جنود سودانيون في هجليج في نيسان/ابريل 2012
اتهم المتحدث باسم الجيش السوداني جنوب السودان الجمعة بمواصلة اعتداءاته العسكرية، مخالفًا بذلك قرار مجلس الامن الدولي، مؤكدًاأنه quot;يحتلquot; بعض المناطق الحدودية المتنازع عليها، في وقت أعلنت فيها جوبا والخرطوم أنهما ستوقفان الاعمال العدائية بينهما تنفيذًا للمهلة التي حددها مجلس الامن الدولي للبلدين.
جوبا: اعلن السودان وجنوب السودان انهما سيوقفان الاعمال العدائية بينهما تنفيذًا للمهلة التي حددها مجلس الامن الدولي للبلدين من أجل وقف الاعمال العسكرية تحت طائلة فرض العقوبات، وذلك بعد انتهاء تلك المهلة، الا أن التوتر لا يزال سيد الموقف في المواجهة على الحدود المتنازع عليها.
وكان مجلس الامن الدولي اصدر قرارًا الاربعاء دعا فيه الخرطوم وجوبا الى وقف الاعمال العدائية خلال 48 ساعة تحت طائلة فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية عليهما.
وقال المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب اقوير صباح الجمعة لوكالة فرانس برس، quot;لم نتبلغ بحصول أي قصف ... وأي معركةquot;.
واضاف أن quot;الجيش الشعبي لتحرير السودان (الجيش) في مواقع دفاعية، وتم ابلاغه اليوم من قائد الجيش .. بعدم التحرك واحترام وقف اطلاق النارquot;.
الا ان اقوير قال إن المدفعية السودانية قصفت قواعد الجيش على الجبهة في باناكواش ولالوب وتشيوين في وقت سابق من الجمعة، وأن القوات لا تزال في حالة تأهب quot;وترصد أي هجوم محتملquot;.
في المقابل، اعلنت الخرطوم أن جوبا لم توقف الاعمال العدائية لأنها تواصل quot;احتلالquot; نقاط على طول الحدود المتنازع عليها.
واتهم المتحدث باسم الجيش السوداني جنوب السودان الجمعة بمواصلة اعتداءاته العسكرية، مخالفًا بذلك قرار مجلس الامن الدولي، مؤكدًا أنه quot;يحتلquot; بعض المناطق الحدودية المتنازع عليها.
وقال العقيد الصوارمي خالد سعد: quot;من جانبنا اعلنت الدولة التزامها بقرار مجلس الامن الدولي بوقف الاعمالالعدائية ... لكن الطرف الآخر ما زالت له قوات داخل اراضينا واحتلاله لمنطقتي سماحه وكفن دبي يعني أنهم لم يوقفوا الاعتداءاتquot;.
وتقع هاتان المنطقتان على الحدود بين البلدين في محاذاة اقليم دارفور، غرب السودان.
الا أن المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية العبيد مروح قال الجمعة إن السودان لن يوقف القتال ما لم تنسحب قوات جنوب السودان من اراضيه.
وقال العبيد مروح لوكالة فرانس برس: quot;لن نوقف القتال ما لم تنسحب قوات جنوب السودان من اراضيناquot;.
ويتهم السودان جنوب السودان بدعم المتمردين من اقليم دارفور الغربي المضطرب، وكذلك المتمردين الذين يقاتلون في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق.
وتنفي جوبا تلك الاتهامات، وتتهم الخرطوم بدعم متمردين على اراضيها، وهو الاسلوب الذي استخدمته خلال الحرب الاهلية (1983-2005).
وتتهم جوبا الخرطوم باحتلال اجزاء من اراضيها بما فيها منطقة ابيي التي تساوي مساحتها مساحة لبنان، والتي يتنازع عليها الطرفان واقتحمتها القوات السودانية العام الماضي مجبرة اكثر من 100 الف شخص على الفرار جنوبًا.
ويتحصن الجنود من الطرفين في مواقع دفاعية محصنة على طول الحدود المضطربة، فيما يتبادل المسؤولون الاتهامات.
وقال اقوير: quot;في الخرطوم المعسكر مقسم بين من يريدون الحرب ومن يريدون السلام، على عكس جنوب السودان الذي قبل بقرار مجلس الامن الدولي، وسنرى اذا وافقوا على ذلكquot;.
ومن الصين التي تزورها بصورة رسمية، كررت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون دعوة السودان الى وقف غاراته الجوية على الجنوب.
وقالت كلينتون في تصريحات مكتوبة اطلعت عليها وكالة فرانس برس، quot;يجب أن نستمر معًا في توجيه رسالة قوية الى الحكومة السودانية بأن عليها أن توقف فورًا ومن دون شروط كل الهجمات خارج حدودها وخصوصًا غاراتها الجوية الاستفزازيةquot;.
وتعرضت الصين الى انتقادات اميركية قوية بسبب دعمها للرئيس السوداني عمر البشير الذي يواجه مذكرة اعتقال دولية بسبب اتهامات بارتكاب اعمال إبادة في دارفور. الا ان بكين دعمت قرار مجلس الامن الذي تم التوصل اليه بشأن جنوب السودان الذي يسيطر على معظم حقول النفط في المنطقة وتعد الصين مستوردًا كبيرًا للنفط السوداني.
