هدّد quot;تكتل الجزائر الخضراءquot; (تحالف الإسلاميين) بمقاطعة تشريعيات العاشر آيار/مايو القادم بالانسحاب من سباق تشريعيات العاشر آيار/مايو القادم، ويؤكد quot;أبو جرة سلطانيquot;، رئيس حركة مجتمع السلم (إخوان)، أحد أضلاع التكتل المذكور، على أنّ ثبوت إرادة التزوير سيدفع حركات السلم، الإصلاح والنهضة، إلى ترسيم انسحابها للرأي العام.

قادة التكتل الإسلامي quot;الجزائر الخضراءquot;

الجزائر: في تصريحات خصّ بها (إيلاف)، شدّد السياسي الجزائريّ أبو جرة سلطاني على أنه في حالة ممارسة التزوير بأدلّة قطعية، فإن الواجب يفرض على كل حرّ إعلان مقاطعته للعملية حتى quot;لا نكون شهود زورquot;، على حد تعبيره، معتبراً التزوير خيانة للشعب واستخفافاً بإرادته.

وبعد ساعات عن تلويح تكتل الجزائر الخضراء بالمقاطعة، أبرز سلطاني نية الائتلاف الإسلامي الناشئ في السابع من الشهر الجاري، الذهاب بعيداً في الاتجاه إياه. وفي هذا الشأن، يعتبر خليفة الراحل quot;محفوظ نحناحquot; أنّه صار من واجبات الظرف الحالي quot;ردّ الكلمة للشعب وحماية إرادتهquot;، والعجز عن تأمين هذه الإرادة، سيدفع الحلفاء الإسلاميين إلى الانسحاب quot;إبراء للذمة أمام شعب حرّ يطالب بانتخابات شفافة ونظيفة وبمعايير دوليةquot; مثلما قال.

عن مؤشرات تزوير مسبق، يشير سلطاني إلى محاولات تسجيل جماعي في اللوائح الانتخابية بعد نهاية الآجال القانونية، وتطلع تكتل الجزائر الخضراء لغلق الطريق منذ البداية أمام كل محاولة من شأنها الخدش في مصداقية النتائج، لذا دعا سلطاني وحليفاه quot;حملاوي عكوشيquot; وquot;فاتح ربيعيquot; إلى إبعاد المؤسسة العسكرية عن الخصومات السياسية وجعل القانون فوق الجميع.

إزاء قدرة خطوة كهذه على نسف اقتراع الربيع المقبل، واستنساخ سيناريو انسحاب ستة مترشحين في آخر لحظة من سباق رئاسيات 1999، يرفض سلطاني استباق الأحداث، منوهاً بحرص كل الأطراف على الذهاب إلى انتخابات نزيهة، لا سيما مع التحذيرات من عواقب التزوير، في وقت شكّلت بعض الأحزاب الجزائرية جبهة وطنية ضد التزوير، فيما أبدى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عزم بلاده على الذهاب إلى انتخابات نظيفة.

المثير هو إقرار وزير الدولة السابق بحدوث تزوير في الماضي، إذ يقول في هذا الصدد:quot; هي ممارسات ربما كانت مبررة بحالة الطوارئ وبظروف المأساة الوطنية وأولوية حقن الدماء والمحافظة على الوحدة الوطنية، وحماية الإسلام من التشويه... الخ، كل ذلك أدى في الماضي إلى دفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغرquot;.

محللون: quot;سيناريو المقاطعة محض مزايدةquot;

يتصور محللون تحدثوا إلى (إيلاف) أنّ خروج تكتل الجزائر الخضراء ليس لهأثر كبير، بعد النزيف الحاد الذي نال من الأحزاب الثلاثة التي تخوض معركتها ما قبل الأخيرة، في مواجهة ما تبقى من أنصارها، على نقيض الحزب الإسلامي quot;العدالة والتنميةquot; الناشئ حديثاً، المؤهل لنيل حصة معتبرة في البرلمان المقبل.

يصف quot;جمال زروقquot;، محلل الشأن السياسي الجزائري، خروج التكتل الإسلامي بـquot;المزايدةquot;، ظناً من هذه الفئة الإسلامية أنّ مدّ الربيع العربي يهبّ لصالحها، واعتقاد من يقفون وراءها أيضاً أنّ الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة ستهبّ لـquot;نجدتهمquot;، وذاك مسار مغلوط برأي زروق.

