مع تفشي ظاهرة الجريمة في مصر، التي تعاني تحولات مقلقة، يشعر سكان العاصمة بالخوف والتهديد، ويتوقون إلى الدولة البوليسية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، عندما كانت الشوارع آمنة، على الرغم من الفساد.


جرائم السطو والسرقة انتشرت بشكل غير مسبوق في مصر بعد الثورة

لميس فرحات: يقلق سائقو سيارات الأجرة في القاهرة من سرقة السيارات، وتخشى العائلات الثرية عمليات الخطف للحصول على فدية. كما إن عمليات السطو المصرفية انتشرت بشكل غير مسبوق، إضافة إلى حوادث إطلاق النار، من ضمنها مهاجمة أحد مرشحي الرئاسة وسرقته على الطريق الصحراوي.

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; أن المصريين أصبحوا يفضّلون البقاء في منازلهم ليلاً خوفاً من الجرائم، ويتوق البعض من سكان العاصمة، التي تضم 11 مليون نسمة، إلى الأيام التي كان فيها إرتكاب جريمة في الشارع المصري لا يحصل إلا نادراً، وذلك في ظل الدولة البوليسية الفاسدة، إنما المستقرّة، خلال حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك.

ونقلت الصحيفة عن سعاد محمد (49 عامًا) قولها إنها تقفل باب منزلها في شارع المقطم بقفل مزدوج، وتستخدم وسائل النقل العامة، ولا تخرج ليلاً على الإطلاق. لكنها اضطرت ذات ليلة للخروج مع ولدها (12 عاماً) واستقلا سيارة أجرة. وقال لها السائق، الذي تظهر ندبة على وجهه، إنه بحاجة إلى اتخاذ مسار مختلف بسبب حركة المرور.

اتخذ السائق طريقاً لا تعرفه لأكثر من ساعتين، وكانت تشعر بالذعر، لأن طفلها كان يجلس في المقعد الأمامي إلى جانب السائق، وهي تجلس في المقعد الخلفي، حتى توقف. وسألته quot;هل تعطلت السيارة؟quot;، فسحب سكيناً كبيرًا من مقعده، ووضعه على رقبة ابنها. وصاح في وجهها طالباً منها أن تسلمه كل ما تحمله من مال ومجوهرات.

أعطت سعاد السائق خاتم زواجها وخاتم آخر مع خمس أساور ذهبية، ومبلغ 1200 جنيه مصري، أي نحو 200 دولار، كانت في جيبها. وما إن حصل على المال، أمرها السائق بالترجّل من السيارة. وأضاف quot;إذا صرختي سأغرز هذا السكين في معدتك حتى يخرج من ظهركquot;، ثم دفع ابنها من السيارة على طريق مهجور بالقرب من سجن طرّه، وانطلق.

تشهد القاهرة ما يكفي من القصص لتعزيز هذا الشعور بالخوف والخطر. وكتب هيو نيكول، وهو صحافي في جريدة quot;غازيتquot;، عن الجرائم في مصر في عموده quot;الجرم المشهودquot;. وأشار إلى أنه منذ فصل الشتاء الماضي، رأى زيادة كبيرة في عمليات الخطف وسرقة السيارات المسلحة.

تلقي السلطات باللوم على ارتفاع عدد الأسلحة المهرّبة عبر الحدود مع ليبيا، والسجناء المفرج عنهم خلال الانتفاضة، والشرطة التي لا تزال خجولة بسبب اختفائها بكامل طاقتها من الشوارع لمدة ثلاثة أيام في تمرد خلال العام الماضي.

لكن منتقدي الحكومة يتساءلون لماذا لم تعد الشرطة، التي كانت تستخدم على نطاق واسع في ظل مبارك كأداة من أدوات القمع، إلى حماية البلاد. كما يتساءلون: هل السلطات غير قادرة أو غير راغبة في حماية الناس وضمان الأمن والاستقرار في العاصمة؟.

ونقلت الـ quot;واشنطن بوستquot; عن فاديا أبو شهبة، باحثة جنائية في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، قولها إن quot;ما يحدث ليس مجرد خروج عن القانون. إنه الانعدام التام للأمن. كان هناك غضب من هذا القبيل تجاه الشرطة من الناس، لأنها كانت تهاجم الناس وتضربهم، لكننا اليوم بحاجة إلى الأمن، الذي نعتبره واحداً من أثمن حقوقناquot;.

في حي الزمالك الراقي، الذي تصطف على جانبيه الأشجار وحول منازل الدبلوماسيين والسفارات، تنام هناء أحمد هاشم (28 عاماً) وبجانبها مسدساً.

قبل أسبوعين، تعلمت كيفية استخدام المسدس، جنباً إلى جنب مع غيرها ممن كانوا في الآونة الأخيرة ضحايا الجريمة. تقول هناء إنها تعلمت استخدام السلاح، بعدما اقتحم رجل شقتها، وأوثقها مع ولديها، إلى جانب زوجها ووالدته المشلولة، ثم سرق الأشياء الثمينة في منزلها من الذهب والأموال، ولاذ بالفرار.

الآن، تقول هناء إنها لم تعد تفتح باب منزلها للغرباء، وتقوم بإقفال باب شقتها بثلاثة أقفال. وأصبحت تشعر بالخوف من الخروج من المنزل بعد الساعة الخامسة مساء، ولا تشعر بالأمان عندما تكون في البيت وحدها.

quot;السرقة أصبحت أمراً عادياً، والاغتصاب صار طبيعياً. ليس هناك أمان على الإطلاق، والشرطة خائفة. أريد من الشرطة أن تسيطر على البلاد مرة أخرىquot;، تقول هناء مضيفة: quot;مبارك سرقنا ونهب بلدنا وشعبنا، لكننا لم نر مثل هذه الجرائم في عهدهquot;.