الهجوم الانتحاري كان يستهدف فرقًاتتدرب على استعراض عسكري

يشير الهجوم الانتحاري الذي أوقع اكثر من 90 قتيلا ونحو 300 جريح في صنعاء يوم الاثنين إلى أن فرع تنظيم القاعدة في اليمن تمدد بعيدا خارج دائرة نفوذه في الجنوب ليثبت قدرته على الوصول إلى أهداف عسكرية حساسة في العاصمة نفسها.


لندن: كان الهجوم الذي أوقع أكثر من 90 قتيلا ونحو 300 جريح يوم الاثنين في العاصمة اليمنية صنعاء، استهدف جنودا يتدربون استعدادا لاستعراض عسكري حيث كاد يقتل وزير الدفاع ايضا، اشد الهجمات الارهابية التي عرفها اليمن تدميرا منذ سنوات، وتزامن مع استمرار القتال الذي يخوضه مسلحون يرتبطون بالقاعدة للدفاع عن رقعة ارض سيطروا عليها حديثا في الجنوب، في تحدٍ مباشر لحكومة صنعاء المدعومة اميركيا بشن حرب عصابات شرسة ضد قواتها.

وتنظر إدارة اوباما إلى فرع القاعدة في اليمن على انه الخطر الرئيس الذي يهدد الولايات المتحدة. وكان تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية مسؤولا عن مؤامرة لتفجير طائرة متوجهة إلى ديتروت عام 2009 وعن مخطط في عام 2010 لارسال طرود ملغومة إلى شيكاغو بطائرات شحن ومحاولة فاشلة لارسال انتحاري على متن طائرة غربية متوجهة إلى الولايات المتحدة في نيسان (ابريل) الماضي.
وردت الولايات المتحدة بتصعيد ضرباتها الجوية في اليمن حيث نفذت 21 غارة على عناصر القاعدة منذ كانون الثاني (يناير)، وتوسيع دور فرق العمليات الخاصة الأميركية في تدريب الجيش اليمني ومده بالمعلومات الاستخباراتية في عملياته العسكرية ضد مواقع المسلحين في الجنوب.

وكان هجوم يوم الاثنين تذكيرا، من بعض النواحي، بأعمال العنف التي شهدتها باكستان ردا على تحالف اسلام آباد مع الولايات المتحدة ضد الجماعات الارهابية. واشار الرئيس اوباما إلى أوجه الشبه في تصريحات اطلقها في شيكاغو خلال القمة الأطلسية.

وقال اوباما ان اليمن اخذ يستدرج الكثير من العناصر الذين كانوا يقاتلون سابقا في منطقة القبائل شمال غربي باكستان حيث ينشط تنظيم القاعدة. واضاف quot;اننا سنواصل العمل مع الحكومة اليمنية لنحاول الكشف عن قيادة تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية وعملياته ونحاول احباطهاquot;.

وكان منفذ هجوم الاثنين جنديا يشارك في التدريب على استعراض عسكري في ساحة السبعين وسط صنعاء. وقال مسؤولون امنيون إنه فجر نفسه في حوالى الساعة العاشرة صباحا حين كان الجنود يقفون تحية للنشيد الوطني قبل ان يلقي وزير الدفاع كلمة في الجنود بدقائق. ويُعتقد ان الوزير وغيره من كبار القادة العسكريين لم يُصابوا في الهجوم وان غالبية القتلى هم من الجنود.

واكد تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية مسؤوليته عن الهجوم في بيان أُرسل إلى وكالة رويترز وجاء فيه ان الهجوم نُفذ للثأر مما سماه الحرب الاميركية على عناصره في جنوب اليمن. وقال إنه حاول اغتيال وزير الدفاع وقادة عسكريين كبار حضروا لمتابعة التدريب على الاستعراض متوعدا بمزيد من الهجمات.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين امنيين اميركيين إنهم يقرون بمصداقية إعلان تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية مسؤوليته عن الهجوم ولكن خبراء وكالة المخابرات المركزية والاجهزة الاستخباراتية الأخرى ما زالوا يدرسون المعلومات المتوفرة عن الهجوم.

