بدأ جوليان آسانج، مؤسس موقع quot;ويكيليكسquot;، برنامجه الحواري الجديد بمقابلة مع أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله، عبر القناة التلفزيونية quot;روسيا اليومquot;. واعتبرت الحلقة الأولى بمثابة خطوة كبيرة تكشف الكثير عن الرجل الذي استطاع مقابلة زعيم حزب الله المهيمن سياسياً وعسكرياً في لبنان.


بيروت: مرت سنوات عديدة منذ أن وافق أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله على اعطاء مقابلة لأجنبي، لكن اللقاء الذي أجراه مؤسس موقع ويكيليكس معه في أواخر شباط/فبراير، كان مناسبة موفقة للحديث عن كثير من الأمور.

فحزب الله، الذي يعتبر نفسه بمثابة quot;أسد المقاومة العربيةquot; ضد إسرائيل، يجد نفسه في موقف محرج، فهو حليف لسوريا حيث يقوم الرئيس بشار الأسد بسحق الانتفاضة بالقوة والعنف، كما يعتبر إيران بمثابة حليف استراتيجي والتي سحقت مؤخراً ثورتها الخاصة، وتساعد الأسد في حملته ضد المدنيين.

لكن صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; اعتبرت أن آسانج لم يكن موفقاً في أسئلته، لا سيما وأنه ليس محترفاً في هذا المجال.

واعتبرت الصحيفة أن أسئلة عن المحكمة الدولية التي اتهمت عناصر من حزب الله في العام الماضي باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، قد مرت مرور الكرام، وأنه كان من المتوجب أن تكون الأسئلة أكثر عمومية وواضحة حول السياسة اللبنانية، مثل تحت أي ظروف قد يكون حزب الله مستعداً للتخلي عن جيشه الخاص، أو ما إذا كان حزب الله يمثل تهديداً للديمقراطية الهشة في لبنان، أو عن مخاطر الاقتتال الطائفي في سوريا وإمكانية امتدادها عبر الحدود.

منذ ست سنوات، كانت صورة حزب الله تزدهر في المنطقة على أنه الخصم المباشر لكل من إسرائيل والولايات المتحدة. لكن الجو اليوم بات أكثر تعقيدًا بكثير، في الوقت الذي تندلع فيه ثورات الربيع العربي، بينما حزب الله يرتبط ارتباطاً وثيقاً مع اثنين من أكثر الدول المعارضة للديمقراطية في المنطقة.

واعتبرت الـ quot;ساينس مونيتورquot; أن آسانج لم يذكر كلمة quot;إيرانquot; على الإطلاق، الامر الذي يدل على وجود نقص واضح في معرفة الخلفيات السياسية والاقليمية. كما أن الأسئلة العامة التي اعتمدها تشير إلى أنه ليس صحافياً محترفاً.

وذكّرت الصحيفة بتعليقات آسانج السابقة، التي انتقد فيها الصحافة التقليدية باعتبارها عاملاً مساعداً ووسيلة للغدر. على سبيل المثال، قال مؤسس موقع quot;ويكيليكسquot; في العام الماضي إن quot;وسائل الاعلام بشكل عام سيئة إلى درجة أن علينا التفكير بوسيلة للتخلص منها والعيش من دونها. إنها مشوهة للحقائق وهذا السبب الذي يمكّن العالم من الاستمرار في الحروب والفساد. كل الحروب التي اندلعت في الخمسين سنة الماضية كانت نتيجة وسائل الإعلام السيئةquot;.

لكن ازدراء آسانج المعلن من الدعاية، وتصميمه على البحث عن الحقيقة، يتناقضان مع تقديم برنامج حواري عبر قناة quot;روسيا اليومquot;، التي اعتبرتها الصحيفة وسيلة إعلامية مثيرة للجدل، وبمثابة قناة دعائية للكرملين لأنها تقدم تقارير حول الشرق الاوسط تميل معلوماتها وفقاً لمصالح الحكومة الروسية، ومنحازة بشكل شنيع لدرجة الخروج عن سياق الحقيقة بشكل تام.

مع بدء الإعلان عن برنامجه الحواري، قدّم آسانج تعليقاً توقّع فيه ردود الفعل على عمله الجديد، فقال: quot;سيقولون إن جوليان عدو خائن، دخل في السرير مع الكرملين، ويجري المقابلات مع أفظع المتطرفين من جميع أنحاء العالمquot;.

