اختلفت وجهات نظر نساء عراقيات حول ظاهرة (الإيمو)، وإن اتفقت آراؤهن حول عدم شرعية قتل مقلديها من الشبان مهما كان السبب. وأشار بعضهن في أحاديث مع quot;إيلافquot; إلى أن ما يحدث ليس ظاهرة، بل حالة اعتيادية، نتجت من الإحباط والتهميش والعنف والبطالة، وأن الترويج الإعلامي هو الذي ضخّم المسألة.


الإعلام في العراق يبالغفي التحذير منشباب quot;الإيموquot;

عبد الجبار العتابي من بغداد: أخذ الاهتمام بظاهرة (الإيمو) يتزايد بشكل غير طبيعي في العراق، وصار الحديث عنها يتشعب ليأخذ أبعادًا مختلفة، بل إن الكلمة صارت على طرف كل لسان في أي حديث عابر أو جلسة لمجموعة من الأشخاص، وتجاوزت ذلك إلى البيوت، ليتساءل الكثيرون عنها: ما شكلها، ما لونها، ما أعراضها ومواصفاتها. وكيف هم الأشخاص الذين يسمون أنفسهم الإيمويين، حتى راح الكثيرون يتوقفون للتأمل في ما حولهم، ويشككون في ما يسمعونه وما يقرأونه، فيذهبون إلى الاعتقاد أن ما يحدث هو مجرد فعل سياسي لأهداف سياسية من بعض الجهات، التي تمارس الخداع السياسي لتحقيق مآربها، من خلال إشاعة ظواهر والإشارة إليها بالسوء للتغطية تارة، ولتعكير الأجواءتارة أخرى.

باسكال وردا، وزيرة حقوق الإنسان السابقة والناشطة في هذا المجال، قالت: quot;كنا قد نسينا أن العراق جزء من العالم، لكن الآن صار العالم يدخل إلينا ونحن ندخل إلى العالم، هذه الظاهرة موجودة في الدول الغربية من عشرات السنين، مثل باقي الظواهر الاجتماعية، التي تتوجب معالجتها بوسائل اجتماعيةquot;.

وأضافت: quot;أصبحنا نعتقد أنه لا بدّ من صنم لنا نركض وراءه، عندما ذهب الأميركيون جاء بن لادن، وعندما ذهب بن لادن جاء الإيمو، وبعد الإيمو سيجيء شيء آخر، وكأننا لا نعرف أن نعيش إلا بهذا النمط، وهذا خطأ، فهذا المجتمع سيكون في مسار التطور العالمي، الذي يأتي بالسيء والجيد، كما في كل المجتمعات، ولسنا منزهينquot;.

وتابعت: quot;أنا لا أعتقد تمامًا أن الإيمو ظاهرة سياسية أو تم الترويج لها من أجل هدف سياسي، وإن كانت هنالك شكوك، وإن كنت أعتقد أن في العراق كل شيء ممكن، لكي يشرع كل شخص بتحقيق مصالحه بيده وفكره، كل شيء متوقع، فنحن الآن في انفتاح على العالم، الذي أصبح بيتًا واحدًا، وليس قرية واحدةquot;.

وقالت: quot;أنا أقرّ بأنها ظاهرة سلبية بحد ذاتها، ولكن يجب أن تكون هناك علاجات بأسلوب إيجابي، يكون فيها همّ اجتماعي، هذه ظاهرة اجتماعية وكل ظاهرة لها حلول، وعلينا أن نجلس وننشئ لجانًا مختصة من أناس متخصصين في علم النفس وعلم الاجتماع، ونرى ما الذي يدفع هؤلاء الشباب إلى هذا، علينا أن نحل المشكلة، التي تجعل الشباب بلا أمل، ومن ثم نريد أن نقتلهم، فهل نحن خدمناهم لنقول لهم اسكتوا واذهبوا، علينا أن نجعل الشاب يشعر بأنه مواطن، ولديه كل حقوقه، حتى نمنعه بشكل اعتيادي من التوجه نحو مسارات كهذهquot;.

أما النائبة ندى الجبوري فقالت: quot;أنا لم ألاحظ شخصيًا هذه الظاهرة حتى الآن، أسمع وأقرأ عنها، ولكنني لم ألمسها في المجتمع العراقي، شاهدتها في دول أخرى.. نعم، ولكن في العراق لم أشاهد هؤلاء الأفراد، ولم ألتقِ بهم في الشارع أو في أي مكان عام أو في السوق، ولكنني شاهدتهم في لبنان، من خلال ملابسهم وشكلهم الذي يبدو مختلفًا عن بقية الشباب في الشارع، وهي ليست ظاهرة سياسية قطعًا، ولكن عندما تمر الدول بفترات نزاع وصراع مسلح وعنف، قد تخرج مجموعات كهذه، ومن غير المستبعد أن تخرج أفكار كتلك، ولكن على المجتمع أن يحتويها ويحتضنها، وأن لا يستعمل العنف ضدها، وقد تحتاج إلى برامج تأهيلية وتثقيفية إصلاحية، فهي ليست حالة غصب، فلا يمكن أن تغصب مواطنًا على أفكاره، وكما تعلم فإن الدستور قد كفل حرية الرأي والعقيدة والمعتقد، وبالتالي لا يمكن أن تفعل شيئًا في هذا الاتجاهquot;.

