ما زال النظام السوري يحظى بدعم بعض المواطنين الأتراك، وبخاصة أفراد الأقلية العلوية.


رغم تسبب الحملة القمعية العنيفة التي يمارسها النظام السوري منذ قرابة العام الآن مع المتظاهرين المطالبين برحيل الرئيس بشار الأسد في تدهور العلاقات بصورة حادة مع الجارة تركيا، إلا أن النظام في سوريا ما زال يحظي بدعم بعض المواطنين الأتراك، وبخاصة أفراد الأقلية العلوية، تلك الطائفة التي تنتمي إليها أيضاً عائلة الأسد الحاكمة. وهو ما أسفر عن تكون ولاءات معقدة بين بعض الأتراك، خاصة بين هؤلاء المقيمين بطول الحدود في محافظة هاتاي جنوب شرق تركيا.

وبينما اتضح أن الموقف الحاد الذي سبق وأن أعلن من خلاله رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن موقف بلاده من حليفها السابق، الرئيس بشار الأسد، نتيجة لتزايد أعداد القتلى في سوريا، هو الموقف السائد بين كثيرين في تركيا، تبين أيضاً أن هناك البعض من المواطنين الأتراك الذين مازالوا يدعمون الأسد.

ولفتت تقارير صحافية في هذا السياق إلى التظاهرة الضخمة التي شهدتها محافظة هاتاي الشهر الماضي لدعم الرئيس الأسد، والتي ردد خلالها المشاركون شعارات من بينها quot;الله، سوريا، بشار، هذا كل شيءquot;. وهو ما أبرز حقيقة التناقض العميق الحاصل بين الأقلية العلوية في تركيا بشأن الضغوط الدولية للإطاحة برفيقهم العلوي الأسد.

ورغم أن الحكومة التركية لا تحتفظ بأرقام رسمية للعلويين الذين يعيشون هناك، فإن تقديرات تشير إلى أنهم يشكلون نسبة صغيرة من السكان في تلك الدولة التي تقطنها أغلبية سنية. وأورد موقع quot;إن بي آرquot; الإلكتروني في هذا الصدد عن صاحب مقهى يدعي زينال أورلو، وهو سني من أنطاكيا ( العاصمة الإدارية لمحافظة هاتاي )، قوله quot;يعلم العلويون الأتراك أن الأسد يحمي العلويين السوريين، وهو الأمر الذي لا يفعله القادة الأتراك على الدوام.

ومع تزايد حدة العنف، يصعب تبرير هذا الدعم. ونشعر الآن أن التوترات بدأت تتصاعد. فالعلويون هنا يدعمون نظام الأسد دون شروط، وقد تظاهروا كذلك من أجله. وهم ينظرون إلى تطورات الأحداث بصورة أساسية من منظور هويتهم الطائفية ليس أكثر أو أقلquot;.

فيما ذهب المحلل السياسي سيم دوغان، الأستاذ بجامعة مصطفى كمال في أنطاكيا، إلى القول إن العدد الكبير نسبياً للعلويين في هاتاي يزيد من مخاوف اندلاع صراع طائفي. وتابع دوغان حديثه بالقول :quot; يرتبط الناس الذين يعيشون هنا بشكل كبير بالعلويين في سوريا. وهناك روابط صداقة وتاريخ. وبينما حولت محافظة هاتاي وجهها بشكل كبير صوب سوريا، فإنها قد بدأت تخلق مشكلات على الصعيد العاطفيquot;.

وتابع الموقع بلفته إلى أن تاريخ هاتاي المعقد يرتبط بشكل كبير بحدة المشاعر الخاصة بسوريا في المنطقة، وكذلك التقطع الذي اتسمت به شكل العلاقة بين سوريا وتركيا على مدار العقود الماضية. وعاود أورلو، صاحب المقهى، ليقول quot;تركيز العلويين على حقوق الأقلية أمر مفهوم، لكن ذلك لا يساعد السوريين على مواجه سفك الدماء المروع إذا تعامل الجميع بنظرة إستراتيجية، وليست إنسانية، مع الانتفاضةquot;.

ومضى الموقع ينقل عن شاب يدعي تامر فايزو، 19 عاماً، قوله إن أفراد أسرته موجودون على كلا جانبي الحدود، وأن هذا ليس بموقف استثنائي في هاتاي. وأضاف :quot; لم أر كثير من الأسلحة التي يتم تمريرها عبر الحدود بعد، ليس أكثر من بضعة بنادق قليلة في كل مرة. لكن إن كان هناك من أحد يرغب في تهريب أسلحة للجيش السوري الحر، فأنا مستعد للمساعدة وتقديم يد العون في أمر كهذاquot;.

كما تسبب هذا المشهد الغامض بهاتاي في ظهور عدد كبير من الشائعات التي تتحدث عن وجود جواسيس محليين يساعدون المخابرات السورية، ويعينوها على تتبع قادة الجيش السوري الحر وغيرهم من الرجال المطلوبين، ما جعل الموقع يقول إن هذا العامل من بين عوامل أخرى يعمل على تكثيف التوترات في المحافظة الحدودية.