واشنطن: تشهد قاعدة غوانتانامو اليوم توجيه الاتهام إلى خالد الشيخ محمد الباكستاني الأصل الذي تتهمه السلطات الأميركية بأنه العقل المدبّر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول وأربعة من أعوانه المفترضين.

يأتي الاتهام بعد تسعة أعوام من إلقاء القبض على الشيخ محمد، الذي يعتقد أنه كان مسؤولاً عن تحضير وتنفيذ هذه الهجمات، التي استهدفت نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا، والتي أودت بحياة نحو ثلاثة آلاف شخص.

كما ستوجّه الاتهامات إلى كل من اليمني رمزي بن الشيبة والباكستاني علي عبد العزيز علي واثنين آخرين هما وليد بن عطاش ومصطفى الهوساوي، وجميعهم يواجهون عقوبة الإعدام.

تأتي هذه الخطوة الحاسمة بعد أكثر من 10 سنوات على هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كما تأتي في الذكرى السنوية الأولى لمقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي تبنى هذه الهجمات. ومن بين أكثر من 200 صحافي رشحوا لحضور جلسات المحاكمة، تم اختيار 60 منهم لتغطية الوقائع من داخل قاعة المحكمة، في حين سيتمكن 30 آخرين من متابعة الحدث من قاعدة فورت ميد في ولاية ميريلاند، حيث سيتم نقل وقائع الجلسات.

وقال المتحدث باسم البنتاغون تود بريسيل وفقًا لما أورده راديو سوا اليوم إنه quot;منذ إصلاح المحاكم العسكرية الاستثنائية في العام الماضي ارتفع عدد وسائل الإعلام التي تذهب إلى غوانتانامو لتغطية جلسات الاستماع بنسبة تزيد على ثلاثة أضعاف مقارنة بأعلى مستوى سجل سابقًاquot;.

من جهته قال كبير المدعين العامين الجنرال مارك مارتينز إنه quot;من المهم للغاية أن تكون هناك شفافيةquot; من خلال نقل جلسات الاستماع على التلفزيون وبثّ المرافعات على الانترنت، وعبر حضور وسائل الإعلام. كذلك ستتمكن عائلات الضحايا من متابعة جلسات المحاكمة عبر شاشات عملاقة، سيتم نصبها لهذه الغاية في أربع قواعد عسكرية على الأراضي الأميركية.

في هذا الشأن قال تيري غرين العضو في منظمة quot;عائلات 11 سبتمبر من أجل غد مسالمquot; لوكالة الصحافة الفرنسية إنها كانت تفضل لو تقرر إجراء المحاكمات أمام محكمة حق عام لأن quot;الوصول إليها أسهل للعائلاتquot;، ولأنها محاكم quot;أثبتت جدارتهاquot; في تولي قضايا الإرهاب. وكان الرئيس أوباما يريد أن تتم محاكمة المتهمين الخمسة في مانهاتن على بعد خطوات قليلة من quot;غراوند زيروquot;، حيث كان برجا مركز التجارة العالمي... ولكن الجمهوريين في الكونغرس منعوه من تحقيق رغبته هذه، عبر حظرهم نقل المتهمين بقضايا إرهابية إلى الأراضي الأميركية.

خالد شيخ محمد quot;العقل المدبرquot; المتعجرف للهجمات

خالد شيخ محمد (47 سنة) الذي يمثل السبت امام محكمة في غوانتانامو، متعجرف ومستفز كرس حياته من اجل الجهاد ضد الغرب وقام في سبيل ذلك بتدبير اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر التي يؤكد بفخر مسؤوليته عنها quot;من الالف الى الياءquot;.

ولد خالد شيخ محمد، المعروف ب quot;كاي.اس. امquot; وهي الاحرف الاولى من اسمه بالابجدية الانكليزية، في 24 نيسان/ابريل 1965 في الكويت لعائلة متواضعة اصلها من بلوشستان في باكستان. وانضم في سن ال16 الى جماعة الاخوان المسلمين التي تشرب بافكارها المتشددة.

وقد بدات كراهيته للولايات المتحدة خلال وجوده في كارولينا الشمالية (جنوب شرق) التي انتقل اليها عام 1983 للدراسة قبل ان يغادرها عام 1986 مع شهادة دبلوم في الهندسة الميكانيكية.

وروى احد واضعي سيرته الذاتية وهو ريتشارد مينيتر لفرانس برس انه عاش في الولايات المتحدة quot;في دائرة مغلقة جدا من العرب القادمين من الكويتquot;.

