أحدث كبير الأساقفة الكاثوليك في أستراليا صدمة في الغرب عندما قال إن اليهود كانوا رعاة متخلفين قياسًا إلى الحضارات من حولهم، مثل الفرعونية. وليزيد الطين بلة قال إن الشعب الألماني عانى أكثر منهم بسبب المحرقة. لكنه سارع إلى الاعتذار من القلب... بالطبع!.


الكاردينال جورج بيل

صلاح أحمد: أطلق الإعلام الغربي آهة الصدمة عندما قال كبير الأساقفة الكاثوليك في أستراليا، الكاردينال جورج بيل، إن اليهود laquo;متخلفون فكريًا وأخلاقيًاraquo;. ورغم أن الكاردنيال كان يقارن حالهم بما كانت عليه حضارات قديمة، مثل الفرعونية والفارسية، فقد يحدث هذا الإعلام على الفور laquo;موجة غضب دوليةraquo; من المحتم أن يثيرها المساس بالوضع الفكري والأخلاقي لدى اليهود.

وفي حوار على تلفزيون laquo;ايه بي سيraquo; الأسترالي ضم عالم الأحياء البريطاني المثير للجدل بأفكاره الإلحادية، رتشارد دوكينز، وصف الكاردينال بيل اليهود بأنهم laquo;أناس صغار كانوا رعاة يفتقرون مقومات التطور الفكريraquo;. ولئن كان هذا في الماضي البعيد، فقد رشّ الملح على الجرح بانتقاله إلى الحاضر القريب، قائلاً إن الألمان laquo;عانوا أكثر من اليهود جراء أهوال المحرقة خلال الحرب العالمية الثانيةraquo;.

أتى كل هذا على هامش حوار يفترض أن يمثل فيه الكاردينال وجهة النظر الدينية، مقابل العلمانية التي يمثلها دوكينز، حول قصة الخلق كما وردت في الكتب المقدسة أو كما جاءت من منظور النشوء والتطور، الذي تحدث عنه العالم تشارلز داروين في كتابه الشهير laquo;أصل الأنواعraquo;.

ونقلت الصحافة الغربية على الإنترنت قول الكاردينال: laquo;أكنّ إعجابًا عظيمًا لليهود. لكن هذا لا يعني أن نضخّم الدور الذي أدّوه (في بناء الحضارة الإنسانية) في أيامهم الأولى. حتمًا لم يكونوا مساوين لبناة الحضارة المصرية أو الفارسية أو البابلية من الناحيتين الفكرية والأخلاقية. فقد كانوا رعاة ومحشورين بلا حركة وسط هذه الحضاراتraquo;.

ذكّره مقدم الحوار بأن إصدار أي حكم على اليهود laquo;يعني بالضرورة الحكم على المسيح نفسه لأنهم قومهraquo;. فهل يعتقد أن المسيح كان متخلفًا فكريًا وأخلاقيًا بالتالي؟، ولم يجد كبير أساقفة البلاد بدًا من الرد المنطقي على السؤال، وهو laquo;نعم كان كذلكraquo;!.

انتقل الكاردينال إلى التاريخ القريب ليقول إن اليهود لم يعانوا بقدر معاناة الشعب الألماني، سواء خلال سنوات المحرقة أو بعدها. وعندما سئل عن السبب في أن الرب سمح بحدوث المحرقة في المقام الأول، أجاب بالقول إن هذا سرّه... مثل السبب في معاقبة الألمان أنفسهم عنها.

وقال الكاردينال: laquo;الرب ساعد اليهود - عبر معطيات ثانوية - على خلاصهم من المحرقة واستمراريتهم بعدها. ومن المثير للاهتمام أن نرى - عبر هذه المعطيات نفسها - أن لا شعب في التاريخ تلقى نوع العقاب الذي حل بالألمان... هذا أيضًا سرّ الربraquo;.

وما ان بلغ البرنامج التلفزيوني ختامه حتى أصدر laquo;المجلس التنفيذي لليهود الأستراليينraquo; بيانًا عبّر فيه عن laquo;القلق العميقraquo; لما ورد على لسان كبير الأساقفة. وخصصت جريدة laquo;أوستراليان جويش نيوزraquo; صفحتها الأولى كاملة لصورة له وتعليق تحتها من كلمتين: laquo;خطأ غير مقصودraquo;. لكن رئيس تحرير الجريدة، زيدي لورنس، قال إن القراء أغرقوها في بحر من خطابات تعبّر عن الغضب والشعور بالإساءة. وقال: laquo;يبدو أن الكاردينال لم يكن يفكّر بصفاء، مع أن العديد من القراء يقولون إنه معروف بصداقته لليهودraquo;.

وكما هو متوقع فقد أصدر الكاردينال لاحقًا اعتذارًا عن تصريحاته قائلاً إنه لم يقصد منها الإساءة أو تقليل الشأن. وأضاف: laquo;ربما كان الأصح هو القول إن اليهود - لم يكونوا على العتبة نفسها مع أهل الحضارات التي ذكرتها في الحوار من الناحية الثقافية التاريخية (مع التشديد على كلمة laquo;التاريخيةraquo; بمعنى الماضي السحيق). وصداقتي مع الجالية اليهودية وتقديري للديانة اليهودية معروفان وليسا موضع جدال. والإساءة إليهما هي آخر شيء يمكنني فعله. لم يكن هذا مقصدي، وأعتذر إذا جاءت كلماتي خلال الحوار التلفزيوني معبّرة بالشكل الخطأ عن آرائي الحقيقيةraquo;.