ودارت معارك غير مسبوقة منذ حصول جنوب السودان على استقلاله في تموز/يوليو 2011، بين جيشي البلدين في نهاية اذار/مارس، على حدود ولاية جنوب كردفان السودانية وولاية الوحدة في جنوب السودان.
ويحمل هذا التصعيد على التخوف من اندلاع حرب واسعة النطاق بين البلدين الجارين اللذين خاضا طوال عقود حربًا اهلية حتى اتفاق السلام في 2005. واسفرت الموجة الاخيرة من الحرب الاهلية، من 1983 الى 1995، عن حوالي مليوني قتيل.
ويستمر التوتر بين الشمال والجنوب منذ استقلال جوبا، بسبب خلافات حول ترسيم الحدود والموارد النفطية ووضع المناطق المتنازع عليها التي لم تتم تسويتها. ويتبادل البلدان ايضًا تهمة دعم حركات متمردة على اراضي كل منهما.
لكن الوضع ازداد سوءًا في نيسان/ابريل عندما استولى جنوب السودان طوال عشرة ايام على منطقة هجليج النفطية على حدود ولايتي الوحدة وجنوب كردفان.
وتتسم هذه المنطقة بأهمية استراتيجية في نظر الخرطوم. فالسودان الذي خسر ثلاثة ارباع موارده من النفط الخام بعد تقسيم البلاد، كان يستخرج من حقل هجليج نصف انتاجه قبل المواجهات الاخيرة.
من جهتها، افادت وسائل الاعلام السودانية الرسمية أن الرئيس عمر البشير زار الجمعة مدينة تلودي الاستراتيجية في ولاية جنوب كردفان قرب الحدود مع دولة جنوب السودان، والتي تشهد منذ اشهر مواجهات بين الجيش السوداني والمتمردين.
وامضى البشير نهار الجمعة في تلودي بحسب المصادر نفسها، وقال إثر ادائه صلاة الجمعة في مسجد تلودي الكبير مخاطبًا جنوده quot;إننا إذ نصلي اليوم الجمعة في تلودي نأمل ان نصلي الجمعة القادمة في كاوداquot;، بحسب ما نقلت عنه وكالة الانباء الرسمية.
وتقع كاودا على بعد حوالي 100 كلم الى الشمال من تلودي.
واضاف البشير: quot;جئنا لنؤكد لاهل تلودي أننا معهم وسنقود حملة لتحرير وتطهير السودان من العملاء الذين باعوا بلدهم (...) وعهدنا بكم أن يأتي قائد الفرقة ويبلغنا برفع التمام باخلاء ولاية جنوب كردفان من كل آثار للتمردquot;.
وتشهد ولايتا جنوب كردفان والنيل الازرق الحدوديتان مع دولة جنوب السودان منذ الصيف الفائت معارك بين الجيش السوداني ومجموعات متمردة سبق لها وأن قاتلت في صفوف القوات السودانية الجنوبية خلال الحرب الاهلية (1983-2005) التي انتهت باتفاق سلام أفضى العام الماضي في تموز/يوليو الى انفصال الجنوبيين وولادة دولة جنوب السودان.
من جهة اخرى، ستقوم المفوضة العليا للامم المتحدة لحقوق الانسان نافي بيلاي بزيارتها الاولى الى جنوب السودان من 8 الى 12 ايار/مايو الجاري.
من ناحيتها، اعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش أن عشرات القتلى سقطوا في غارات جوية شنها الجيش السوداني على جنوب كردفان في جنوب البلاد واسفرت كذلك عن تهجير آلاف المدنيين من منازلهم التي دمرتها الغارات، واصفة هذه الهجمات بـquot;جرائم حربquot;.
وقالت المنظمة في تقرير نشرته اثر عودة بعثة اوفدتها الى المنطقة في نيسان/ابريل إن الجيش السوداني ارتكب quot;جرائم حربquot; بشنه هذه الهجمات quot;العشوائيةquot; على منطقة جبال النوبة.
واوضحت هيومن رايتس ووتش أن بعثتها زارت المنطقة وتحققت من الغارات شبه اليومية ورصدت تدميرًا لمخازن الحبوب وخزانات المياه اضافة الى حالات اعتقال عشوائي واغتصاب.
وقالت ليسلي ليفكو مديرة قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، والتي كانت في عداد البعثة، إن quot;المدنيين في جنوب كردفان عاشوا 11 شهرًا من الرعبquot;، مؤكدة أن quot;هناك اطفالاً تم بتر اطرافهم ونساء تم اغتصابهن والكثير من الناس لا يعلمون ما اذا كان اقاربهم الذين اعتقلتهم القوات الحكومية لا يزالون على قيد الحياة ام لاquot;.
وجمعت بعثة هيومن رايتس ووتش شهادات تؤكد أن الغارات الجوية استهدفت مناطق لا تضم على ما يبدو أي منشآت عسكرية وليس فيها أي تواجد للمتمردين. واكد التقرير أن هذه الغارات كانت quot;كثيفةquot; على مناطق البورام وام دورين وحيبان وهي مناطق زارتها بعثة هيومن رايتس ووتش.
واضاف التقرير أنه في منطقتي التيس والتروجي قام جنود حكوميون بتدمير خزانات مياه ومستودعات حبوب، واعتبرت ليسلي ليفكو أن هذا القصف العشوائي quot;هدفه على ما يبدو تجويع المدنيين في جبال النوبةquot;.
التعليقات