مقتل القيادي في فتح الاسلام عبد الغني جوهر في بلدة القصير السورية

قتل عبد الغني جوهر القيادي في جماعة فتح الاسلام في بلدة القصير السورية، حيث كان يقدم مساعدات للثوار السوريين، للقضاء على نظام الرئيس بشار الأسد.ويُتهم جوهر بتدبير عمليات تفجير عديدة، إضافة الى كونه مشتبها به في نحو 200 قضية قتل واغتيال.


لندن: حين يُقتل واحد من أكبر الارهابيين المطلوبين في لبنان اثناء محاولته زرع عبوة ناسفة، فان هذا قد يكون سببا لشكل ما على الأقل من أشكال الاحتفال الجنائزي، ولكن عندما يُقدِم كبير خبراء تصنيع العبوات في الجماعة الارهابية الأسوأ صيتا في لبنان، على تفجير نفسه وهو يساعد الثوار في سوريا فان هذا يكون سببا للقلق، كما ترى مجلة تايم كاشفة ان عبد الغني جوهر، القيادي في جماعة فتح الاسلام، قُتل في بلدة قصير السورية مساء الجمعة الماضية.

وأكد مؤسس جماعة فتح الاسلام الشيخ اسامة الشهابي مقتل جوهر لمجلة تايم، بالآية القرآنية quot;إنا لله وإنا اليه راجعونquot;. وأضاف الشيخ الشهابي quot;نحن كمجاهدين معتادون على ان نُقتل وإذا أراد الله ان يكرم من يُقتلون فانه يمنحهم الشهادة. وهذا هو الصراط المستقيمquot;.

وهذه ليست المرة الأولى التي تحدثت فيها الأنباء عن مقتل جوهر. وكان نبأ مقتله يُنفى طيلة سنوات في السابق. وتناقلت النبأ هذه المرة مصادر متعددة مستقلة عن بعضها البعض، سواء في سوريا أو في لبنان. وبحسب مقاتل في جماعة فتح الاسلام اسمه الحركي ابو علي، فان جوهر كان يعمل على إعداد عبوة ناسفة لاستخدامها ضد الجيش السوري ومنعه من دخول بلدة قصير التي يسيطر عليها الثوار قرب حمص. وروى ابو علي القصة على سكايب فيما كان انفجار القنابل يُسمع على خلفية كلامه. وقال ابو علي إن جوهر quot;قُتل على الفور وأردنا اعادة جثمانه الى لبنان ولكننا لم نتمكن لأنه تقطع الى اشلاءquot;. وبدلا من ذلك أُضطر رفاق جوهر الى دفن ما تبقى منه في حديقة مجاورة لتعذر الوصول الى مقبرة خلال القتال الشرس.

وأفاد ابو علي ومقاتل آخر بأن جوهر وصل الى بلدة قصير منذ اسبوعين مع مجموعة من 30 مقاتلا لبنانيا. وفي حين ان العديد كانوا من عناصر فتح الاسلام فَهُم لم يأتوا تحت راية الجماعة، واعتبروا أنفسهم مجاهدين يريدون مساعدة إخوتهم المسلمين ضد اعتداء النظام السوري عليهم. وكان جوهر، وهو خبير متفجرات وقيادي كاريمزي في فتح الاسلام، يسعى الى تدريب المقاتلين على تصنيع العبوات الناسفة. وقال ابو علي إن جوهر تمكن خلال الفترة القصيرة التي قضاها في قصير من تصنيع عشرات العبوات الناسفة لاستهداف قوى الأمن السورية بها، واضاف لمجلة تايم quot;ان هدفه كان الطواف على كل المناطق السورية لتعليم المقاتلين اساليب حرب العصاباتquot;.

وبنظر ابو علي، فان جوهر كان بطلا وشهيدا على جهوده هذه وبالنسبة إلى الثوار السوريين الذين يطلبون مساعدة المجتمع الدولي في معركتهم لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، فان جوهر وامثاله صداع على مستوى العلاقات العامة. وحرص الجيش السوري الحر وغيره من فصائل المقاومة السورية على تفنيد اتهامات النظام بأن الثوار متحالفون مع اصوليين اسلاميين وجماعات ترتبط بتنظيم القاعدة. وفي حين ان فتح الاسلام نفت اي علاقة بتنظيم القاعدة فان هناك صلات بينها وبين عناصر منفردة من القاعدة.

