موسكو: فلاديمير بوتين الذي كان رجل استخبارات ثم موظفا كبيرا غير معروف تحول مع صعوده السريع الى رأس الدولة، الى زعيم متسلط لا يبدو مستعدا للتخلي عن زمام الحكم في روسيا بعدما نجح في تغيير وجهها خلال 12 عاما.

وبعد انتخابه رئيسا في اذار/مارس، بعد ان شغل منصب الرئاسة ثماني سنوات ورئاسة الوزراء اربع سنوات، تم تنصيبه رسميا الاثنين في حفل ضخم في الكرملين حيث اعتبر ان ولايته حاسمة quot;لمصير روسيا في العقود المقبلةquot;.

لكن بوتين لا يبدو مستعدا لاي تسوية مع المعارضين الذين تمكنوا للمرة الاولى هذا الشتاء من تعبئة حشود ضخمة ضده. وفرقت الشرطة الاحد حشدا كبيرا تجمع للتنديد بعودة بوتين الى الكرملين ما اثار صدامات اسفرت عن جرح العشرات.

وسعى بوتين بعناد وحدة الى تشويه سمعة معارضيه الذين نددوا بحصول عمليات تزوير في الانتخابات واصفا اياهم بالقرود وبالعملاء للغرب يسعون الى ضرب quot;الاستقرارquot; السائد في روسيا بعد فوضى التسعينيات.

وشدد كل من بوتين وديمتري مدفيديف الذي اولاه قيادة الكرملين طوال اربع سنوات بسبب عجزه عن الحكم اكثر من ولايتين متتاليتين بعد رئاسته بين 2000 و2008 على ان اسس النظام لن تتغير.

وقال مدفيديف في اواخر نيسان/ابريل quot;كل هذا اقيم ليستمر طويلاquot;، علما انه سيحتل منصب رئاسة الوزراء خلفا لبوتين.

وتحدث بوتين البالغ 59 عاما عن امكانية حكمه البلاد لولايتين متعاقبتين حتى العام 2024.

وهذا طمأن انصار الرجل القوي الثاقب النظرة الذين يعتبرونه quot;منقذاquot; للبلاد.

وقال المسؤول في الحزب الحاكم سيرغي جيليزنياك مؤخرا ان quot;فلاديمير فلاديميروفيتش اثبت عدة مرات انه قادر على حل اي مشكلة، حتى في اسوأ الظروفquot;.

وان كان بوتين تمكن من اخراج البلاد من مستنقع ما بعد الحقبة السوفياتية بفضل الموارد النفطية، فان الثمن لقاء ذلك كان هو نفسه، اي الصرامة حتى حدود العنف احيانا.

ويفخر بوتين بانه لم يستسلم قط quot;للارهابيينquot; الشيشان، بالرغم من مقتل مئات الابرياء في هجمات فاشلة في اثناء قضيتي الرهائن في مسرح دوبروفكا في موسكو (2002) ومدرسة بيسلان (2004).

مستندا الى جهاز الاستخبارات والشرطة والجيش والمقربين منه في سان بطرسبورغ مسقط رأسه عمد بوتين الى السيطرة على الاوليغارشيين اي رجال الاعمال الذين لعبوا دورا رئيسيا في اثناء ولاية الرئيس الاسبق بوريس يلتسين.

وكان مصير البعض المنفى، فيما سجن رئيس شركة يوكوس النفطية ميخائيل خودوركوفسكي وتم اخضاع الاخرين.

كما سيطرت الدولة على التلفزيونات على غرار قطاعات كاملة من اقتصاد يعاني من انعدام الشفافية والفساد.

ويحرص بوتين الذي يتقن الجودو على اعطاء صورة الرجل quot;القاسيquot; فيظهر في صور عاري الصدر على ظهر جواد او مساهما في اخماد حريق عبر قيادة طائرة متخصصة او مجربا بندقية كلاشنيكوف.

اما حياته الخاصة وعلاقته مع زوجته وابنتيه، فلا يعرف عنهما شيء.

وقالت الصحافية ماشا غيسن صاحبة كتاب نقدي عن حياته بعنوان quot;بوتين، رجل بلا وجهquot; انه quot;امضى حياته في الكاي جي بي، اي في السرية. وعندما بات شخصية سياسية عامة تمكن من صياغة تاريخه، وما صاغه هم تاريخ رجل قاس جداquot;.

بحسب مذكرات مدرسته سابقا التي نشرت عام 2004 فان بوتين لطالما احب اسلوب القوة. فعند تأنيبه في عامه الرابع عشر بعد ان كسر ساق احد زملائه قال quot;البعض لا يفهم بالكلامquot;.

لكنه دخل السياسة عام 1991 بصورة اصلاحي وانضم الى فريق رئيس بلدية سان بطرسبورغ بعد عمله طويلا في الكاي جي بي وعلى الاخص في المانيا الشرقية (1985-1990).

وحين انضم بوتين عام 1996 الى ادارة يلتسين الذي كان سكيرا ومريضا، حذر من اقامة نظام قبضة حديدية.

وقال في مقابلة ان quot;هذه الطمأنينة ستزول سريعا، وهذه القبضة ستبدأ في خنفناquot;.

وبوريس يلتسين، اول رئيس روسي منتخب ديموقراطيا، هو الذي انتشل بوتين من منصب رئيس جهاز اف اس بي الذي خلف كي جي بي، ليعينه رئيسا للوزراء.

وحينما استقال يلتسين عشية العام 2000 عين بوتين رئيسا.

بوتين يقترح مدفيديف لتولي رئاسة الحكومة

واقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاثنين امام البرلمان ترشيح سلفه ديمتري مدفيديف لتولي رئاسة الحكومة، حسبما نقلت وكالات الانباء عن رئيس الدوما (مجلس النواب) سيرغي ناريشكين.

واضافت الوكالات ان بوتين الذي لا يزال يتولى رئاسة الحكومة حتى ظهر الاثنين، قدم استقالته من المنصب بعد ادائه اليمين الدستورية رئيسا للبلاد.

وسيبدأ مدفيديف الذي انهى للتو ولاية من اربع سنوات في الكرملين، عملية تعيينه على راس الحكومة الاثنين عبر لقائه قادة المجموعات البرلمانية في مجلس النواب.

ويتوقع ان يعقد مجلس النواب جلسة استثنائية اعتبارا من الساعة 11,00 ت غ الثلاثاء يفترض ان يتاكد في ختامها دون صعوبة تعيين مدفيديف رئيسا للوزراء.

وبقي ديمتري مدفيديف خلال فترة رئاسته في ظل فلاديمير بوتين الذي اضطر الى مغادرة الكرملين في 2008 لان الدستور يحظر تسلمه اكثر من ولايتين رئاسيتين متتاليتين.

واعلن الرجلان منذ الخريف انهما سيتبادلان منصبيهما مع الانتخابات الرئاسية في اذار/مارس التي فاز فيها بوتين بغالبية 64 في المئة من الاصوات منذ الدورة الاولى.