اتهم رئيس مفوضية الانتخابات العراقية فرج الحيدري المعتقل حاليًا ائتلاف رئيس الوزراء نوري المالكي بالوقوف وراء توقيفه ورئيس الدائرة الانتخابية كريم لبتميمي لأسباب سياسية تهدف إلى تفكيك المفوضية.. فيما حذر معتمد للمرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني من خطورة تفاقم الأزمة السياسية ودعا إلى حماية أموال العراق في الخارج.


فرج الحيدري خلال مؤتمر صحافي

أسامة مهدي: قال الحيدري، الذي ينتمي الى الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، إن أهدافاً سياسية تقف وراء توقيفه في مركز التحقيق في هيئة النزاهة في بغداد. واكد قائلا quot;لا يوجد أي شيء ملموس ضدنا، وكل الذي يوجّه إلينا من اتهامات كيدية وغير صحيحة، وتدل على أن اهدافاً سياسية تقف وراء هذه العملية، الغرض منها تفكيك مفوضية الانتخابات والسيطرة عليها من قبل الكتلة السياسية التي تتبع لها النائبة عن ائتلاف دولة القانون حنان الفتلاويquot;.

وأشار الى أن quot;نشر أمر التوقيف قبل أن يصل الينا من قبل النائبة الفتلاوي يضع علامة التعجب والاستفهامquot;، كما نقلت عنه من معتقله وكالة quot;الفرات نيوزquot; الناطقة باسم المجلس الأعلى الإسلامي برئاسة عمّار الحكيم. وكانت الفتلاوي وزعت أمس تصريحًا الكترونيًا على الإعلام أعلنت فيه عن اعتقال الحيدري والتميمي.

وأوضح الحيدري قائلا quot;كلّفت محاميًا متخصصًا، وسيقوم بالدفاع عني وعن عضو مجلس المفوضين كريم التميمي، الذي تم توقيفه أيضاً بسبب تهم باطلة لا صحة لها ولا سندquot;. وأشار الى أن توقيفه ورئيس الدائرة الانتخابية كريم التميمي يتعلق بمكافآت صرفها هو والتميمي عام 2008 من الدائرة ووفق الصلاحيات القانونية التي يتمتعان بها الى أربعة او خمسة موظفين، حصة كل واحد منهم 100 الف دينار، مبيناً أن المبلغ لا يتجاوز 500 الف دينار (370 دولارا).

وقد انتقد الناطق باسم لجنة النزاهة النيابية جعفر الموسوي اليوم الجمعة أمر توقيف فرج الحيدري، وقال quot;نستغرب تدني الازدواجية في التعامل مع ملفات الفساد وتوقيف أعضاء مفوضية الانتخابات بصرف مكافأة قدرها مائة الف دينارquot;.

وفشل الائتلاف الذي يقوده رئيس الحكومة نوري المالكي بحجب الثقة عن مفوضية الانتخابات في تموز (يوليو) الماضي ومنحها مجلس النواب الثقة مجددًا بعد جلسات استجواب عدة تمت بطلب من عضو ائتلاف المالكي حنان الفتلاوي. ووصف بعض الكتل السياسية إلى جانب مفوضية الانتخابات آلية الاستجواب وطريقته بأنها quot;مسيسةquot; على اعتباره لم يتطرق إلى أساس عمل المفوضية، بل اختص بالجوانب الإدارية والمالية.

ومفوضية الانتخابات من الهيئات العراقية المستقلة، وتتبع مجلس النواب مباشرة، والأخير اختار أعضاء مجلس المفوضين الحالي في عام 2007. وتشكلت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي يترأسها فرج الحيدري بعد انتهاء الانتخابات التي جرت عام 2005 بعد انتهاء عمل المجلس السابق.