ومن شأن وجود جماعة ذات ارتباطات بتنظيم القاعدة تساعد الثوار على تصنيع عبوات ناسفة ان يكون ذا دلالة يمكن ان تغير مواقف في الغرب تغييرا جذريا ينهي كل نقاش حول تسليح الثوار واقامة منطقة حظر جوي. ونقلت مجلة تايم عن الخبير بدراسة فتح الاسلام في الجامعة اللبنانية الدكتور طلال عتريسي، quot;ان مقتل جوهر على الأرض السورية يؤكد مخاوف المجتمع الدولي من مد الثوار السوريين بالسلاح لأنه سينتهي بأيدي جماعات متطرفةquot;. واضاف quot;ان المعارضة السورية ستُحرج بحقيقة ان مثل هذا الرجل يقاتل بجانب الثوارquot;.

وأكدت أجهزة استخباراتية لبنانية، عبور جوهر الحدود الى سوريا قائلة انها أُخطرت بتحركاته ولكنها لم تتمكن من منعه. وتنهد مسؤول استخباراتي قائلا إن جوهر quot;هرب كما كان يهرب دائماquot; مشيرا الى انه كان يُلقب بالزئبق لقدرته الاستثنائية على الافلات من محاولات القبض عليه، التي بلغت 34 محاولة، بحسب تقديرات المسؤول. ونقلت مجلة تايم عن المسؤول انه إذا تأكد مقتل جوهر quot;فاننا نكون خسرنا صيدا سمينا، فهو كان منجما من المعلوماتquot;.

ويُتهم جوهر بتدبير عمليات تفجير عديدة ضد القوات الدولية في لبنان، وضد مقار امنية لبنانية اسفرت عن مقتل عشرات واصابة مئات. وقال المسؤول الاستخباراتي اللبناني ان جوهر مشتبه به في نحو 200 قضية قتل واغتيال ومحاولة اغتيال وتفجير ما زالت بلا حل. كما يُعتقد انه قتل صاحب متجر مسيحي في مدينة طرابلس لأنه كان يبيع الكحول.

وقال عتريسي quot;إن هذه خسارة كبيرة لأجهزة الأمن اللبنانية، بسبب المعلومات التي يُعتقد انها كانت لديه عن الجماعات الارهابية العاملة في المنطقةquot;. وفي حين ان مقتل جوهر يشكل ضربة موجعة لجماعة فتح الاسلام التي استنزفت صفوفها سلسلة من الاعتقالات التي طاولت قياديين فيها، ومقتل آخرين فان عتريسي أكد ان هذا quot;لا يعني ان المنطقة ستصبح أكثر امانا. فان كل عضو في مثل هذه الجماعات مرشح لأن يكون عبد الغني جوهرquot;.

نشأ جوهر (30 عاما) الذي درس الكيمياء الحياتية، في شمال لبنان خلال الحرب الأهلية. وانضم اولا الى جماعة الاخوان المسلمين، ولكنه خرج منها بسبب خلافات عقائدية، إذ شعر ان الجماعة ليست صارمة بما فيه الكفاية في تفسير الشريعة. ثم انضم الى السلفيين وخرج للأسباب نفسها، وفي نهاية المطاف اصبح عضوا في فتح الاسلام عام 2008. وارتقى الى موقع القيادة بعد مقتل سلفه عام 2010 في اشتباك مع قوى الأمن اللبنانية. وبحسب المسؤول الاستخباراتي اللبناني، فان جوهر كان بارعا في تجنيد العناصر للجماعة وتمكن حتى من كسب جنود لبنانيين الى قضيته.

وكانت نشاطاته الارهابية تغطي لبنان وسوريا والعراق حيث يُعتقد بأنه مسؤول عن عدة تفجيرات كبيرة اوقعت قتلى بين القوات الأجنبية. ونقلت مجلة تايم عن المسؤول الاستخباراتي اللبناني ان جوهر quot;كان شبكة بحد ذاته، وكانت لديه علاقات في عموم المنطقة. وكان قاتلا لا يرحمquot;.

كما يُشتبه بأن جوهر ضالع في قتل ضابط كبير في الجيش اللبناني وضابط في الاستخبارات برتبة رائد وعضو في المجلس النيابي اللبناني. وكاد ينجح في قتل قائد الجيش اللبناني ورئيس جهاز الأمن الداخلي. وقال المسؤول الاستخباراتي اللبناني ان مقتل جوهر في سوريا قد يُعد جزاء ما اقترفت يداه في بعض الأوساط quot;ولكنه مدمِّر بالنسبة لنا. فهي قضية ثأر شخصي بين جوهر وجهاز الاستخباراتquot;. كما يثير مقتل جوهر مخاوف بشأن الحركة المسلحة عبر الحدود في سوريا.