الصراع في السودان قد يهز استقرار المنطقة بمجملها ويهدد بجر الدول المجاورة إلى الحرب، ويعرض المصالح الأمنية والاقتصادية للمنطقة برمتها للخطر.


بيروت: قال قائد الجيش الأوغندي الجنرال أروندا نياكاريما الأسبوع الماضي إن بلاده لن تتردد في التدخل في حال تصاعد القتال بين السودان وجنوب السودان، كما أنه حث نظراءه في كينيا وإثيوبيا على اتخاذ مواقف في الصراع.

ووطدت أوغندا وكينيا وإثيوبيا علاقاتها مع جنوب السودان إثر استقلال الأخير، لا سيما وأن جنوب السودان يعتبر بمثابة السوق الأوسع أمام الصادرات الأوغندية. كما وقّعت كينيا وإثيوبيا حديثاً على اتفاق لمشروع ضخم لإنشاء البنية التحتية في هذه الدولة الجديدة.

في هذا السياق، اشارت صحيفة الـ quot;واشنطن تايمزquot; إلى أن أحدث جولة من القتال، الذي كان الأعنف منذ الاستقلال في تموز، تدور حول حقل نفطي في هجليج، على طول حدود الدولتين المتنازع عليها.
في العام 2009، أصدرت المحكمة الدولية في لاهاي حكمها بوضع هجليج داخل حدود السودان.

وألمح المتحدث باسم قوات الدفاع الكينية العقيد سيروس أوغونا إلى أن quot;الحرب بين السودانين سيكون لها تأثير سلبي على استقرار المنطقة من خلال تهريب الأسلحة، واللاجئين، والاضطراب الاقتصاديquot;، مشيراً إلى أن كينيا لم تستبعد رفع مستوى مهمتها في قوات حفظ السلام التي تدعمها الامم المتحدة.

وهوت أوغندا الى مزيد من الديون في عام 2010 على خلفية شراء مقاتلات روسية من طراز سو ام كي2 بقيمة 750 مليون دولار، وهي خطوة يقول بعض المحللين العسكريين أنها كانت تحسباً لحرب مع السودان.

وكان الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني صامتة بشأن كيفية التعامل مع أوغندا في حال حدوث أي تصعيد. في الوقت ذاته، يدعم السودان quot;جيش الربquot;، وهي جماعة متمردة تنشأ في شمال أوغندا، والتي جندت الجنود الأطفال وقامت بتشريد ما يقرب من 2 مليون شخص. وبدورها، قامت أوغندا بدعم متمردي جنوب السوداني.

واتهم الجنرال نياكايريما الاسبوع الماضي السودان بإعداد متمردي جيش الرب للقتال مع جنوب السودان. ويعتقد أن جيش الرب يضم نحو 500 جندي، ينفذون عمليات في ادغال جمهورية أفريقيا الوسطى والكونغو وجنوب السودان.

ووصف الرئيس السوداني عمر البشير - المتهم من قبل المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ومجازر، وجرائم ضد الإنسانية - جنوب السودان بالـ quot;حشرة التي تحتاج إلى أن تتعلم درساً بالقوةquot;، على خلفية سيطرتها على هجليج الذي يمثل ما يقرب من نصف إمدادات الشمال من النفط الخام.

واستعاد السودان السيطرة على هجليج في هجوم يوم الجمعة، ويقول السودان ان 1200 جندياً قد قتلوا في جنوب السودان. وفي المقابل، يقول الجنوب أنه فقد 19 جندياً وقتل 240 جندياً سودانياً.

سحب جنوب السودان قواته من هجليج يوم الاحد، واتفقت الدولتان على حل النزاع من خلال وسطاء دوليين. ويعتبر السودان أن الجنوب مسؤولاً عن تدمير معظم البنية التحتية النفطية في أعقاب الصراع.

ويوم الاثنين، قال البشير انه لن يعيد النظر في إجراء محادثات مع كوريا الجنوبية. بعد ذلك، أطلق العنان للقصف الجوي على جسر وسوق في بانتيو، عاصمة ولاية الوحدة بجنوب السودان. وأمر جيشه بدفع المتمردين السودانيين في عمق جنوب السودان، وامتدت التفجيرات لتطال ما يقرب الأربعين ميلاً داخل الأراضي السودانية الجنوبية.

واعتبر جنوب السودان هجوم يوم الاثنين عملاً من أعمال الحرب، وقال فيليب أغوير، المتحدث باسم جيش جنوب السودان، إن quot;البشير يعلن الحرب على جنوب السودان. انه شيء واضحquot;. ودعا الاتحاد الافريقي يوم الثلاثاء السودان لوقف القصف على الجنوب، وحث البلدين على وقف الأعمال العدائية.

وأشارت الـ quot;واشنطن تايمزquot; إلى أن كلا السودانين لا يملكان القدرة العسكرية للحفاظ على حرب طويلة، والدليل على ذلك هو السرعة التي استولى فيها جنوب السودان على هجليج وعدم قدرتها على الحفاظ عليها.

وأفاد مسح quot;الأسلحة الصغيرةquot;، وهي مجموعة مراقبة الاسلحة، أن السودان وجنوب السودان يهربان الأسلحة إلى المتمردين في أراضي كل منهما، سعياً للحصول على الارض والنفط. وقال ممثل الجيش الاوغندي الكولونيل فيليكس كولايجي إن أوغندا ليس لديها خطة فورية لارسال قوات الحدود إلى أوغندا أو خارجها. واضاف quot;موقفنا هو التوصل إلى حل سلمي للنزاعquot;.