باريس: تمثلت أبرز الشواغل التي أعرب عنها المشاركون في مؤتمر اليونسكو بشأن اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي نُظِّم بتونس العاصمة في يومي 4 و5 أيار(مايو) في حماية المكاسب التي تحققت بعناء في مجال حرية الصحافة، وتحسين سلامة الصحافيين، ووضع حد للجرائم التي تُرتكب بحقهم من دون عقاب. وقد شارك أكثر من 700 شخص من حوالى 90 بلداً في هذا المؤتمر الذي اختُتم اليوم باعتماد وثيقة إعلان قرطاج.
وتولت افتتاح المؤتمر المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، التي أشادت بدور وسائل الإعلام الاجتماعية في التحولات الاجتماعية التي شهدتها تونس، وشجعت صانعي القرارات ومهنيي وسائل الإعلام وقادة المجتمعات المحلية على المحافظة على الزخم الذي اكتسبته حرية الصحافة.
وصرحت المديرة العامة ما يلي: quot;أظهرت تجربة تونس أن الظروف التي يجتمع فيها توق المواطنين إلى الحرية وقوة وسائل الإعلام الجديدة يمكن أن تفضي فعلاً إلى تحويل المجتمعات. ويمثل ذلك توجّها في غاية الحداثة يرتكز ارتكازاً كبيراً على النزعة الإنسانية في ما يخص واقع المجتمعات العصريةquot;.
وأجرى خبراء تابعون لعدد من وسائل الإعلام البارزة والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص مناقشات مستفيضة طيلة انعقاد المؤتمر تناولوا فيها مختلف المسائل التي أثارها نشوء وسائل الإعلام الجديدة، بما في ذلك مسألة الأطر القانونية، والانتفاع بالمعلومات والتكنولوجيا، والتدريب، والمعايير، والأخلاقيات، وسلامة الصحافيين.
كما أجرى المشاركون خلال الجلسة الأخيرة للمؤتمر التي اتسمت بطابع حيوي مناقشات دينامية تطرقوا فيها إلى التحديات التي تواجهها وسائل الإعلام التونسية في إطار عملية الانتقال إلى الديمقراطية.
وشدد المندوبون في إعلان قرطاج على المحطة التاريخية التي احتُفل فيها باليوم العالمي لحرية الصحافة هذا العام، ولا سيما في المنطقة العربية. وصرحوا أنه من المهم تدعيم الثقافة والقوانين والممارسات الصحافية التي تؤدي دوراً أساسياً في حماية الحريات التي اكتُسبت بعناء، وهو أمر يبرِز ما تم التعبير عنه من شواغل بشأن هشاشة هذه الحريات خلال المؤتمر.
ودعا المندوبون جميع الجهات المعنية إلى بناء بيئة مؤاتية لوسائل الإعلام الحرة والمستقلة في مجال التحرير والتعددية، ولا سيما في البلدان التي هي بصدد الانتقال إلى الديمقراطية، وإلى تدعيم أسس هذه البيئة. كما شددوا على أهمية مبادرة مهنيي وسائل الإعلام والمواطنين الصحافيين إلى اعتماد نهج يقوم على أسس أخلاقية في إطار عملهم، وهو أمر وصفوه بأنه عامل رئيسي في الكشف عن الحقائق المحرفة، وتعزيز حقوق الإنسان، ومكافحة التعصب، وتسليط الضوء على ممارسات الفساد، والتصدي للاستبداد.
وتم التشديد أيضاً على الحاجة إلى تحويل وسائل الإعلام التي تعود ملكيتها إلى الدولة والحكومة إلى وسائل إعلام تُعنى بالخدمة العامة وإلى تقديم الضمانات التي تكفل الاستقلالية التامة لهذه المؤسسات. وجرى كذلك تسليط الضوء على ضرورة ضمان القانون لاستقلالية الهيئات المعنية بتنظيم وسائل الإعلام وصون دورها في تعزيز تنوع وسائل الإعلام، والحرص على إجراء التعيينات في هذه الهيئات وفقاً لمعايير الشفافية وعلى أساس عامل الكفاءة.
وفي ما يخص مسألة سلامة الصحافيين، يحث إعلان قرطاج الحكومات بوجه خاص على quot;بناء بيئة حرة وآمنة للصحافيين والعاملين في مجال الإعلام والمنتجين المعنيين بوسائل الإعلام الاجتماعية لتمكينهم من الاضطلاع بأنشطتهم الصحفية من خلال وسائل الإعلام التقليدية أو الجديدة، وعلى دعم عملية تنفيذ خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحافيين ومسألة الإفلات من العقابquot;.
ودُعيت اليونسكو بموجب إعلان قرطاج إلى مواصلة عملها في مجال مكافحة الإفلات من العقاب، وذلك بوسائل عدة تشمل بوجه خاص تنفيذ خطة العمل المشتركة بين وكالات الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحافيين ومسألة الإفلات من العقاب. كما دُعيت المنظمة إلى أن تطلب من الدول الأعضاء فيها إعداد تقارير عن حالة التحقيقات المتعلقة بأعمال العنف المرتبكة بحق العاملين في وسائل الإعلام وغيرهم من الأشخاص الذين يسهمون في الصحافة الرامية إلى خدمة الصالح العام، مع ضمان اتسام هذه التقارير بالشفافية.
وتجدر الإشارة إلى أن الاحتفالات الخاصة باليوم العالمي لحرية الصحافة بدأت في تونس العاصمة في 3 أيار(مايو) مع حفل منح جائزة اليونسكو/غييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة إلى الصحافي الأذربيجاني عين الله فاتواللاييف. واستضاف حفل تسايم الجائزة فخامة الرئيس التونسي، الدكتور المنصف المرزوقي، الذي تعهّد بضمان عدم انتهاك ما تم اكتسابه من حريات خلال الثورة التي شهدتها تونس في العام الماضي.
التعليقات