يؤيد quot;محمد بغدادquot; نظرة زروق، مشيراً إلى أنّ حركات السلم، النهضة والإصلاح، quot;اضطرتquot; بحسبه إلى بناء ما يسمى quot;تكتل الجزائر الخضراءquot;، وهي تعاني كلها من أزمات تهدد إما بتلاشيها وفي أحسن الأحوال خروجها من المشهد السياسي، لذا هي تسعى إلى اصطناع ضجيج وتقديم نفسها كـquot;ضحيةquot;.

وعليه، فإنّ التلويح بالمقاطعة هو quot;نداء استغاثةquot; بمنظور بغداد وزروق، والهدف برأيهما حصول مكونات التكتل على تأشيرة البقاء في الساحة، هي كذلك دعوة موجهة أساساً إلى السلطة لتذكيرها بأنها قدمت لها ذات أيام الكثير من الخدمات، وقد حان الوقت لتعيد السلطة بعض هذا الجميل، وأنه من غير المعقول أن تتنكر السلطة بهذه السرعة لمن خدموها لسنوات.

يُبعد بغداد احتمال تكرار نماذج التزوير التي عرفتها الانتخابات السابقة في الجزائر، كون الظروف الدولية والإقليمية غير مساعدة على تلك الأنماط، ولكن ذلك لا يعني أنّ أساليب أخرى من التزوير قد يتم تنفيذها، وهو الأمر الذي تتخوف منه عديد الأطراف السياسية، لأنّ هدف السلطة في هذه الانتخابات، هو إيصال رسالة إلى الأطراف الدولية، مضمونها: نسبة مشاركة مرتفعة ومقنعة في الوقت ذاته، وتمثيل نسوي معتبر في البرلمان المقبل.

يستبعد محدثانا أن ينفذ عرابو تكتل الجزائر الخضراء وعيدهم بالانسحاب، وإن حصل فإنه سيكون بمثابة تبرير للفشل المتوقع حصده في الانتخابات المقبلة بحكم مبررات عديدة.

في هذا السياق، يلاحظ بغداد أنّ سلطاني يجد نفسه اليوم محاصراً من كل الجهات، فالذين طردهم من صفوفه قبل أن يتمردوا عليه، قد عادوا اليوم بتنظيم قانوني (جبهة التغيير)، وتواجد شعبي يُنتظر أن تكون لهم حصة من الغنيمة الانتخابية، وبالذات عندما تمكنوا من ترويج مساندة جناح من قواعد quot;جبهة الإنقاذ المحظورةquot;، وهم يتوعدون سلطاني بإحالته إلى التقاعد وإزاحته من الساحة، ومحو كل آثاره من خلال انتقام شرس لا يبقي ولا يذر من حركته المتآكلة، خاصة وأنه تمكن من ارتكاب الخطأ الذي لا يغتفر، بانسحابه من التحالف الرئاسي، ما جعله لقمة سائغة بين أيدي خصومه الشرسين، الذين انتظروا هذه الفرصة منذ سنين.

يركّز بغداد وزروق على أنّ سلطاني لم يفلح في شيء كما أفلح في كسب جيوش من الخصوم والأعداء، منذ توليه رئاسة الحزب، بداية من السلطة التي كما يقول خصومه أخذته لحماً ورمته رميماً، ونهاية بمعاركه الخاسرة التي لا حصر لها، والتي جنى من ورائها مآسي وهزائم نكراء.

أما حركة الإصلاح الوطني تماماً مثل حركة النهضة المنعوتة بـquot;الحلقة الأضعفquot;، فحالهما بنظر بغداد وزروق أقرب إلى (التعاسة السياسية) على حد وصفهما، بعدما أوصلتهما (لعنة) قائدهما السابق quot;عبد الله جاب اللهquot; إلى الاقتتال بالخناجر زيادة على التشرذم والانشقاق، في صورة quot;جمال بن عبد السلامquot; الذي خرج بحزب جديد، بإمكانه إضافة المزيد من الضعف لجسديهما المريضين.