ويرى محللون ان الهجوم يمكن ان يعكس حدوث تغير جغرافي في استراتيجية التنظيم. فعلى امتداد أشهر ظلت صنعاء عمليا بمنأى عن العنف الذي تشهده مناطق أخرى من اليمن مثل الجنوب حيث يستهدف تنظيم القاعدة ضباط الجيش والمسؤولين الامنيين. وفي الاسابيع الأخيرة شنت قوات الجيش اليمني هجوما واسعا على مواقع المسلحين بمساعدة مدربين ومستشارين اميركيين وطائرات من دون طيار اميركية.

وقال بروس هوفمان الخبير في الجماعات الارهابية في جامعة جورجتاون لصحيفة واشنطن بوست ان هجوم الاثنين يبين أن ذراع تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية اطول مما كان يُعتقد في السابق. واضاف ان تمكن التنظيم من اختراق القوة الأمنية الأولى المسؤولة عن حماية البلد quot;يتحدث مجلدات عن قدراته ومساره وهو يؤكد ان الجماعة تزداد قوة لا ضعفاquot;.

وتتولى السيطرة على مداخل صنعاء وكل طريق رئيس داخل المدينة عمليا، قوات عسكرية تتمركز في نقاط تفتيش. واثار هجوم الاثنين مخاوف من ان يكون عناصر آخرون في تنظيم القاعدة اخترقوا الجيش المنقسم بسبب الاحتقانات السياسية الناجمة عن الانتفاضة اليمنية العام الماضي. ويعبر مثل هذا الاختراق مقترنا بتزايد استخدام الانتحاريين، عن تكتيكات استخدمها التنظيم في بلدان اخرى مثل افغانستان والعراق وباكستان ومؤخرا في سوريا.

ويواجه اليمن بوصفه افقر بلدان المنطقة معضلات ومشاكل متعددة بينها تفاقم نقص التغذية وأزمة ماء حادة.
وفي ساحة السبعين يوم الاثنين كانت الدماء وقطع ممزقة من الملابس العسكرية تغطي الطريق الذي كان الجنود يصطفون فيه عندما وقع الهجوم. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن الرائد خالد الهيمي أن كل شيء حدث بسرعة كبيرة. واضاف quot;كنا نقف في نهاية شارع السبعين عندما سمعنا الانفجار ورأينا اشلاء الجنود تتطاير في الهواءquot;.

وقال الجندي الجريح ماجد الحاج (22 عاما) متحدثا من سريره في المستشفى quot;ان الانفجار حدث وسط اللواء، وكنا واقفين في النهاية فأصابتنا الشظايا فيما قُتل الذين كانوا يقفون في الوسط والمقدمةquot;.

وكان من المقرر ان يجري الاستعراض العسكري الثلاثاء احتفالا بذكرى الوحدة وان يحضره الرئيس عبد ربه منصور هادي. وتعهد الرئيس هادي منذ توليه مقاليد الرئاسة من علي عبد الله صالح هزم تنظيم القاعدة وانهاء نشاطه المسلح في اليمن. ولكن الرئيس يسعى ايضا إلى احتواء الصراع بين الموالين للرئيس السابق صالح وخصومه.

واكد هادي بعد هجوم الاثنين تصميمه على مواصلة القتال ضد تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية. واعلن quot; ان الحرب على الارهاب سوف تستمر حتى يتم استئصاله والقضاء عليه نهائيا مهما كانت التضحياتquot;.

ولكن الرئيس اوباما اشار إلى ان مثل هذه الهجمات لن تستدرج الولايات المتحدة إلى توسيع دورها في النزاع اليمني. وحرصت الإدارة على ان تؤكد ان الدور الاميركي ينحصر في تقديم الاستشارة إلى القوات اليمنية ولن تنجر إلى نزاع هو اقرب للحرب الأهلية. وقال اوباما ان احد الدروس التي تعلمتها الولايات المتحدة من خبرة افغانستان هي quot;مواصلة التركيز على قضية مكافحة الارهاب والعمل مع الحكومة وألا نتمدد بافراطquot;.