وأشرفت المفوضية الحالية على ثلاث عمليات انتخابية، الأولى لمجالس المحافظات، والثانية للانتخابات النيابية، والثالثة انتخابات برلمان إقليم كردستان، وحصلت على إشادة من قبل الأمم المتحدة ومنظمات دولة أخرى.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أرسل في 22 حزيران (يونيو) عام 2010 خطابًا إلى مفوضية الانتخابات، يتضمن إيقاف عملها، لكنها ردت في اليوم التالي برفضها الأمر، مؤكدة أن السلطة التنفيذية لا علاقة لها بعملها، وأنها مرتبطة بالبرلمان حصرًا، وهي مستمرة بالعمل في كل الاحوال.

وكان المالكي كسب حكمًا قضائيًا في كانون الثاني (يناير) عام 2011 يضع المفوضية وهيئات اخرى، منها البنك المركزي، تحت اشراف مجلس الوزراء، وهو ما أثار مخاوف بشأن محاولات من رئيس الوزراء لتعزيز سلطته. وتتصاعد الأزمة السياسية في العراق منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي عندما اتخذ المالكي إجراءات ضد سياسيين بارزين في اعقاب انسحاب القوات الاميركية من البلاد، الامر الذي اثار مخاوف من اظهار المالكي ميولاً سلطوية في بعض تصرفاته، وخاصة سيطرته على الوزارات والأجهزة الامنية الرئيسة.

السيستاني يدعو إلى حل الأزمة السياسية وحماية أموال العراق الخارجية
حذر معتمد للمرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني من خطورة تفاقم الأزمة السياسية، ودعا الى حماية أموال العراق في الخارج.

وأكد السيد أحمد الصافي معتمد المرجع السيستاني خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) ضرورة العمل على تفكيك الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ أربعة أشهر، مشيرا الى أنه اذا كان الاختلاف في وجهات النظر بين السياسيين أمرًا مقبولا فإنه يجب عدم قبول استمرار الأزمة، لما يشكله ذلك من مخاطر على مصالح المواطنين. وشدد على ضرورة وجود مرجعية قانونية لحل المشاكل بين الفرقاء السياسيين، منوهًا بأن الدستور هو المرجع لذلك.

وحذر من انه كلما اتسعت رقعة المشاكل بين الكتل السياسية، زادت أوضاع البلاد سوءًا، داعيًا الى زرع الثقة بين السياسيين، الذين اشار الى اهمية ان يتعاملوا في ما بينهم على أسس من حسن الظن.

ولم تفلح القوى السياسية العراقيةفي عقد اجتماع في ما بينها لحل الأزمة السياسية على الرغم من عقد اللجنة التحضيرية له اربعة اجتماعات خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة، وذلك بسبب تعنت هذه القوى وإصرار كل منها على مواقفه، الامر الذي قاد الى عدم الاتفاق على موعد الاجتماع او جدول اعماله.

وفي الاسبوع الماضي، قال رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني الذي يقوم حاليًا بجولة خارجية انه سيدعو لدى عودته الى كردستان في الاسبوع المقبل الى اجتماع عاجل لقادة الكتل السياسية في محاولة لحل الأزمة السياسية التي تضرب البلاد.

واليوم، قال النائب عن التحالف الكردستاني محمد خليل إن دعوة بارزاني ستشكل الفرصة الأخيرة أمام الكتل السياسية للخروج من النفق المظلم الذي تمر به البلاد وإبعاد الشعب العراقي عن الصراعات السياسية. وأضاف في تصريح صحافي مكتوب تلقته quot;ايلافquot; ان بارزاني مستعد لاستقبال جميع الفرقاء السياسيين في أربيل والجلوس سوية على طاولة مستديرة للتفاهم الصريح لحل القضايا العالقة. واشار الى ان دعوة بارزاني إلى عقد اجتماع اربيل تأتي من اجل انقاذ الشعب العراقي من التأثيرات السلبية للخلافات بين الساسة العراقيين وابعادهم عن التجاذبات السياسيةquot;.

على صعيد آخر، دعا الصافي الى العمل على حماية الاموال العراقية في الخارج، واشار الى ان وجود هذه الاموال في الخارج يعرضها للخطر بسبب السياسات السابقة والظروف التي مرت بها البلاد قبل عملية التغيير عام 2003 حين عاقب المجتمع الدولي العراق ووضعت الامم المتحدة يدها على امواله، مشيرا الى ان هذه الاموال هي ملك الشعب العراقي، وليست ملكًا للنظام.