يشار إلى أن آسانج لا يزال قيد الاقامة الجبرية في انكلترا ويكافح أمر ترحيله إلى السويد حيث تنتظره المحكمة لاستجوابه بشأن مزاعم الاعتداء الجنسي، ويأمل بوضوح أن يكون برنامجه الجديد ضربة موفقة.

وأسس آسانج موقع quot;ويكيليكسquot; الذي يحارب السرية، وقام بنشر العديد من البرقيات والوثائق السرية بعد حيازته على أرشيف ضخم من البرقيات الديبلوماسية الاميركية. كما تعاونمع فريق quot;أنونيموسquot; من قراصنة الكمبيوتر، الذين استطاعوا سرقة ونشر رسائل البريد الإلكتروني الداخلية التابعة لشركة quot;ستراتفورquot; الخاصة للأمن والاستخبارات.

ويقول آسانج إنه يتمتع بميزة تبعده عن المقابلات التقليدية، وهي أن شخصيته quot;كشفت عن جوانب مثيرة جدًا للاهتمام من قبل الناس فيشعرون أنهم يتعاملون مع شخص تحت الاقامة الجبرية ويمر بمشاكل سياسية، فيتعاطفون معهquot;.

لكن الـ quot;ساينس مونيتورquot; رأت أن هذه الميزة لم تكن واضحة في حواره مع نصر الله، على الرغم من أنه حصل على بعض الأقوال والتصريحات المهمة. فرداً على سؤال quot;لماذا تدعم الربيع العربي في تونس واليمن ومصر وغيرها من البلدان، لكن ليس في سورياquot; أجاب نصر الله:

quot;لقد وجدت شخصيًا أن الرئيس الأسد كان على استعداد لاجراء اصلاحات جذرية وهامة .... اتصلنا بعناصر من المعارضة، لتشجيعهم وتسهيل عملية الحوار مع النظام، لكن هذه الأحزاب رفضت الحوار. ومنذ البداية كان لدينا نظام على استعداد لإجراء إصلاحات، وعلى الجانب الآخر كانت لدينا المعارضة التي ليست مستعدة للحوار ... كل ما تريد القيام به هو اسقاط النظامquot;.

وكانت تلك المرة الأولى التي يقر فيها نصر الله علناً أنه كان على اتصال مع المعارضة، وأنه حاول إقناع المجموعات المناوئة لنظام الأسد بالتوصل إلى حل وسط. لكن آسانج لم يغتنم ويطرح الأسئلة المناسبة مثل: مع أي مجموعة معارضة تواصلتم؟ هل كانت الاتصالات متكررة؟ ما رأيك في مستوى الشقاق بين المعارضين للأسد؟

وعلى الرغم من ذلك، وجّه آسانج سؤالاً موفقاً لنصر الله عندما اشار إلى سقوط ضحايا من المدنيين في سوريا، فسأله عما إذا كان حزب الله quot;خط أحمرquot;، وهل هناك عدد محدد من الضحايا، ليقتنع بسحب الدعم من الأسد.

وأجاب نصر الله أن تنظيم القاعدة أرسل عدداً من المقاتلين إلى سوريا، مشيراً إلى أن هناك quot;دول عربية معينة مستعدة لإجراء حوار سياسي (مع اسرائيل) لمدة عشر سنوات دون توقف، وترفض إعطاء مدة سنة أو سنتين أو حتى بضعة أشهر للتوصل الى حل سياسي في سورياquot;.

واعتبرت الصحيفة أن السؤال الأخير كان الأكثر إثارة للاهتمام - وبالتأكيد أن صحافياً لن يجرؤ على طرحه على زعيم سياسي لمنظمة تحمل اسم quot;حزب اللهquot;، الأمر الذي يشير إلى الطريقة التي ينظر بها آسانج إلى العالم.

السؤال كان: quot;لقد قاتلت ضد هيمنة الولايات المتحدة. أليس الله، أو فكرة وجود الله، هو القوة العظمى القصوى؟ ألا ينبغي عليك، كمناضل من أجل الحرية أن تسعى إلى تحرير الناس من مفهوم الشمولية السماوية؟quot;، جواب نصر الله كان مختصراً، فقال إنه يؤمن أن الله خير، وأن نضاله ضد quot;هيمنة الولايات المتحدةquot; هو نضال أخلاقي وأن الله يدعمه في هذا السبيل.