أما الدكتورة رغد السهيل، الأستاذة الجامعية والأديبة، فقالت: quot;أنا لا أعرف لماذا يسمونها ظاهرة، وهي حالة طبيعية لشباب يلبسون أزياء معينة وسبق للجميع في هذه المرحلة من العمر أن أدرجوا صرعات أو ارتدوا ملابس غريبة، ولكن حدث سوء فهم كبير لهؤلاء الشباب، أذكر من محيط الأقارب الشباب الصغار قولهم مثلاً: (ألا نلبس الإيمو)، وأساسًا أنا لم أكن أعرف الإيمو، إنهم يعرفونه بالأسود والأبيض، وإشارة الجمجمة من دون فهم لفكرة الإيمو، ولكن اعتبره تجنيًا كبيرًا عليهم، وقد اتهموهم تارة بعبادة الشيطان، وتارة بمصاصي الدماء وتارة بالمثلية، وهذا سوء فهم، ومطاردة هؤلاء الشباب ستترك سؤالاً عند الشباب أنفسهم: من هم عبدة الشيطان؟، فالذي لم يكن يعرف عبادة الشيطان، سيذهب ليعرف ما هي، وسوف يفهم أصولها، وسوف تظهر ظواهر اجتماعية أخطر من الإيمو، وحينذاك سنحتار في مواجهتها وتحليلهاquot;.

وأضافت: quot;وزارة الداخلية عندما أصدرت قرارًا بمطاردة هؤلاء، كان من المفترض عليها أن تستشير اختصاصيين تربويين واجتماعيين، خصوصًا في القضايا التي تخص الشباب، فالداخلية سبق أن طاردت هؤلاء، وسبق أن عممت على المدارس منع ارتداء أزياء معينة، وهذا لا يمكن أن يكون العمل به في الدولة بصورة عشوائية، فالمفروض عندما أتعامل مع شباب أن تكون عندي نظرة اجتماعية علمية نفسية، لا أن أصدر قرارًا، والبعض يطلق عليهم (آفة)، وهذا حرام ما يفعلونه بالشبابquot;.

وقالت رشا محمد، من رابطة المرأة العراقية: quot;بالتأكيد لهذه الظاهرة آثار سلبية على المجتمع، لكنّ هناك آثارًا إيجابية أيضًا، ومن المفروض أن نطالب أعضاء مجلس النواب أن يحاولوا توعية الشباب وتثقيفهم حول خطورة هذه الظاهرة، التي تمت إشاعتها في وسائل الإعلام، والتي بدت مخيفة للفرد العراقي، وأصبح كل شاب يخاف أن يرتدي من ألوان وأشكال، والبنات كذلك، حدث عندهن خوف، ولا يعرفن كيف يتصرفن، وفي رأيي إن السلوكيات غير الجيدة والتقليعات المثيرة غير لائقة بمجتمع مثل مجتمعنا وفي هذا الوقت، وأعتقد أنه من المحتمل أن تكون هذه التقليعات هي بسبب الإحباط الذي يعانيه الشباب والتهميش والعنف، فضلاً عن قلة التعيينات وعدم وجود فرص عمل، فلا يجد الشاب إلا أن يملأ فراغه بتقليد ما لدى الآخرين من ظواهر غريبة، وليس هنالك من تأكيد على أن هناك أغراضًا سياسية، ربما، خاصة أن الأزمات كثيرة في بلادناquot;.

أما نقية إسكندر، الناشطة في مجال المجتمع المدني، فقالت: quot;ظاهرة الإيمو ربما تكون موجودة في المجتمع العراقي، ولكن بالتأكيد ليست بالكثرة والضجة التي تم اختلاقها، وأنا أعتقد أن وراء الترويج لها هدفاً سياسياً، فأنا شخصيًا لم أشاهد هؤلاء الشباب، ولم يثرني لباسهم وشكلهم، لذلك قد يتبادر إلى الذهن أن وراء الأمر أيادي سياسية، وبتقديري الخاص أن كل الذي شاهدته هو أن هناك نشاطات للطلبة وللشباب، وأن هناك وعيًا أكثر من السابق، لذلك ومن أجل تحجيمهم، تم الترويج لحالة الإيمو أو غيرها، نحن نرفض الإساءة إلى الآداب العامة، ونرفض الإساءة إلى أعرافنا، فنحن بلد محافظ، ولكن علينا أن ندرس من أين جاءت، وما أسبابها، لكي نعالجها بشكل منطقي ومعقول، ومن ثم نستطيع أن نتخذ القرار الصائب. أما القتل فمحرّم ومحرّم ومحرّم.quot;