باريس: نادرا ما اثار رئيس فرنسي هذا القدر من الاستياء، فبعد ان حقق فوزا ساحقا في انتخابات 2007 اراد ساركوزي ان يحدث quot;قطيعةquot; مع الماضي في فرنسا لكن ذلك اصطدم باسلوب ممارسته السلطة، ولو اقر باخطائه لم يكن ليشك يوما في قدرته على العودة مجددا الى سدة الرئاسة.

ومنذ اشهر ترجح استطلاعات الرأي هزيمة ساركوزي في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية امام خصمه الاشتراكي فرنسوا هولاند. لكن حتى اللحظة الاخيرة لا يريد ساركوزي ان يفقد الامل. وقال الرئيس الفرنسي عشية الاقتراع quot;ستفاجأونquot;.

ويرى ساركوزي نفسه بانه quot;القبطانquot; وسط عاصفة، الوحيد القادر على تفادي فرنسا سيناريو على غرار اليونان وعلى quot;حمايةquot; الفرنسيين.

وللفوز في هذه الانتخابات اقر ساركوزي باعتماد لهجة حدة او بالادلاء بتصريحات شديدة اللهجة منذ بداية ولايته، جعلته يبدو وكأنه quot;رئيس الاغنياءquot;.

وساركوزي الشخصية المتحدية سعى لاستمالة اليمين المتطرف كما لم يسبق لاي رئيس محافظ ان فعل من قبل. ويتهمه اليسار بانه quot;شعبويquot; فرد على هذه الاتهامات بالقول انه يدافع عن quot;البسطاءquot; وquot;الافراد العاديينquot; امام النخب.

والحملة التي قال انه خاضها quot;بشراسةquot; كانت قاسية وارهقته. لكن ساركوزي يهاجم كل quot;من يحاول ان يلقنه درساquot;.

وقد حقق نيكولا ساركوزي دو ناغي بوكسا (57 عاما) المتحدر من اب مجري مهاجر وام باريسية محامية، حلمه واصبح رئيسا لفرنسا.

وتجاوز ساركوزي كل العقبات التي اعترضت مسيرته بما انه لم يكن ينتمي لا الى البرجوازية القديمة ولم يتخرج من المعاهد الفرنسية العريقة.

حتى ان الرئيس السابق جاك شيراك قال ان لهذا الرجل الطموح والنشيط quot;ارادة لا حدود لها للعمل (...) لا يشك في اي شىء وخصوصا في نفسهquot; لتحقيق اهدافه.

وساركوزي رجل لا يهدر الوقت ويتخطى العقبات التي تعترض طريقه، فقد انتخب في سن ال28 رئيسا لبلدية نويي وفي ال34 نائبا وفي ال38 رئيسا للوزراء لاول مرة وفي ال52 رئيسا للجمهورية.

وعند وصوله الى سدة الحكم في ايار/مايو 2007 بحصوله على 53 بالمئة من اصوات الناخبين بعدما وعد quot;باصلاح فرنساquot;، كان يتمتع بشعبية لا مثيل لها منذ عهد الرئيس شارل ديغول.

وقال حينذاك quot;لا يحق لي ان اخيب الامالquot;، لكنه اصبح بعد ذلك الرئيس الاقل شعبية في فرنسا.

وقال المحلل السياسي ستيفان روزيس من معهد كاب quot;الاهم هو الطريقة التي جرد فيها السياسة من قدسيتها وحور وظائف الرئيس ليضعها في خدمة شخصه وما يأخذه عليه الفرنسيون هو اسلوبه في التعاملquot;.

ولساركوزي اسلوب خاص به يحاول من خلاله قلب كل المعايير والمقاييس.

ومنذ توليه الرئاسة اثار سلوك ساركوزي صدمة، ففور انتخابه احتفل في فوكيتس على جادة الشانزيليزيه بفوزه وامضى اجازة على يخت رجل اعمال ثري.

وعندما تطلق من زوجته سيسيليا اعلن عن علاقته بعارضة الازياء كارلا بروني مما اعطى للفرنسيين انطباعا بانه مهتم بسعادته الشخصية اكثر من مصيرهم. وفي سابقة في فرنسا، تزوجا خلال ولايته الرئاسية ورزقا بابنة تدعى جوليا، هي رابع ولد له.

كما اثارت رغبته في العمل على كل الجبهات استياء الفرنسيين. وحتى داخل معسكره اثار استياء باصلاحاته وتصريحاته العديدة ردا على اخبار صغيرة تتعلق بمنحرفين جنسيا او بالغجر.

ويشيد انصاره بنشاطه وارادته، وهذا التصميم يدفعه في 2011 الى الوقوف وراء التدخل العسكري الدولي في ليبيا او فرض حلول لتفادي افلاس النظام المصرفي في 2008.

كما يشيد انصاره بquot;شجاعتهquot; لاتخاذ تدابير غير شعبية quot;لاعطاء دفع لفرنساquot;، انطلاقا من اصلاح نظام التقاعد الى الحد الادنى من الخدمة في وسائل النقل في حال الاضراب في وقت يواجه ازمة غير مسبوقة.

وقال برونو جانبار من معهد اوبينيون واي للاستطلاعات quot;بدأ عددا اكبر من الاصلاحات من تلك التي انجزها حتى النهاية لكنه حاول تطبيق اصلاحلات لم يتجرأ اسلافه على اطلاقهاquot;.

لكن العدد الكبير من الافراد غير الراضين الذين آمنوا بمبدأه quot;العمل اكثر لجني مال اكثرquot; من دون ان يروا زيادة قدرتهم الشرائية، يأخذون عليه عدم الوفاء بالوعود التي قطعها بشأن مكافحة التفاوت وعدم تقديم امتيازات ضريبية للاغنياء. كما ينتقدونه لانه لم يقم بخطوات كافية لتفادي زيادة نسبة البطالة التي وصلت الى مستوى قياسي.

كما يتهمه معارضوه بانه ساهم وحتى النهاية في انقسام المجتمع الفرنسي ان كان الامر يتعلق بالاسلام او التمييز بين العمال او quot;المعاونينquot;.

وطيلة ولايته الرئاسية اعلن ساركوزي بانه تغير وتعلم، لكنه اكد انه في حال لم ينتخب مجددا رئيسا سيعتزل العمل السياسي. وقال quot;ساستخلص الدروس من هزيمتيquot;.