الدعوات لوقف عمليات القتل في سوريا تتواصل دون جدوى

يرى مراقبون ان انقسام المعارضة السورية يطيل عمر نظام الرئيس بشار الأسد، ويضعف هذا الانقسام من قدرة المعارضة على تحقيق أهدافها.


دمشق:تثير حادثة التراشق بالبيض والعراك بين عدد من المعارضين السوريين أمام الجامعة العربية، جملة من الأسئلة حول quot;وحدةquot; المعارضة، وقدرتها على إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، الذي يواجه أكبر احتجاجات مناهضة له منذ توليه السلطة قبل 11 عاماً.
وبدا أن هناك انقسامات تشق صفوف المعارضة السورية، بعد قيام عدد ممن ينتمون إلى تيار quot;معارضة الخارجquot;، بالتجمع أمام مبنى جامعة الدول العربية في القاهرة الأربعاء، ومنعوا وفداً يمثّل quot;معارضة الداخلquot;، من دخول المبنى، كما اتهموا بعض أعضاء الوفد بـquot;خيانة دماء الشعب السوري، والعمالة للنظام.quot;

وفي أعقاب الحادثة، أصدر تيار quot;بناء الدولة السوريةquot;، المشارك في وفد المعارضة، بياناً تلقت CNN بالعربية نسخة منه، أدان فيه سلوك quot;بعض مناصري المجلس الوطني، تجاه وفد هيئة التنسيق الوطني، عند دخولهم مبنى الجامعة العربية.quot;
وأكد البيان حدوث خلافات بين أقطاب المعارضة عشية الاجتماع مع الأمين العام للجامعة العربية، داعياً الشباب السوري إلى تشكيل تيارات سياسية جديدة، كفيلة لتكون بديلاً عن النظام الحاكم والقوى السياسية التقليدية.

ويرى بعض المراقبين أن المعارضة السورية quot;متعددة الانتماءات والمصالحquot;، فشلت حتى الآن في تشكيل ائتلاف موحد ليكون بديلاً عن quot;نظام قمعيquot;، مازال متماسكاً حتى الآن.
وذكرت كاتبة سورية، طلبت عدم تذكر اسمها، أن تشتت المعارضة وعدم قدرتها على التوحد، هو نتيجة طبيعية لخمسة عقود من احتكار العمل السياسي في البلاد.

وأضافت لـCNN بالعربية: quot;في سوريا اليوم كل شيء يولد من جديد، وما نراه من تخبط هو مخاض عظيم لمحيط مصاب بالتبلد المزمن، جراء القمع والإقصاء والتهميش لعقود طويلة.quot;
كما أكدت أن سوريا لا تحوي معارضة على شكل كيانات سياسية، وquot;إنما بقايا أحزاب ممثلة بأشخاص، وأيضاً شخصيات معارضة، وجميعها محكومة برؤى شخصية، تتناقض حيناً وتتلاقى حيناً، والدعوة إلى توحيدها جاء من الشعور بخطر استمرار الفراغ السياسي.quot;

وتابعت بقولها: quot;ثمة صعوبة في بناء كيانات سياسية معارضة في مثل هذه الظروف، وفي ظل القمع والدعاية السياسية المضادة، التي أفلحت في تهشيم المعارضة، ومحاولة حرق رموزها في الشارع.quot;
ورغم أن quot;المجلس الوطني السوريquot;، الذي يضم أغلب أطياف المعارضة السورية، لقي ترحيباً كبيراً في سوريا، كما اعترفت به بعض الدول بوصفه quot;ممثلاً شرعياًquot; للشعب السوري، فقد اعتبر عدد من المعارضين السوريين أن المجلس لا يمثلهم، بوصفه quot;ذو لون واحدquot;، ويتلقى دعماً من الخارج.

ووصف عبد الحليم خدام، نائب الرئيس السوري السابق، البيان الذي صدر عن المجلس الوطني، بأنه quot;لا يعبر عن واقع الشعب السوري، ولا المعارضة بأكملهاquot;، مشيراً إلى أنه quot;لا يحق لأحد مهما كان أن يمثل الشعب السوري إلا من خلال انتخابات ديمقراطية.quot;
أما الناشط هيثم مناع فقد أكد أن المجلس quot;يمثل مجموعة من القوى والأطراف السورية معظمها في الخارج، وهو ذو لون إيديولوجي محدد، هو اللون الإسلاميquot;، معتبراً أن ذلك لا يتناسب مع حقيقة مكونات المجتمع السوري السياسية.

وأضاف مناع في تصريحات صحفية: quot;ليس هناك أي بعد ديمقراطي في عملية انتخاب وتكوين المجلس الوطنيquot;، مشيراً إلى أنه يضم أطرافاً متناقضة quot;بعضها يريد التدخل العسكري الأجنبي الفوري، وبعضها يدعو للتأجيل، وآخر يرفض ذلك كلياً.quot;
إلى ذلك، انتقد الكاتب والناشط السوري غسان المفلح المعارضة السورية في الخارج، واصفاً إياها بـquot;المنغمسة بالمال السياسي والصورة الإعلامية الزائفة، والناس في الدخل تقتل بطريقة همجية على يد أجهزة القمع.quot;

إلا أنه استدرك بقوله: quot;هذه المعارضة على كل ما فيها من تشققات، لم تُعطَ فرصة لكي تكون بديلاً لهذا السوء، لأن أسوأ من هذا النظام لن يأتي.. لذلك نقد المعارضة هنا لا يأتي ضمن أجندة تريد خلط الحابل بالنابل، من أجل القول في النهاية أنه لا بديل لهذه الثلة من المجرمين الذين يحكمون سوريا.quot;
وأضاف لـCNN بالعربية قائلاً: quot;المعارضة السورية كأي معارضة لديها تيارات وأيديولوجيات ومصالح حزبية وفردية، وفي النهاية ليس مطلوب منها أن تكون موحدة فقط، بل يجب أن يكون لها مقدرة على التعددية، وأن تواكب حركة الشارع التي باتت تعي نفسها منذ اللحظات الأولى للثورة.quot;

يُذكر أن نظام الأسد يواجه حركة احتجاج غير مسبوقة منذ منتصف مارس/ آذار الماضي، أسفرت عن سقوط أكثر من 3500 قتيل، بحسب أحدث تقديرات الأمم المتحدة.