وامس قالت الحكومة العراقية انها تتجه للطلب رسميًا من نظيرتها الأميركية إصدار قرار بتمديد حمايتها الأموال العراقية في الخارج والبالغة حوالى 64 مليار دولار لمدة عام آخر بدءًا من 20 من الشهر المقبل لحمايتها من مطالبات متضررين ومن التلاعب فيها من قبل جهات داخل العراق وخوفا على نهبها بحسب ما قال نائب عراقي.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش قد بدأت بعد الحرب على العراق عام 2003 اجراءات حماية الأموال العراقية، وتعهدت من خلال quot;اتفاقية الإطار الاستراتيجيquot; التي وقعت بين العراق والولايات المتحدة في أواخر عام 2008 بدعم العراق في جهود إعادة الأموال ومساعدته في الخروج من قرارات البند السابع لميثاق الأمم المتحدة. يذكر أن الإيرادات تخزن حاليًا في quot;صندوق تنمية العراقquot; الذي أنشأه قرار مجلس الأمن الدولي المرقم 1483 في عام 2003.

وبقيت الأموال العراقية محمية من قبل الصندوق العراقي للتنمية، ووضعت فيه موارد النفط، وتذهب 5% منها إلى تعويضات الكويت، و95% إلى العراق، وبقيت الأموال محمية بأمر الحاكم الأميركي السابق للعراق برايمر لمدة ست سنوات في البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وتنتهي الشهر المقبل، وهذا يجعل الأموال العراقية في خطر.

وكان الرئيس الأميركى باراك أوباما قرر في العام الماضي بناء على طلب رسمي عراقي تمديد الحماية الأميركية لصندوق التنمية في العراق لسنة واحدة رغم إقراره بوجود عقبات تعترض سبيل إعادة الإعمار في العراق.

وقال أوباما بحسب بيان صادر من البيت الأبيض quot;إنني أقرر استمرار حالة الطوارئ الخاصة بحماية صندوق التنمية في العراق وممتلكات أخرى لمدة سنة واحدة، نظراً إلى العقبات التي تعترض سبيل إعادة الإعمار بشكل منظم في العراق، واستعادة السلم والأمن في البلاد وصيانته وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في العراقquot;، مشيرًا إلى أن تلك العقبات ما زالت تشكل تهديدًا استثنائيا وغير اعتيادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدةquot;.

الى ذلك، اعلن مجلس القضاء الاعلى العراقي الجمعة ان رئيس مفوضية الانتخابات فرج الحيدري وموظف آخر في المفوضية يواجهان اتهامات بالتصرف بأموال الدولة قد تعرضهما لعقوبة السجن سبع سنوات.

وذكر مجلس القضاء الأعلى في بيان أن قرار توقيف الحيدري والتميمي quot;جاء بناء على قيامهما بصرف مكافآت لموظفي التسجيل العقاري لقيامهم بتسجيل قطع الأراضي المخصصة لهم من ميزانية المفوضية العليا للانتخاباتquot;.

واكد البيان الذي تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه إلغاء قرار بالافراج عنهما quot;باعتبارهما قد تصرفا بأموال الدولة لمصلحتهما (...) وهي جناية يعاقب عليها بالسجن لمدة لا تزيد على سبع سنواتquot;.

واكد المتحدث باسم مجلس القضاء الاعلى القاضي عبد الستار بيرقدار في تصريح لفرانس برس ان quot;الموضوع قضائي بحت وقانونيquot;. ونفى بيرقدار وجود quot;اي تدخل في القضية من قبل اي جهة كانت، حزبية او سياسية او حكوميةquot;.

من جهته اكتفى علي الموسوي، المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي، بالقول تعليقا على توقيف الحيدري إن quot;هذا موضوع قضائي يتعلق بالقضاء وهيئة النزاهةquot; التي تحقق في قضايا الفساد داخل المؤسسات العراقية.