لاجئون سوريون في بلدة عرسال اللبنانية

يقول العديد من اللاجئين السوريين في لبنان الذين فروا من أعمال العنف في بلادهم إن الحملة الحكومية أصبحت أكثر شمولية وطائفية مما كان يتصوره الجميع، مشيرين إلى أن القصف يصل إلى مناطق وقرى نائية لا تعتبر معاقلاً للمعارضة ولا وجود لمسلحين فيها.


يروي اللاجئون السوريون في لبنان الذين فروا من بلدة quot;القصيرquot; والقرى المجاورة في محافظة حمص، شهادات وصفوها بأنها quot;نادرةquot; بشأن الإضطرابات غرب سوريا، مع تصعيد القصف الحكومي لتلك المناطق.

وقال اللاجئون في شهادات نقلتها صحيفة الـ quot; نيويورك تايمزquot; إن الحكومة أدركت على ما يبدو أنها عندما تدحر الثوار من معاقلهم مثل بابا عمرو في حمص، فإن مقاتلي المعارضة والمحتجين يعيدون تجميع أنفسهم في مناطق أخرى ذات ثقل سني.

ونتيجة لذلك، يعتقدون بأن الحكومة لا تستهدف المدن الكبيرة التي تشهد تظاهرات ومعارضة شرسة، بل أيضاً البلدات والقرى التي لم يكن ينظر إليها على أنها مركز للثورة الشعبية التي دخلت عامها الثاني.

ويرسم اللاجئون صورة قاتمة للوضع في غرب سوريا تفوق ما قيل في السابق عن حصار للمنطقة وامتداد الاحتجاجات فيها.

ويقول العسكري السابق أبو منذر (59 عاماً) من قرية المزاريا، إن quot;الجيش يسعى إلى تشريد الناس لإبعادهم عن المشاركة في الاحتجاجاتquot;، مضيفاً: quot;إذا قتل الناس أو شردوا، فلن يكون هناك من يحتجquot;.
اضطر أبو منذر إلى الفرار من بلدته إلى لبنان المجاور، وتحديداً البقاع الذي يضم نحو ستة آلاف لاجئ، وفقاً للتقديرات الأممية.

ويقول اللاجئون في البقاع إنهم يشعرون بالخطر والتهديد، لأنهم ينتمون إلى الطائفة السنية. وأكد البعض منهم أنهم رأوا الجيش وهو يقدم البنادق للمواطنين في القرى العلوية المجاورة، حتى يطلقوا النار عليهم من أجل إرغامهم على الفرار من منازلهم. واشارت الصحيفة إلى أن هذه الأنباء وردت في تقارير ناشطين من الداخل تم التواصل معهم عبر الهاتف والرسائل البريدية، تتحدث عن النزوح على أساس طائفي.

ويؤكد اللاجئون أن الحكومة صعّدت حملتها حتى في قرى غير معروفة وبعيدة مثل القصير، فأغلقت المدارس والمتاجر واستمر القصف، وبات الناس يخشون الخروج بسبب القذائف والقناصة. ويعتقدون أن سكان أربع قرى (ربلة وزهرة وجوسيه والمزاريا) قد فروا إلى دول أخرى أو مناطق أخرى داخل البلاد.

من جهتها، تقول أم ناصر (34 عاماً) إن 15 من عائلتها في قرية جوسيه تعرضوا قبل أسبوعين لقصف القوات الحكومية من قبل جيرانهم العلويين عندما حاولوا مغادرة منزلهم. أما والدتها أم خالد (65 عاماً) فتقول إنها شاهدت مطلع أكتوبر/ تشرين الأول القوات الحكومية تضع البنادق على الأرض ومن ثم توزعها على المواطنين العلويين.

ولم تستطع أم ناصر أن تفسر ذلك، لكنها أكدت أن العديد من قرية جوسيه تعرضوا الشهر الفائت لإطلاق نار من قبل جيرانهم في القرية المجاورة حسبة، وقالت: quot;نحن نعرفهم، فقد كنا معهم نعيش جنباً إلى جنب يوماً ماquot;.

ويشير اللاجئون إلى أن العديد من السوريين يخشون العبور إلى لبنان حيث يعتقدون أن الجيش يقف إلى جانب النظام السوري، لذلك يفضلون الانتقال إلى مناطق أخرى في سوريا. وأقرت منظمة الصليب الأحمر هذا الشهر بوجود نحو 200 ألف نازح داخل البلاد.

وعلى الرغم من أنه من الصعب التأكد من مدى صحة أقوال اللاجئين، إلا أن الصحيفة أشارت إلى أن شهاداتهم عن قصف المدنيين تتطابق مع تقرير هيومن رايتس ووتش الذي صدر في الأسبوع الماضي، استناداً الى مقابلات مع 17 لاجئاً من بلدة القصير.

وأشار التقرير إلى أن عدد القتلى والجرحى المدنيين هائل بسبب قصف الأحياء السكنية والمزارع وإطلاق الرصاص الحي على الناس الذين يحاولون الفرار .

وإضافة إلى حملة القمع الدموية التي يشنها النظام السوري على المعارضين، يقلق اللاجئون في بلدة القاع اللبنانية من عامل آخر يهدد حياة السوريين، وهو المشاعر الطائفية المستعرة في البلاد، والتي تؤدي إلى ازدياد العنف.

وقال العديد من اللاجئين إنهم يأملون في مستقبل تعددي قائم على المساواة الدينية، ويدعمون تشكيل حكومة - من أي طائفة كانت - مشيرين إلى أنهم يؤمنون بأن جيرانهم المسيحيين يدعمونهم quot;في أعماقهمquot; على الرغم من أن الكثير منهم لا يشاركون في التظاهرات والاحتجاجات. لكن في الوقت ذاته، يقول هؤلاء إن المواطنين السنة يتم استهدافهم بشكل خاص، ملقين باللوم على العلويين في معظم أعمال العنف التي تعمّ البلاد.