الجزائر:رفضت الجزائر دون ان تعلن ذلك صراحة دفن محمد مراح الذي قتل سبعة اشخاص في فرنسا، على اراضيها حتى انه اعتبر quot;جثة مزعجةquot; في بلد عانى من نحو عشر سنوات دامية بسبب الحرب ضد الاسلاميين.
وبحسب عبد العزيز جراد استاذ العلوم السياسية في المدرسة الوطنية للادارة، فان الخبراء والمدونين الذين يعلقون على الحدث منذ عدة ايام، يعتبرون محمد مراح فرنسيا وان quot;القضية تتعلق بالشان الفرنسيquot;.
واوضح جراد القيادي السابق في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم معلقا على الصمت الرسمي في الجزائر quot;لا دخل لنا بهذا، وعلى الفرنسيين ان يجدوا حلاquot; للمسالة.
لكن بالنسبة لاستاذ علم الاجتماع ناصر جابي فان quot;الصمت قاعدة في الجزائر، خاصة عندما يتعلق الامر بالقضايا الحساسةquot;.
أما رشيد تلمساني استاذ السياسة الدولية والامن الاقليمي، فيرى في القضية quot;ميزان قوى في القيادة الحاكمة، فبعضهم يريد دفنه في الجزائر والبعض الاخر يرفض ذلكquot;.
ولم تصدر السلطات الجزائرية اي تصريح رسمي بخصوص قبول او رفض دفن مراح في الجزائر. واكتفت الصحف الجزائرية بالاشارة الى ان quot;مصادر مقربة من وزارة الداخليةquot; رفضت الدفن. اما في فرنسا، فان الممثل عن مسجد باريس عبد الله زكري هو الذي اعن الرفض quot;لاسباب امنيةquot;.
وبالنسبة لجراد فانه quot;من الطبيعيquot; ان يحضر والد محمد مراح جنازة ابنه ويقاضي القوات الخاصة الفرنسية، quot;فهذا رد فعل طبيعي لاب، لكن ذلك يبقى قضية شخصية لا يجب اقحام الجزائر فيهاquot;.
ولم quot;يتفاجأquot; تلمساني برفض السلطات الجزائرية quot;لأن هناك خطرا كبيرا لاستغلال ذلك من الاسلاميين الذين قد يحولونه (محمد مراح) الى بطل، خاصة اذا جرت الجنازة يوم الجمعةquot;.
وقد اعلنت عائلة محمد مراح من الجزائر الاربعاء ان جثمانه سينقل على متن طائرة لشركة الخطوط الجوية الجزائرية بين تولوز والجزائر العاصمة الخميس في الساعة 13,15 (11,15 ت غ).
وقبل رفض السلطات الجزائرية كان متوقعا ان يصل النعش بعد الظهر الى العاصمة الجزائرية على ان يدفن محمد مراح بعد ذلك في قرية بزاز ببلدية السواقي (80 كلم جنوب العاصمة) التي يتحدر منها والده.
ولم تعلن العائلة وقت الجنازة باعتبار ان النعش قد يصل في وقت متاخر (بعد صلاة المغرب) الى السواقي، وجرى الحديث عن تاجيل الدفن الى يوم الجمعة حيث يتضاعف عدد المصلين والمشيعين.
واعلنت بلدية تولوز جنوب غرب فرنسا الخميس ارجاء جنازة محمد مراح التي كانت مقررة بعد ظهر اليوم الخميس، 24 ساعة معتبرة ان دفنه في المدينة quot;غير مناسبquot;.
وقالت البلدية انه quot;بعد رفض الجزائر في اللحظة الاخيرة تسلم جثة محمد مراح، رأى (رئيس البلدية) بيار كوهين ان دفنه في المدينة غير مناسبquot;.
لكن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي طلب quot;عدم اثارة جدلquot; في هذا الشأن. وقال ان مراح quot;كان فرنسيا ويجب ان يدفن علينا الا نثير جدلا في هذا الشأنquot;.
وقتل محمد مراح (23 سنة) الاسبوع الماضي بعد حصار دام اكثر من ثلاثين ساعة في بيته بتولوز (جنوب غرب فرنسا) واعترف بقتل ثلاثة اطفال ومدرس يهودي وثلاثة عسكريين بين 11 و19 آذار/مارس في تولوز ومونتوبان.
واوضح جراد ان quot;جثة محمد مراح مزعجة فلا فرنسا ولا الجزائر تريدانها ... هذه قضية غامضةquot;، مشيرا الى ان quot;هجوم جزائري على عسكريين من اصل مغاربي واطفال يهود ليس بالشيء الهينquot; بالنسبة للجانبين.
ويعتبر تلمساني ان هذا quot;الفرنسي 100% يعكس الاقصاء الذي تعانيه شريحة من المجتمع الفرنسيquot; في اشارة الى مشاكل اندماج الشباب من اصل مغاربي في هذا البلد.
وبالنسبة للاستاذ جراد فانه quot;من مصلحة البلدين ان يتحليا بالهدوء في هذه القضية المؤلمة للجميع والتي تاتي في وقت صعب في البلدين بسبب الانتخاباتquot;.
وتشهد الجزائر انتخابات تشريعية في العاشر من ايار/مايو بينما تنظم فرنسا انتخابات رئاسية في 26 نيسان/ابريل و6 ايار/ مايو.
واتفقت الجزائر وباريس خلال زيارة وزير الداخلية الفرنسي في كانون الاول/ديسمبر على quot;تهدئة المتطرفينquot; من الجانبين في هذه الفترة التي تتزامن مع الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر عن الاستعمار الفرنسي.
التعليقات