الدولارات سنوياً، والتي تستثمر بكثافة في النظام. المشكلة هي أننا لا نملك معلومات دقيقة عن العلاقات في ما بينهم، وعند أي حد يمكن أن ينكسر هذا الرابطquot;.