والسبب في حقد هذا الباكستاني، القصير القامة، على quot;الشيطان الاكبرquot; الاميركي هو سياسته الموالية لاسرائيل.

وجاء في تقرير للمخابرات الاميركية ان quot;تجربته المحدودة والسلبية في الولايات المتحدة التي تخللها دخوله السجن لفترة بسبب عدم تسديد فواتير مالية كان لها بالتاكيد دور كبير في سلوكه طريق الارهابquot;.

وقد جذبه الجهاد ضد الاحتلال السوفياتي لافغانستان فتوجه الى شمال باكستان حيث التقى كما جاء في تقرير اللجنة الاميركية حول اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر عبد رب الرسول سياف احد قادة المجاهدين الافغان الذي اصبح مرشده.

وقد ساعده وجود شقيقه في مرتبة جهادية عالية ومستوى تعليمه quot;الذي اعطاه قيمة كبيرةquot; في عيون الاسلاميين في سرعة الانضمام الى صفوف هؤلاء وفقا لمؤلف كتاب quot;ماسترمايندquot;.

وبقي خالد شيخ محمد في افغانستان حتى 1992 انتقل بعدها الى البوسنة للقتال ضد الصرب.

وقد اتاح له عمله بعد ذلك في في وزارة الكهرباء والماء في قطر المساعدة في تمويل اول اعتداء على مركز التجارة العالمي الذي خطط له قريبه رمزي يوسف الذي فجر شاحنة صغيرة مفخخة في الطابق السفلي لاحد ناطحتي السحاب ما ادى الى سقوط قتيل ونحو الف جريح.

كان هذا الحدث هو الذي لفت اليه انظار اسامة بن لادن. وروى مينيتر ان quot;بن لادن ادرك ان لوجود هذا الرجل الصغير الحجم الشديد المراس اهمية كبرى في تحويل القاعدة الى منظمة ضخمةquot;.

وهكذا سرعان ما شارك خالد شيخ محمد، الاب لستة ابناء يعيشون اليوم في فقر مع زوجته في ايران، في كل اعتداء او محاولة اعتداء كبيرة للقاعدة.

وفي هذا الاطار وضع مع رمزي يوسف انطلاقا من مانيلا مخططا لتفجير 12 طائرة تجارية اميركية فوق المحيط الهادئ في ما يعرف ب quot;مخطط بويينكاquot; الذي احبط بعدما اجتاح حريق احد مخابىء القاعدة ما سمح للشرطة في الفيليبين بضبط جهاز كمبيوتر يحتوي هذه المخططات.

في 1996 التقى اسامة بن لادن في افغانستان واطلعه، وفقا لشهود، على المخطط الذي تحول الى هجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001. وبالنسبة لشيخ محمد فان اختيار البرجين التوأمين في نيويورك كان امرا بديهيا: اذ يجب النجاح فيما فشل فيه قريبه بسبب عدم استخدام قنبلة قوية.

ويرى العديد من خبراء الاستخبارات انه لا يمكن ان يكون رجلا واحدا وراء كل هذه المخططات.

ويقول تيري ماكدرموت الذي شارك جوش ماير في كتابة quot;ذي هانت فور كي اس امquot; انه quot;بالتاكيد رجل شديد الذكاء لكنه ليس عبقريا ولم يفعل المستحيلquot;.

ويقول مينيتير انه يسمى quot;المختارquot; في الاوساط الجهادية. ويبدو ان هذا الرجل quot;المتعجرف والمغرورquot; حسب واضعي سيرته هو الذي قطع quot;بيده اليمنى المباركةquot; رأس مراسل صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; دانيال بيرل الذي خطف في باكستان عام 2002.

وبعد عملية مطاردة طويلة اعتقل عام 2003 quot;نتيجة وشاية صديق قديم له من اجل المالquot; وفقا لماكدرموت.

وبعد ان وضع لثلاث سنوات في سجن سري تابع للسي ايه ايه نقل في ايلول/سبتمبر 2006 الى غوانتانامو حيث خضع ل183 عملية ايهام بالغرق واساليب استجواب عنيفة اخرى كما جاء في تقرير للسي.اي.ايه.

وخلال مثوله للمرة الاولى امام جلسة محاكمة عام 2008 قام هذا الرجل المستفز quot;المضحكquot; باطلاق طائرة ورقية في القاعة.

وقال بفخر quot;انا المسؤول عن عملية 9/11 من الالف الى الياءquot; مؤكدا انه يريد ان يموت quot;شهيداquot; في سبيل الجهاد.