القاهرة: قال مسؤولون أميركيون إنه وبعد ساعات من إقدام جنود أميركيين على حرق نسخ من المصحف الشريف بمركز اعتقال أفغاني أواخر شباط/ فبراير الماضي، أصدرت إيران أوامر سرية لعملائها للعمل بأفغانستان واستغلال الغضب الشعبي المتوقع بمحاولة إثارة تظاهرات عنيفة في العاصمة، كابول، وفي كافة أنحاء الجزء الغربي من البلاد.

وأضاف المسؤولون أن الجهود التي بذلها العملاء الإيرانيون والأتباع المحليون فشلت إلى حد بعيد في إثارة اضطرابات دائمة أو واسعة النطاق. لكن في الوقت الذي تتحضر فيه حكومات حلف شمال الأطلسي لاحتمالية قيام إيران بعملية انتقامية في حال شن إسرائيل هجوماً على منشآت البلاد النووية، بدأ يتم التعامل بإلحاح إضافي مع رغبة وقدرة إيران على إثارة العنف في أفغانستان وغيرها من الأماكن.

وفي ظل تزايد الاهتمام بدوافع ونوايا إيران العملياتية، بدأ يتابع المسؤولون الأميركيون كل تطورات هذه الأحداث عن كثب. وأكد العشرات منهم، وفقاً لما ذكرته صحيفة quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية، أن صورة مختلطة عن القدرات التي تتمتع بها إيران بدأت تتصدر المشهد الآن، وقد ناقش معظمهم المخاطر المرتبطة بهذا الأمر، بعدما رفضوا الكشف عن هوياتهم نظراً لارتكاز تعليقاتهم على تقارير استخباراتية.

وتابع أحد مسؤولي الحكومة الأميركية بقوله إن السفارة الإيرانية في كابول تمتلك برنامجاً quot;ناشطاً للغايةquot; للتحريض ضد الولايات المتحدة، لكن من غير الواضح ما إن كانت إيران قد اختارت عن عمد أن تحد من جهودها عقب واقعة حرق نسخ المصحف الشريف أو أنها لم تكن قادرة على تنفيذ عمليات من شأنها إحداث قدر أكبر من الضرر.

وفي تقييم شامل له بخصوص التهديدات التي تشكلها طهران، قال الجنرال جون آلن، قائد القوات الأميركية في أفغانستان، في شهادة له مؤخراً أمام الكونغرس، إن إيران مازالت مستمرة في إثارة نيران العنف من خلال دعمها لأعمال التمرد الأفغانية. وأضاف قائلاً :quot; إحساسنا هو أن بمقدور إيران فعل المزيد إذا ما اختارت ذلك. لكنهم لم يفعلوا، ونحن نراقب أنشطتهم وعلاقاتهم في هذا الخصوص عن كثبquot;.

وكانت أعمال الشغب الأكثر وضوحاً التي قال مسؤولون أميركيون أنها تحمل بصمات الجانب الإيراني تلك التي وقعت في مقاطعة هيرات، بامتداد حدود أفغانستان الغربية مع إيران. وقد نفت إيران من جانبها أن تكون قد قامت بأي جهد مدعوم حكومياً في سبيل إثارة الفوضى في أفغانستان، في حين أشار مسؤولون أميركيون إلى وجود نمط تدخل خبيث لزيادة نفوذ إيران في الشرق الأوسط وجنوب آسيا.

وبدا أن إيران قد أزادت من تواصلها السياسي وشحنات أسلحتها مع المتمردين وغيرهم من الشخصيات السياسية في اليمن، فضلاً عن أنها تنصح وتسلح حكومة الرئيس السوري بشار الأسد المحاصرة.

وتابعت النيويورك تايمز بلفتها إلى أن تلك الأنشطة تعكس أيضاً حملة أوسع في النطاق تضم ما يقول مسؤولون أميركيون إنها مؤامرة فاشلة لاغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وما بدا أنها جهود منسقة من جانب إيران لمهاجمة دبلوماسيين إيرانيين في الهند وجورجيا هذا العام. وقد نفت إيران ضلوعها في أي من تلك الهجمات، التي تسببت في وقوع العديد من الإصابات ولم تسفر عن أي حالات وفاة.

لكن عدم وجود سجل مستمر من النجاح الواضح في تلك المؤامرات، بما في ذلك دور إيران المشتبه به في مقاطعة هيرات وفي اضطرابات مماثلة بكابول، قد تسبب في إثارة نقاش محتدم بين وكالات الاستخبارات الغربية بشأن انخفاض مستوى الاحترافية التي تتمتع بها إيران على نحو مفاجئ، وبشأن ما إن كانت تحتفظ البلاد بالقدرة على تنفيذ هجمات فعالة ضد منافسين خارج نطاق شبكاتها التقليدية في الشرق الأوسط.

وفي الإطار عينه، قال مسؤول أميركي لم تسمه الصحيفة :quot; لقد فشلت الهجمات، وهو ما يمكن تبريره بوضوح بأن هناك ثمة مكامن خلل في خطط واحترافية إيرانquot;. وأشار محللون استخباراتيون إلى أنه ما زال بمقدور إيران الاستفادة من الموارد الضخمة لحزب الله. فيما عبر بعض المسؤولين الأميركيين عن شعورهم بالقلق من النظر إلى المؤامرات باعتبارها إشارة دالة على تراجع قدرات إيران على إثارة العنف.

وفي مقابلة له بالهاتف مع النيويورك تايمز، قال النائب الجمهوري مايك روغرز، وهو رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب: quot;يتعلم الإيرانيون من كل حادثة من تلك الحوادث ويصبحون أكثر خطراًquot;. وأكد أن المخابرات الإيرانية وفيلق القدس يتنافسان فيما بينهما على ما يبدو من أجل استئثار النفوذ وزيادة تعريض الغرب للخطر.