قال مسؤولون أميركيون إن تدريبات الحرب السرية التي أجرتها القوات الأميركية هذا الشهر لتقويم التداعيات التي قد تنجم عن قيام إسرائيل بمهاجمة إيران تنبأت بأن الهجوم سوف يقود إلى حرب إقليمية أوسع في النطاق، وأنها من الممكن أن تجذب الولايات المتحدة وتخلف وراءها المئات من القتلى في صفوف القوات الأميركية المشاركة.


الجنرال جيمس ماتيس

أشرف أبوجلالة من القاهرة: أضاف المسؤولون أن تلك التدريبات التي يطلق عليها لعبة الحرب (وهي محاكاة للحرب الفعلية) لم يتم تصميمها باعتبارها بروفة للعمليات العسكرية الأميركية، مؤكدين أن نتائج التدريبات لم تكن النتيجة المحتملة الوحيدة لصراع حقيقي على أرض الواقع.

غير أن تلك اللعبة أثارت مخاوف بين كبار مسؤولي الجيش الأميركي من أنه قد يكون من المستحيل منع التدخل الأميركي في أي مواجهة متصاعدة مع إيران، على حسب ما ذكره المسؤولون في هذا السياق.

وفي خضمّ النقاش المثار بين صانعي القرار بشأن تداعيات الهجوم الإسرائيلي، فإن ردّ الفعل هذا قد يعطي صوتاً قوياً لمسؤولي البيت الأبيض والبنتاغون والوكالات الاستخباراتية، الذين سبق لهم أن حذروا من أن إقدام إسرائيل على خطوة كهذه، قد تكون محفوفة بالمخاطر بالنسبة إلى الولايات المتحدة.

في هذا الصدد، ذكرت اليوم صحيفة quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية أن النتائج التي تمخضت عن تلك التدريبات الأميركية الأخيرة كانت مثيرة للقلق على نحو خاص بالنسبة إلى الجنرال جيمس ماتيس، الذي يقود كل القوات الأميركية في الشرق الأوسط والخليج وجنوب غرب آسيا، بحسب ما نقلته عن مسؤولين شاركوا في تدريبات القيادة الوسطى، أو اطلعوا على النتائج، ورفضوا الكشف عن هوايتهم بسبب سرية الموضوع.

وتابع المسؤولون حديثهم بالقول إنه حين اختتمت التدريبات في وقت سابق من الشهر الجاري، أخبر الجنرال ماتيس مساعديه أن أول هجوم إسرائيلي من المحتمل أن يحظى بتداعيات خطرة في كل أنحاء المنطقة، وبالنسبة إلى القوات الأميركية المتواجدة هناك.

رسمت تلك التدريبات، التي أطلق عليها quot;النظرة الداخليةquot;، سيناريو، وجدت فيه الولايات المتحدة نفسها متورطة في الصراع، بعد أن تضرب الصواريخ الإيرانية سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية في الخليج، وينتج من ذلك مقتل ما يقرب من 200 أميركي، طبقاً لما أوردته الصحيفة الأميركية عن مسؤولين على دراية بالتدريبات.

ولفتت تقديرات إلى أن الهجوم الإسرائيلي المحتمل سوف يعيد البرنامج النووي الإيراني عامًا تقريباً إلى الوراء، وأن الهجمات الأميركية المتتالية لن تبطئ البرنامج النووي الإيراني لأكثر من عامين إضافيين. مع هذا، أشار مسؤولون آخرون في البنتاغون إلى أن الترسانة التي تمتلكها أميركا من القاذفات بعيدة المدى، وطائرات إعادة تزويد الوقود، والصواريخ الدقيقة، من الممكن أن تلحق مزيداً من الأضرار بالبرنامج النووي الإيراني ndash; إذا قرر باراك أوباما الرد بعملية واسعة النطاق.

وعاودت الصحيفة تقول إن التدريبات صُمِّمَت خصيصاً لاختبار الاتصالات العسكرية الداخلية والتنسيق بين مسؤولي إدارة المعارك في البنتاغون، وحيث يوجد مقر القيادة الوسطى، وفي منطقة الخليج، في أعقاب شنّ هجوم إسرائيلي. غير أن التدريبات قد صيغت لتقويم موقف مُلِح من المحتمل حدوثه على أرض الواقع. وقد جاءت تلك التدريبات أيضاً لتؤكد لمسؤولي الجيش الطبيعة، التي لا يمكن التنبؤ بها، ولا إخضاعها للسيطرة على ذلك الهجوم المحتمل من جانب إسرائيل، والهجوم المضاد من جانب إيران.

وفي الوقت الذي يقول فيه المسؤولون الإسرائيليون علانيةً إن مساعي منع إيران من امتلاك قنبلة نووية تقترب من نهايتها، ينظر المسؤولون الأميركيون إلى الهجوم الإسرائيلي على إيران خلال العام المقبل على أنه احتمالية. وبموجب التدريبات التي أجرتها أميركا أخيرًا، فقد أوضح مسؤولون أن إيران تعتقد أن إسرائيل والولايات المتحدة شركاء في أي هجوم قد يستهدف مواقعها النووية وأنها تعتبر، وفقاً لذلك، القوات العسكرية الأميركية المتواجدة في منطقة الخليج متورطة في الهجوم.

وتنبأ كثير من الخبراء بأن تحاول إيران إحكام سيطرتها بعناية على التصعيد بعد شنّ إسرائيل هجومها الأول، لتجنب منح الولايات المتحدة الذريعة في مهاجمتها بقواتها الأكثر تفوقاً. وقال بعض المتخصصين في الشأن العسكري في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل ممن قوّموا التداعيات المحتملة للهجوم الإسرائيلي إنهم يعتقدون أن آخر شيء ترغبه إيران هو نشوب حرب على نطاق واسع فوق أراضيها. وهو ما جعلهم يؤكدون أن إيران لن تضرب بشكل مباشر الأهداف العسكرية الأميركية، سواء تمثلت تلك الأهداف في سفن حربية داخل الخليج أو قواعد عسكرية في المنطقة.