رغم عدم الاستقرار في ليبيا إلا أن البلاد تنطلق نحو مرحلة جديدة

لا تزال حالة غياب الأمن والاستقرار تخيم على ليبيا بعد مرور أشهر على الاطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي، إلا أن القيادي عبد الحكيم الحسادي يرى أن البلاد تتجه نحو الأمام، وأنه لا يمكن تغيير نمط الحياة كاملاً في فترة قصيرة.


القاهرة: لا تزال ليبيا تعيش حالة من عدم الاستقرار المقترن بغياب الأمن والأمان، في ظل وجود حكومة ولدت ضعيفة، وهو ما يغلف الحياة هناك بحالة من الغموض وعدم اليقين، وذلك بعد مرور بضعة أشهر على نجاح الثوار في الإطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي.

ورغم الحادثة التي نُسِفت فيها سيارة ذلك القيادي الذي يدعى عبد الحكيم الحسادي، وهو ربما الرجل الأقوى في مدينة درنة الواقعة شرق ليبيا، أثناء تأديته صلاة العشاء في المسجد مؤخراً، إلا أنهيرى أن ما تشهده البلاد الآن من مستجدات يعد جزءاً لا يتجزأ من انطلاقها ومضيها قدماً إلى الأمام نحو آفاق مستقبلية أكثر حرية وأفضل حالاً بعد توديعها صفحة الماضي التي كانت تتسم بالدكتاتورية.

وفي هذا الصدد، أوردت مجلة التايم الأميركية عن الحسادي قوله: quot;بعد عقود من الدمار، من المستحيل تغيير نمط الحياة في بضع ساعات أو حتى بضع سنوات. لكننا أحرار الآن. وحتى إن تغيّرت الأرض، فإن هناك عشباً جديداً ينمو فيها في الوقت الراهنquot;.

ثم تابعت المجلة بتأكيدها أن الحسادي، 46 عاماً، كان قائداً لكتائب شهداء أبو سالم، التي كانت تحارب على الجبهة الشرقية القوات الموالية للقذافي خلال الحرب التي شهدتها البلاد العام الماضي. وكانت تلك الكتيبة هي الأكبر في درنة، وتابع هنا الحسادي بقوله إن معظم المقاتلين المحليين ما زالوا يتعاملون معه على اعتبار أنه قائدهم.

غير أن المجلة نوّهت في السياق عينه كذلك إلى أن الحسادي حصل على جزء كبير من شعبيته في الشارع من وراء حقيقة خوضه غمار الحرب في أفغانستان، مع طالبان، في الفترة ما بين العامين 1997 و 2002. وقال هنا: quot; كنت أحارب تحالف الشمال وكرزاي. لكنني لم أحارب الأميركيينquot;. ثم لفتت المجلة إلى ظهور أنماط جديدة من الشخصيات في ليبيا الجديدة، لكي تتولى زمام الأمور في مرحلة ما بعد القذافي.

ثم ذكَّرت المجلة الأميركية بالتحذيرات التي سبق وأطلقها نجل القذافي، سيف الإسلام، في بداية الانتفاضة العام الماضي، حين قال إن الشرق يريد الانفصال لتكوين إمارة إسلامية، في الوقت الذي رأى فيه كثيرون وقتها أنه كان يقصد درنة، وقالت إن الحسادي خير ممثل للمدينة، التي يتباهى سكانها بأنهم كانوا أكثر من أرسلوا رجالاً للمشاركة في أعمال التمرد أثناء حرب العراق مقارنةً بأي مدينة أخرى في ليبيا.

وأعقبت التايم بقولها إن حقيقة تعامل الحسادي في السابق مع أيمن الظواهري وأبو مصعب الزرقاوي لم تفعل الكثير لكي تفرغ الصورة النمطية المأخوذة عنه. وأضافت أنه من نوعية المقاتلين والزعماء المحليين، رغم اختلاف الظروف، وتحول الإسلاميين ليكونوا ضمن أبرز المخططين لمستقبل ليبيا الجديدة في المرحلة المقبلة.

بالإضافة إلى عبد الحكيم بلحاج، الذي أبدى الحسادي إعجابه به، والذي ساعدت السي آي إيه والإم آي 6 في ترحيله إلى ليبيا من أجل تعذيبه من قبل نظام القذافي، حيث يعتبر هو الآخر واحداً من أبرز القادة العسكريين في طرابلس. وهنا، عاود الحسادي ليقول:quot;إن الغرب يعتقد أن كل من ذهب إلى أفغانستان هو إرهابي. فهل سبق لك أنت أن ذهبت إلى هناك؟ والأمر المهم الآن هو أنه ومعه غيره من أبرز القادة الدينيين والثوريين في درنة يحاولون استرداد الاستقرارquot;. ثم نوّهت المجلة إلى بدء عودة الحياة مرة أخرى إلى الشوارع والمدارس، وهو مؤشر على بدء تحسن الأوضاع، واتفق الحسادي مع من يقول إن درنة تعتبر مكاناً دينياً، حيث يبدي الناس هناك اهتماماً بالغاً بالدين وبالعالم العربي. وأشار هنا منصور الكيخيا، وهو متخصص في شؤون جغرافيا السكان في جامعة بنغازي، إلى أن درنة كانت معقل أول انتفاضة مسلحة تشهدها ليبيا ضد القذافي خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.

ومع أن الحسادي رفض الإفصاح عما إن كان يرغب في تأسيس نظام مشابه لنظام طالبان في ليبيا أم لا، إلا أنه أكد أن الجميع سيعلم قريباً الشكل الذي ستبدو عليه حكومة ليبيا المستقبلية.